عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 24-08-2015, 01:10PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-




باب ما يجوز قتله

[219] الحديث الأول :
عن عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله ﷺ قال : (خمس من الدواب كلهن فاسق يقتلن في الحرم الغراب والحدأة
والعقرب والفارة والكلب العقور ) ولمسلم ( يقتل خمس فواسق في الحل والحرم ) .



موضوع الحديث :
بيان ما يجوز قتله في الحل والحرم وفي حالة الإحرام من الدواب والطير



المفردات
قوله خمس من الدواب : جمع دابة والدابة هو ما يدب على الأرض قد تأتي في لسان الشرع عامة للطير وما سواه
ومن ذلك قوله تعالى (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَْرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ )
[هود : 6] وقد يفرد أحياناً فيجعل نوعاً آخر مع الدواب كقوله تعالى (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ
بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ) [الأنعام : 38] ففي الآية الأولى أدخل الطير في عموم الدواب لأنه إذا سقط على الأرض دبّ عليها .


قوله كلهن فاسق : الفسق لغة هو الخروج يقال فسقت الحبة إذا خرجت من قشرتها وشرعاً الخروج عن طاعة
الله وطاعة رسوله ﷺ.

قوله يقتلن في الحرم وفي رواية في الحل والحرم :أي يجوز قتلهن ولا يمنع قتلهن في الحرم ولا في الإحرام .


قوله الغراب …إلخ:تفصيل من العدد الأول والغراب نوع من الطيور معروف والحدأة : طير يختطف بعض الأشياء قد يكون من اليد

العقرب : معروفة تلدغ بمؤخرها
الفأرة : نوع من الجرذان
والكلب العقور: أي المتصف بالعقر
قوله ولمسلم يقتلن خمس فواسق في الحل والحرم : يجوز على رواية الإضافة فتح فواسق وعلى رواية التنوين ضمها وإعراب الضم خمسُ مبتدأ وهي نكرة سوغها للابتداء الوصف بفواسق وفواسق خبر


المعنى الإجمالي
أخبر النبي ﷺ خبراً يتضمن الأمر أن خمساً من الدواب كلهن يتصف بالفسق لذلك فإنه يباح قتلهن في الحل والحرم
والإحرام ثم بين تلك الخمس بقوله الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور فقوله الغراب وما بعده هو تفصيل
للعدد الأول ويعرب إعرابه



فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من الحديث أن هذه الخمس يجوز قتلهن في الحل والحرم والإحرام لما اتصفنّ به من الإيذاء وإن
كان الإيذاء فيهن مختلف قد يكون بعضهن أشد من بعض



ثانياً : يؤخذ من قوله خمس ثم أتى بهذه الأجناس الخمسة مع أنه قد ورد في بعض الروايات إضافة الحية والحية
أذيتها أشد فهل يقال أن جواز القتل مقصور على هذه الخمس أو أنه يتعدى كل واحدة منها إلى كل ما اتصف بالإيذاء
مما يشبه نوع إيذائها فمن أهل العلم من قصرها على هذه الخمس فقط ومنهم من توسع فعدّا هذا الحكم إلى
ما أشبهها في الإيذاء



ثالثاً : قال هؤلاء إنما خصت بالذكر لينبه بها على ما في معناها وأنواع الأذى مختلف فيها فيكون ذكر كل نوع منها على
جواز قتل ما فيه ذلك النوع (يعني من الأذى) فنبه بالحية والعقرب على ما يشاركهما في الأذى باللّسع كالبرغوث
مثلاً عند بعضهم ونبه بالفأرة على ما أذاه بالنقب والتقريض كابن عرس ونبه بالغراب والحدأة على ما أذاه
بالاختطاف كالصقر والباز ونبه بالكلب العقور على كل عاد بالعقر والافتراس بطبعه كالأسد والفهد والنمر .



رابعاً :العلة في جواز قتل هذه الأشياء في الحل والحرم والتي وصف كل واحد منها بأنه فاسق اختلف فيها قول الأئمة
فقال بعضهم العلة في ذلك الإيذاء وهذا القول محكي عن الإمام مالك ويذكر عن الشافعي أنه قال إنما أبيح قتلها لأنه لا يجوز
أكلها وكأنه والله أعلم أخذ ذلك من حكم الصيد حيث منع قتله في الحرم وفي حالة الإحرام في غير الحرم ولكن
الوصف بالفسق يدل على صحة ما ذهب إليه الإمام مالك رحم الله تعالى الجميع لأن تقديم الوصف بالفسق
دال على إباحة قتلها إنما هو لذلك .



خامساً : اختلف في الكلب العقور هل المراد به الكلب الإنسي المعروف إذا اتصف بالعقر وعلى هذا فيكون قتله مبني
على وصف بعد وصف فوصف الكلبية لا يبيح القتل بمجرده حتى يتصف بالعقر وذهب آخرون إلى أنه نبه بهذا الوصف
على كل ما اتصف بالعقر طبيعة كالسبع والنمر والفهد واستدل أهل هذا القول بأن النبي ﷺ لما دعا على عتبة
بن أبي لهب بأن يسلط الله عليه كلباً من كلابه فافترسه السبع فدل على تسميته بذلك .



سادساً : أخذ من قوله الكلب العقور أن من قتل ثم لجا إلى الحرم فإنه يقتل فيه ذلك لأنه ارتكب القتل عدواناً فاتصف
بالفسق بعدوانه ثم هو أولى بذلك من الحيوان غير المكلف فإذا كان الحيوان غير المكلف أبيح قتله لاتصافه بالعقر
فالإنسان المكلف إذا ارتكب الفسق هتك حرمة نفسه فكان أولى بهذا الحكم من الحيوان غير المكلف وهذا فقه دقيق
كما قال ابن دقيق العيد وهذا ليس عندي بالهين وفيه غور فلينتبه له أهـ ومعنى فيه غور أي فيه غوص على
العلل والمعاني التي توجب إلحاق شيء بشيء


.--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf






.


رد مع اقتباس