عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 22-08-2015, 06:57PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم



تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-




كتاب الحج
باب حرمة مكة

[217] الحديث الأول :

عن أبي شريح خويلد بن عمرو الخزاعي العدوي رضي الله عنه أنه قال لعمرو بن سعيد بن العاص وهو يبعث البعوث
إلى مكة ائذن لي أيها الأمير أن أحدثك قولاً قام به رسول الله ﷺ الغد من يوم الفتح فسمعته أذناي ووعاه قلبي وأبصرته
عيناي حين تكلم به أنه حمد الله وأثنى عليه ثم قال إن مكة حرمها الله تعالى ولم يحرمها الناس فلا يحل لامرئ
يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دماً ولا يعضد بها شجرة فإن أحد ترخص بقتال رسول الله ﷺ فقولوا إن الله قد أذن
لرسوله ولم يأذن لكم وإنما أذن لي ساعة من نهار وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس فليبلغ الشاهد الغائب
فقيل لأبي شريح : ما قال لك قال أنا أعلم بذلك منك يا ابا شريح إن الحرم لا يعيذ عاصياً ولا فاراً بدم ولا فاراً بخربة .



موضوع الحديث :
بيان حرمة مكة



المفردات
أولاً :أبو شريح صحابي أسلم قبل الفتح ولما جاء إلى النبي ﷺ وكان في الجاهلية يكنى أبا الحكم فسأله النبي
ﷺ عن سبب التكنية بأبي الحكم فقال إن قومي يختلفون فأحكم بينهم فيرضون بحكمي فكنوني بأبي
الحكم فقال له النبي ﷺ هل لك من أبناء قال نعم لي ثلاثة أبناء شريح وفلان وفلان فقال من أكبرهم قال شريح فقال
له النبي ﷺ فأنت أبو شريح أما اسمه فقد اختلف فيه على أقوال ذكرها ابن دقيق العيد وقال إنه توفي في المدينة
سنة ثمان وستين أنه قال لعمرو بن سعيد بن العاص قلت: عمرو بن سعيد بن العاص المعروف بالأشدق ولي الإمارة
على المدينة لمعاوية وابنه يزيد ثم طلب الخلافة لنفسه وغلب على دمشق فتلطف به عبد الملك ثم قتله غدراً

البعوث : جمع بعث وهو إرسال الجيش للقتال
قوله ائذن لي أيها الأمير : طلب الإذن من الأمير بالكلام من باب التلطف
قوله الغدَ من يوم الفتح : أي اليوم الثاني بعد يوم الفتح
قوله فسمعته أذناي : أسند السمع إلى الأذن وإنما هو لطبلة الأذن والأذن وعاء للسمع

قوله ووعاه قلبي : أي فهمه

وأبصرته عيناي حين تكلم به : هذا للتأكيد أي لتأكيد السماع ومباشرته له
أنه حمد الله وأثنى عليه : وهذا ما تستفتح به الخطب
قوله أن يسفك بها دماً : أي يريقه بالاعتداء على صاحبه
ولا يعضد بها شجرة : العضد القطع
قوله وإنما أذن لي ساعة من نهار : أي وقتاً محدداً
قوله وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس : يعني أن الأذن للنبي ﷺ انتهى وعادت الحرمة إلى مكة بانتهائه
قوله فليبلغ الشاهد الغائب : أي من حضر يبلغ من لم يحضر
فقيل لأبي شريح ما قال لك : أي بعد أن قلت له ما قلت
قال أنا أعلم بذلك منك : الأصل أن يكون قال أبو شريح قال عمرو أنا أعلم بذلك منك فحذف أحدهما وبقي الآخر
لا يعيذ عاصياً : لا يمنعه ولا يجيره من إقامة الحد عليه لو وجب وكذلك من فرّ بدم أو فرّ بخربة


قال الصنعاني أقول بخاء معجمة مفتوحة وكسر الراء وقال النووي هي بفتح الخاء المعجمة وإسكان الراء هذا هو
المشهور ويقال بضم الخاء أيضاً حكاها القاضي وصاحب المطالع وآخرون وأصلها سرقة الإبل وتطلق على كل خيانة
وفي صحيح البخاري أنها البلية وقال الخليل هي الفساد في الدين من الخارب وهو اللص المفسد في الأرض وقيل
هي العيب أ هـ من صحيح مسلم بشرح النووي جـ9 ص 137 .



