عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 26-08-2015, 10:04PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم



تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




[224] الحديث الخامس :
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال لما قدم رسول الله ﷺ وأصحابه مكة فقال المشركون إنه يقدم عليكم
قوم وهنتهم حمى يثرب فأمرهم النبي ﷺ أن يرملوا الأشواط الثلاثة وأن يمشوا ما بين الركنين ولم يمنعهم أن
يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم .



موضوع الحديث :
الرمل المشروع في طواف القدوم


المفردات
قوله لما قدم رسول الله ﷺ وأصحابه مكة فقال المشركون : الذي يظهر أن الفاء هنا فاء السببية أي
بسبب ذلك قال المشركون .

قوله إنه يقدم عليكم : فعل مضارع من قدم يقدم من باب فرح يفرح ومصدره قدوماً
قوله وهنتهم حمى يثرب : أي أنهكتهم وأضعفتهم وقد كانت المدينة كثيرة الحمى فلما قدم المهاجرون من قريش
وتأثروا بحمى يثرب دعا النبي ﷺ ربه بأن ينقل حمى المدينة إلى الجحفة (فَقَالَ اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ
أَوْ أَشَدَّ وَصَحِّحْهَا وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا وَانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بِالْجُحْفَةِ ) وجاء في الحديث أن النبي ﷺ
قال (قَالَ رَأَيْتُ كَأَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ ثَائِرَةَ الرَّأْسِ خَرَجَتْ مِنَ الْمَدِينَةِ حَتَّى قَامَتْ بِمَهْيَعَةَ وَهِيَ الْجُحْفَةُ فَأَوَّلْتُ أَنَّ وَبَاءَ الْمَدِينَةِ
نُقِلَ إِلَيْهَا )

فأمرهم النبي ﷺ أن يرملوا الأشواط الثلاثة : الرمل شدة الحركة في المشي هكذا نقل عن القاضي عياض
وقال الجوهري هو الوثب الخفيف وهو ضرب من السير بين المشي السريع والسعي .

أن يرملوا الأشواط الثلاثة : الذي يظهر أن التخصيص بالأشواط الثلاثة إنما كان في حجة الوداع أما الأمر الأول الذي
في عمرة القضاء فقد أمرهم بالرمل ما بين ركن الحجر إلى الركن اليماني لكن في حجة الوداع أمرهم أن يرملوا
الأشواط الثلاثة الأول فقط.

قوله إلا الإبقاء عليهم : أي عدم التكليف أو التحريج عليهم


المعنى الإجمالي
لما قدم النبي ﷺ وأصحابه في عمرة القضاء قال المشركون هذه المقالة فيما بينهم وأطلع الله نبيه ﷺ
على ذلك فأمرهم أن يرملوا فلما رأتهم قريش قالوا ما هؤلاء إلا كالغزلان فصارت سنة.



فقه الحديث
يؤخذ من هذا الحديث مشروعية الرمل في الأشواط الثلاثة الأول فإن قيل فما فائدة بقاء الرمل وقد نصر الله نبيه ﷺ
وذهب العدو الذي كان يريد لهم الضعف والجواب أن الله عز وجل أبقى هذه السنة لحكمة كما أبقى سنناً وأحكاماً
ذهب سبب شرعيتها وبقيت تلك الأحكام ليتذكر كل من طبق هذه الشرعية أو هذا الحكم ليتذكروا السبب الذي وجد
به ويتذكروا من وقع السبب على يديه من الأنبياء وأتباعهم


فمناسك الحج أبقاها الله من آثار نبيه وصفيه
وخليله إبراهيم وأهل بيته فالسعي مثلاً شرع ليكون فيه ذكرى لأم إسماعيل وإسماعيل ورمي الجمار شرع ليتذكر به الناس
ذلك الإمام الموحد الذي أمره الله عز وجل أمراً بواسطة الرؤيا أن يذبح ابنه الوحيد بعد ما شاخ وهو في
بلد الغربة بالمهاجر بحاجة إلى الأنصار والأعوان ولكن ذلك لم يصده عن امتثال أمر ربه أولاً بتركه وأمه في ذلك الوادي
وبين تلك الجبال الموحشة ففعل ذلك ثقة بربه وإيماناً بوعده وتوكلاً عليه ولما تركهما وتبعته هاجر تقول يا إبراهيم إلى
من تتركنا هاهنا في هذا الوادي الذي ليس فيه أنيس ولا شئ وهو لا يجيبها ولا يلتفت إليها حتى قالت
آلله أمرك بهذا قال نعم ولم يكن قلب إبراهيم من تلك القلوب الحجرية التي لا ترأف ولا ترحم ولكنه صبر منقطع النضير
فلما قال لها ذلك قالت إذا لا يضيعنا وهذا غاية التوكل الذي قد يعجز عنه فحول الرجال وأراد الله أن يجعل
من تلك الأسرة العظيمة الإيمان الكبيرة المعنى القوية التوكل ذكرى لعباده

وكذلك لما أراد ذبح ابنه أيضاً اعترضه
الشيطان وفي كل مرة يرميه بالحجر حتى يسيخ وفي المرة الثالثة لم يتحول عن مكانه بل حاول التنفيذ فصرع ابنه عازماً
على التنفيذ أن يفعل ما أمره الله به من الذبح له فناداه جبريل من ورائه يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك
نجزي المحسنين وفديناه بذبح عظيم فما بقاء الرمل في طواف كل قدوم إلا ذكرى من هذه الذكريات التي
جعلها الله عنواناً على ما قدمه الخُلَص من عباده من التضحيات في سبيله حتى كانوا مضرب المثل في التوكل والإيمان
وبالله التوفيق .


.--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf






.




رد مع اقتباس