
11-09-2015, 05:45PM
|
عضو مشارك - وفقه الله -
|
|
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
|
|
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
باب الغسل للمحرم
[237] الحديث الأول:
عن عبدالله بن حنين أن عبدالله بن عباس والمسور بن مخرمة اختلفا بالأبواء فقال ابن عباس يغسل المحرم رأسه وقال
المسور لا يغسل رأسه قال فأرسلني ابن عباس إلى أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه فوجدته يغتسل بين القرنين وهو
يستتر بثوب فسلمت عليه فقال من هذا فقلت أنا عبد الله بن حنين أرسلني إليك ابن عباس يسألك كيف كان
رسول الله يغسل رأسه وهو محرم فوضع أبو أيوب يده على الثوب فطأطأه حتى بدا لي رأسه ثم قال لإنسان يصب
عليه الماء اصبب فصب على رأسه ثم حرك رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر ثم قال هكذا رأيته يغتسل . وفي رواية
فقال المسور لابن عباس لا أماريك بعدها أبدا .
موضوع الحديث :
حكم غسل المحرم
تراجم الرواة : عبدالله بن عباس هو ابن عم الرسول ﷺ وقد دعا له الرسول ﷺ بقوله ( اللهم فقهه في
الدين وعلمه التأويل ) وكان يلقب بالبحر والحبر لكثرة علمه هاجر به أبوه في السنة السابعة وهو غلام توفي النبي
ﷺ وهو ابن ثلاث عشرة سنة كما روى ذلك عن نفسه أخرجه البخاري في الأدب المفرد سكن في آخر عمره
مكة ثم تحول إلى الطائف وتوفي عام 68هـ
المفردات
الأبواء :قرية بين مكة والمدينة وهي التي توفيت بها أم النبي ﷺ
قوله بين القرنين : فسر المؤلف هذه
الكلمة والمراد بها الخشبتين اللتين يشد عليهما العمود المعترض وهو الذي يسمى العرش تشد فيه البكرة لمن أراد
أن يبرح بالدلو
قوله وهو يستتر بثوب : يعني أنه كان يغتسل وعليه إزار وله ثوب يستره ومعه من يصب عليه الماء
قوله فطأطأه : أي نزل الثوب الذي يستره حتى بدا لعبدالله بن حنين رأسه ثم قال لإنسان يصب عليه الماء أصبب فصب على رأسه
قوله ثم حرك رأسه : أي حركه بيديه ليدخل الماء فيه
لا أماريك : أي لا أجادلك
المعنى الإجمالي
تحاور عبدالله بن عباس والمسور بن مخرمة في الغسل للمحرم هل يغسل المحرم رأسه أم لا وموضع الشبهة فيه
أنه لو حرك شعر رأسه لأمكن أن يكون متسبباً في سقوط بعض الشعر فجاء عبدالله بن حنين إلى أبي أيوب فوجده
يغتسل فقال له أرسلني إليك ابن عباس يسألك كيف كان رسول الله ﷺ يغتسل فقال للذي يصب عليه الماء أصبب
بعد أن طأطأ الثوب الذي يستره حتى بدا رأسه ثم حرك رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر ثم قال هكذا رأيته صلى أي يفعل
فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث جواز التماري والتحاور في حال الإحرام وهو الجدال الخفيف الذي لا يثير ضغائن
ولا يؤدي إلى تشاحن ويحمل ما ورد في الآية على الجدال الذي يؤدي إلى تشاحن أو سباب أو ما أشبه ذلك والآية هي
قول الله تعالى { فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ } [البقرة : 197]
ثانياً : أن رأي الصحابي لا يكون ملزماً لصحابي آخر إلا إذا أيد أحد الرأيين بالدليل كما حصل
هنا فقد تأيد رأي ابن عباس بالدليل ودل على فقهه
ثالثاً :رأي الصحابي يكون حجة بثلاثة شروط
الأول : أن لا يعارضه نص مرفوع