المعنى الإجمالي
بينما كان عمرو بن سعيد بن العاص يبعث البعوث من المدينة إلى مكة في خلافة يزيد بن معاوية لقتال ابن الزبير أتاه
أبو شريح الكعبي الصحابي الجليل واستأذن بأن يحدثه ما قام به رسول الله ﷺ يوم فتح مكة أي بعد ذلك
بيوم وأنه قال إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها دماً ولا يعضد بها شجراً
فكان رد عمرو بن سعيد بن العاص عليه بأن قال أنا أعلم بذلك منك يا أبا شريح فعارض الحديث برأيه ولم يمتنع
عن إرسال البعوث لقتال ابن الزبير بل استمر على ذلك .



فقه الحديث
يؤخذ من الحديث عدة مسائل


أولاً: في قوله وهو يبعث البعوث إلى مكة يؤخذ منه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بتنبيه الغافل وتذكير الناسي
وتعليم الجاهل وقد كان أبو شريح يريد أن يمنع عمرو بن سعيد أو ينهاه عن بعث البعوث لقتال ابن الزبير في الحرم .



ثانياً : يؤخذ من قوله ائذن لي أيها الأمير مشروعية التلطف للأمراء والكبراء في
الكلام ليكون أدعى للقبول



ثالثاً : يؤخذ من قوله سمعته أذناي ووعاه قلبي …ألخ تأكيد حفظه لتلك
الخطبة وما حوته من أوامر ونواهي



رابعاً :يؤخذ من قوله حمد الله وأثنى عليه أن الخطبة ينبغي أن تبدأ بحمد الله والثناء عليه


خامساً :يؤخذ من قوله ثم قال إن مكة حرمها الله تعالى ولم يحرمها الناس يؤخذ منه أن تحريم مكة كان
أمراً من الله قضاءً منه يوم خلق السموات والأرض وأن إبراهيم عليه السلام إنما نسب إليه تحريمها
لأنه كان المظهر له والمشيع له في الناس



سادساً: في قوله ولم يحرمها الناس تأكيد لما قبله


سابعاً :في قوله ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دماً وهذا هو المناسب لما كان يعمله
عمرو بن سعيد لأن إرسال الجيش لقتال ابن الزبير في نفس الحرم يدل على استهانته لسفك الدماء في
هذا البلد المحرم



ثامناً :يؤخذ منه تحريم القتال في حرم مكة وقد اختلف أهل العلم فيما إذا بغى باغ وعاذ بمكة أو خرج بها أصلاً
أو جاء أناس من الكفار فاحتلوها هل يجوز قتالهم أم لا ؟ فمن أهل العلم من أجاز ذلك ومنهم من منعه وقال لا
يقاتلون ولكن يضيق عليهم والجمهور على جواز قتالهم إذا كانت المصلحة تقتضي ذلك



تاسعاً :قوله ولا يعضد بها شجره يؤخذ منه تحريم قطع شجر الحرم وهو مجمع عليه فيما نبت بنفسه ولم يكن
شوكاً واختلف فيما استنبته الآدمي فأجاز الجمهور قطعه ومنع ذلك بعض أهل العلم واختلفوا أيضاً في الشوك
وسيأتي في الحديث الذي بعد هذا



عاشراً : في قوله وإن أحد ترخص بقتال رسول الله ﷺ فقولوا إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم
فيؤخذ من هذا أنه لا يجوز الترخص قياساً على قتال النبي ﷺ



الحادي عشر : يؤخذ منه أن مكة فتحت عنوة وقد ذهب إلى ذلك الجمهور وقال الشافعي إنها فتحت
صلحاً وهذا خلاف ما ثبت في المغازي والسير وفي الأحاديث الصحيحة حيث قال النبي ﷺ (من
دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن ألقى السلاح فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن ) .



الثاني عشر :يؤخذ من قوله وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس أن حرمتها عادت بعد فتحها
ذلك اليوم وكان الحكم رفع ساعات من نهار ثم عاد إليها فهي حرام إلى يوم القيامة



الثالث عشر :يؤخذ من قوله فليبلغ الشاهد الغائب وجوب إبلاغ الأحكام الشرعية على من علمها
وأنه يبلغ من لم يعلمها وهذا الخطاب عام في كل أحكام الشريعة .



.--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf






.


رد مع اقتباس