عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 21-08-2015, 01:19PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله - ‏



بـــاب الفديــة

[216] عن عبد الله بن معقل قال :جلست إلى كعب بن عجرة فسألته عن الفدية ؟ فقال : نزلت فيّ خاصة وهي
لكم عامة حملت إلى رسول الله ﷺ والقمل يتناثر على وجهي فقال : ( ما كنت أُرى الوجع بلغ بك ما أرى – أو ما
كنت أٌرى الجهد بلغ بك ما أرى – أتجد شاة ؟ فقلت :لا فقال ( صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين
نصف صاع )

وفي رواية فأمره رسول الله ﷺ أن يطعم فرقاً بين ستة أو يهدي شاة أو يصوم ثلاثة أيام )


موضوع الحديث :
مشروعية الفدية لمن اضطر إلى فعل شيء من محظورات الإحرام



المفردات
فسألته عن الفدية فقال نزلت فيّ خاصة وهي لكم عامة يعني أن قصته التي حصلت له في غزوة الحديبية كانت هي
سبب النزول وهذا يؤيد ما قاله أهل الأصول العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب لأن قوله وهي لكم عامة يدل على أن
عمومات الكتاب والسنة لا تختص بمن نزلت فيه بل تكون لجميع الأمة .



قوله حملت إلى رسول الله ﷺ والقمل يتناثر على وجهي : الواو واو الحال يعني أن حالته المرضية كانت كذلك حيث
كان القمل يتناثر من رأسه على وجهه فقال ما كنت أٌرى بضم الهمزة وفتح الراء بمعنى أظن وأحسب ما كنت أرى الوجع
أي ما كنت أظن الوجع بلغ بك ما أرى أي بلغ بك الحالة التي اراها وارى الثانية بفتح الهمزة والراء بعدها ألف
مطوية وهي يعبر بها عن الرؤية البصرية والرأى أي ويعبر بها عن الرأى



الجَهد :بالفتح المقصود به المشقة والجهد بالضم المقصود به الطاقة يقول العبد أعمل جُهدي أي طاقتي وتجوز الحالتين
الفتح والضم وقرئ بهما في قوله تعالى ( وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ) ‏



قوله أتجد شاة : الهمزة للاستفهام الطلبي قال لا قال صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع وفي
الرواية الأخيرة فأمره رسول الله _ أن يطعم فرقاً بين ستة أو يهدي شاة أو يصوم ثلاثة أيام . الفرق مكيال يسع ثلاثة آصع نبوي.



المعنى الإجمالي
يخبر كعب بن عجرة أنه حمل إلى النبي ﷺ وهو مريض والقمل يتناثر على وجهه فأنزل الله في قصته آية الفدية
وهي قوله تعالى { فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ }[البقرة : 196 ]



فقه الحديث
أولاً:يؤخذ من الحديث أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب حيث قال هذا الصحابي الجليل نزلت فيّ خاصة
وهي لكم عامة .



ثانياً :يؤخذ من هذا الحديث أن من احتاج إلى فعل محظور كما حصل لكعب بن عجرة رضي الله عنه حيث احتاج إلى
حلق رأسه فإنه يجوز له أن يستحل هذا المحظور في مقابل فدية يقوم بدفعها كما هو موضح في الآية ففدية من صيام أو
صدقة أو نسك .



ثالثاً : أن هذه القصة يقاس عليها كل ما في معناها فمن احتاج إلى تغطية رأسه لضرر به جاز له ذلك وفعل الفدية على
حسب المستطاع ومثل ذلك من احتاج إلى لبس السروال لوجود ضرر يحصل له من المشي وهكذا يقال في سائر المحظورات



رابعاً : ذكر الله عز وجل الفدية مجملة حيث قال (فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ)


خامساً : بيّنت السنة الصيام والصدقة والنسك فالصوم ثلاثة أيام والصدقة إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف
صاع والنسك شاة على الأقل .



سادساً :هذه الفدية مخير فيها المحرم إن شاء نسك شاة وإن شاء أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع وإن شاء
صام ثلاثة أيام .



سابعاً :الدليل على كونها مخيرة أنها رتبت بأو في قوله تعالى (مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) وهذا يدل على أن مثل ذلك
لا يكون مرتباً وقد حكى بعض أهل العلم الإجماع على أن فدية المحرم إذا احتاج إلى استباحة شيء من المحظورات أنها
مخيرة وليست مرتبة .



ثامناً :ومما يدل على أنها مخيرة أن الله بدأ بالأقل أو الأخف كلفة وهو صوم ثلاثة أيام وذلك يدل على أنها مخيرة


تاسعاً: استشكل التخيير مع قوله أتجد شاة وقد ذكر في ذلك أوجه من التأويل والأقرب أن يقال أن النبي ﷺ أراد أن يأمره
بالأفضل أو يحثه عليه فلما نفى قدرته على نسك شاة أمره بأن يفعل واحداً من الاثنين التي هي الصيام أو الإطعام



عاشراً :يشترط في الشاة التي تقدم في الفدية أن تكون صالحة لأن يضحى بها من حيث السن وعدم العيوب .


الحادي عشر : قد وضح في الحديث مقدار الإطعام أنه لكل مسكين نصف صاع وذلك يكون ثلاثة آصع منقسمة
على ستة مساكين والثلاثة آصع هي فرق .



الثاني عشر : أن بعض أهل العلم أجرى هذا المقدار في كل إطعام يجب كإطعام الستين مسكيناً وكذلك العشرة
مساكين فجعلوا للمسكين الواحد نصف صاع وهو كيلو ونصف عند بعض أهل العلم أما بعضهم فإنه يجعل الصاع
كيلوين وربع والتقدير الأول على جعل الصاع ثلاثة كيلوات ولعل التقدير الثاني هو الأقرب إلى الصواب
لأنه أدق أي أكثر دقة وذهب بعض أهل العلم وهو الصواب في نظري إلى أن هذا المقدار في الإطعام إنما يكون في فدية استباحة
المحظور من محظورات الإحرام أما غيره ففيه مد واحد والمد على أكبر تقدير يكون كيلو إلا ربع لأنه
قد ثبت أن النبي ﷺ أعطى ذلك الرجل الذي وقع على امرأته في رمضان مكتلاً يسع خمسة عشر صاعاً وإذا قسمنا
خمسة عشر صاعاً على ستين مسكيناً يكون لكل مسكين مد وقد ورد مثل ذلك عن أربعة من الصحابة رواه مالك
في الموطأ .



الثالث عشر: نوعية الطعام الذي يقدم في مثل هذه الحالة هو الطعام الجيد الشائع في البلد والذي يعتبره
معظم الناس قوتاً في وقت الاختيار .



الرابع عشر :جعل الشارع ﷺ الصيام ثلاثة أيام بدلاً عن ثلاثة آصع فجعل اليوم بدلاً عن صاع أما في الإطعام
عن صيام رمضان فإنه جعل مقدار الإطعام الذي هو بدل اليوم مداً وهذا يدل على أن هذا الأمر يرجع فيه إلى التوقيف
عن الشارع



.--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf






.
رد مع اقتباس