عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 15-09-2015, 03:25PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -




باب المحرم يأكل من صيد الحلال


[249] الحديث الأول :
عن أبي قتادة الأنصاري ( أن رسول الله خرج حاجاً فخرجوا معه فصرف طائفة منهم - فيهم أبو قتادة – وقال : خذوا ساحل
البحر حتى نلتقي فأخذوا ساحل البحر فلما انصرفوا أحرموا كلهم إلا أبا قتادة فلم يحرم فبينما هم يسيرون إذ رأوا حمر
وحش فحمل أبو قتادة على الحمر فعقر منها أتاناً فنزلنا فأكلنا من لحمها ثم قلنا : أنأكل لحم صيد ونحن محرمون ؟
فحملنا ما بقي من لحمها فأدركنا رسول الله ﷺ فسألناه عن ذلك ؟ فقال منكم أحد أمره أن يحمل
عليها أو أشار إليها ؟ قالوا :لا قال : فكلوا ما بقي من لحمها ) وفي رواية ( قال هل معكم منه شيء ؟ فقلت
نعم فناولته العضد فأكل منها ) .



موضوع الحديث :
أن المحرم يحرم عليه ما صاده بنفسه أو صاده محرم غيره أو صاده حلالٌ لأجله


المفردات
قوله خرج حاجاً : حكموا على هذا بالوهم إذ أن النبي ﷺ لم يحج إلا في السنة العاشرة بعد الفتح بسنتين وبعض
الثالثة وعلى هذا فيحمل قوله حاجاً على أنه أراد الاسم اللغوي إذ أن الحج قصد بيت الله الحرام لأداء النسك
سواء كان حجاً أو عمرة وعلى هذا فالاعتمار يسمى حجاً لغة هذا توجيه هذه الكلمة وإلا فيحكم على قائلها بالوهم

قوله فصرف طائفة منهم فيهم أبو قتادة وقال خذوا ساحل البحر حتى نلتقي : قوله فصرف أي حوّل طائفة منهم إلى
طريق الساحل وذلك أن النبي ﷺ بلغه أن طائفة من المشركين قد اجتمعوا في مكان ما يريدون صده

قوله فلما انصرفوا أحرموا كلهم : أي جميع الرفقة التي كانت مع أبي قتادة إلا أبا قتادة فلم يحرم
قوله إذ رأوا حُمُرَ وحش : الحُمُر الوحشية حُمُر مستوحشة بطبيعتها وهي حلالٌ دون الحُمُر الأهلية
فعقر أتاناً : وهي الأنثى من الحُمُر


قوله منكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها قالوا لا قال فكلوا ما بقي من لحمها وفي هذا إشارة إلى أن
ما سأل عنه هو الذي يمنع الإباحة

العضد :هو الكتف أي ما فوق المفصل الذي في وسط يد الدابة


المعنى الإجمالي
حينما سافر النبي ﷺ سفره للحديبية وكان يقصد العمرة فخرج معتمراً ومعه الهدي فبلغه أن قوماً بساحل البحر
يترصدون له فأرسل جماعة من الصحابة لاكتشاف الخبر وصد العدو إن كان فأحرموا وبقي أبو قتادة وفي أثناء
طريقهم وجدوا حُمُر وحش فحمل أبو قتادة على واحد منها فقتله فأكلوا منه ثم حصل عندهم شك فأخذوا بقيته وساروا
حتى وجدوا رسول الله ﷺ فسألهم هل منكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها قالوا لا قال فكلوا .



فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث عدة مسائل
أولاً:أنه لا يجب الإحرام إلا على من قصد النسك أما من لم يقصد النسك
فلا يجب عليه ولذلك كان أبو قتادة غير محرم

ثانياً: يؤخذ منه تحريم الصيد على المحرم لقوله تعالى (وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً ) [المائدة : 96 ]
ثالثاً: أن من صاد شيئاً من صيد البر عامداً وجب عليه الجزاء

رابعاً : اختلف أهل العلم في صيد المحرم على ثلاثة أقوال : أحدها أنه ممنوع مطلقاً صيد لأجله أو لا وهذا مذكور عن
بعض السلف كما ذكر ذلك ابن دقيق العيد وهو مأثور عن علي بن أبي طالب وعثمان رضي الله عنهما
كما ذكر ذلك الصنعاني في العدة وأقول : إن هذه القصة إن صحت على أن في السند علي بن جدعان وعلي بن جدعان إن
كان هو فهو ضعيف ثم إن القصة تشير إلى أن الحارث الذي كان أميراً على مكة استقبل عثمان حين علم أنه يريد
الحج فلقيه بِقُديد أي على مرحلتين أو ثلاث ومعه شيء من الحجل وطعام فدل هذا على أنه كان صيد من أجل
عثمان وما صيد لأجل المحرم فهو حرام على المحرم لحديث الصعب بن جثّامة الذي سيأتي فتبين على أن هذا القول
لا يخرج عن القول الثاني على الصحيح فيما أرى

القول الثاني: أنه ممنوع على المحرم إن صاده هو أو صيد لأجله سواء كان بإذنه أو بغير إذنه قال وهو مذهب مالك
والشافعي وأحمد وإسحاق وأقول : وأصحاب الحديث دليله حديث أبي قتادة وحديث الصعب بن جثامة الذي سيأتي بعد هذا .


والقول الثالث: أنه إن كان باصطياده أو بإذنه أو بدلالته حرم وإن كان على غير ذلك لم يحرم وأقول : إن الفرق
بين الثاني والثالث أنه إن صيد لأجله كان محرماً على القول الثاني أذن فيه أو لم يأذن أما على القول الثالث فإنه لا يحرم إلا
إذا صيد بإذنه أما لو صيد لأجله لكن بغير إذنه فلا يحرم هذا الذي يظهر أنه هو الفرق والقول الثاني هو
القول الصحيح الذي تؤيده الأدلة وقد دلّ عليه حديث جابر رضي الله عنه عن النبي _ ( قَالَ صَيْدُ الْبَرِّ لَكُمْ حَلالٌ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ
مَا لَمْ تَصِيدُوهُ أَوْ يُصَدْ لَكُمْ ) .



خامساً
: يدل حديث أبي قتادة أن المحرم إذا أشار على الصيد للحلال أو أعان عليه بشيء حرم عليه لقوله ( هل أشار
إليه أحد منكم قالوا لا ) وقد ورد في بعض طرق هذا الحديث أن أبا قتادة ركب فرسه وأخذ رمحه فسقط منه السوط
بعد أن ركب فقال لرفقته ناولوني السوط فأبوا فنزل فأخذه ثم ركب فشد على الحُمُر فقتل منها أتاناً


سادساً
: تدل الروايات على أنهم أكلوا من لحم ذلك الحمار ثم شكوا فتركوا أكله حتى يلتقوا بالنبي ﷺ وفيه دليل
على أن الاجتهاد في زمنه ﷺ جائز .

سابعاً: ما ذكر من امتناعهم عن مناولته السوط دال على أن رسول الله ﷺ كان قد علّمهم ذلك قبل سفرهم
وهو دليل على أن النبي ﷺ بلّغ ما أُنزل إليه من ربه وفقّه أصحابه في الدين صلوات ربي وسلامه عليه .



.--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf






.


رد مع اقتباس