الثاني:أن لا يعارضه رأي صحابي آخر
الثالث:أن لا يكون مخالفاً لما علم من عمومات الشرع
رابعاً :إذا تعارض رأي صحابي مع رأي صحابي آخر فإذا كان الصحابي الآخر قد دل دليل عام أو خاص على تقدمه
في أمر ما قدمه النص ولذلك فقد قدم أهل العلم رأي زيد بن ثابت في الفرائض لقول النبي ﷺ (وَأَفْرَضُهُمْ
زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ) وربما قـدم رأي معاذ وإن كان لم يطل عمره وقد توفي قديماً في عام ثماني عشرة فإن وجد رأيه
مخالفاً لرأي غيره في الحلال والحرام قدم رأيه لما جاء في الحديث (وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ
كما أنه يقدم تفسير ابن عباس على غيره لأن النبي ﷺ دعا له أن يعلمه الله التأويل أما النص العام في تخصيص
بعض الصحابة كقوله ﷺ ( فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا
بِالنَّوَاجِذِ) فإذا اختلف رأي صحابي مع صحابي آخر وكان أحدهما من الخلفاء ولم يكن في المسألة نص عن
النبي ﷺ فإنه يقدم رأي أحد الخلفاء فإن كان هناك نص أخذ بالنص كما حصل في مسألة التمتع بالحج
ونهي أبي بكر وعمر عنه فلما كان رأيهما مخالفاً لما ثبت عن النبي ﷺ قال ابن عباس يوشك أن تنزل عليكم حجارة
من السماء أقول لكم قال رسول الله ﷺ وتقولون قال أبو بكر وعمر .
خامساً :جواز الاغتسال للمحرم وغسل رأسه وقد حكى الإجماع على جواز ذلك إن كان الغسل واجباً كغسل الجنابة
أو الاغتسال من الحيض فإن كان الغسل للتبرد والترفه ففيه خلاف بين أهل العلم ذهب الشافعي إلى جوازه وزاد أصحابه
ولو غسل رأسه بالسدر والخطمي وقال مالك وأبو حنيفة عليه الفدية إن غسل رأسه بالخطمي وما في معناه ولعل القول
الأول هو الأصح
سادساً :جواز الاغتسال أمام الناس إذا كان مستور العورة لأن قول أبي أيوب لمن يصب عليه أصبب دال على أن هذا
الذي يصب عليه ينظر إلى جسمه وهذا يدل على أنه مستور العورة إذ يستحيل أن أبا أيوب يقول له أصبب وهو مكشوف العورة
سابعاً :جواز السلام على المتطهر بخلاف من يكون على قضاء الحاجة
ثامناً :جواز الاستعانة في الطهارة والاستعانة إما أن تكون في الطهارة بالصب والدلك وإما أن تكون في تحصيل ماء
الطهارة فأما الأول ففيه خلاف والصحيح جوازه لأن النبي ﷺ صب عليه المغيرة بن شعبة وصب عليه أسامة بن زيد
في حجة الوداع إلى غير ذلك أما القول بكراهته فليس عليه دليل صحيح بل الأدلة فيه ضعيفة أو موضوعة منها
حديث ( أنا لا أستعين على وضوئي بأحد ) فهذا حديث ضعيف لأنه من رواية النضر بن منصور عن أبي الجنوب قال
النووي حديث باطل وقال الدارمي قلت لابن معين النضر بن منصور عن أبي الجنوب وعن ابن أبي معشر قال
هؤلاء حمالة الحطب ومنها حديث( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ _ لا يَكِلُ طُهُورَهُ إِلَى أَحَدٍ) أخرجه ابن ماجه والدارقطني وفيه
مطهر بن الهيثم وهو ضعيف أما الاستعانة في تحصيل ماء الطهارة فهو ثابت عن النبي ﷺ وعن أصحابه كما
في حديث عثمان بن عفان (فدعا بوضوء) وفي حديث علي بن أبي طالب حين كان برحبة الكوفة وهناك أدلة أخرى
تدل على جوازه ولا أعرف من خلالها خلافاً .
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
,
|