عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 20-08-2015, 12:43AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -





[214] الحديث الثالث :
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن تلبية رسول الله ﷺ لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك إن
الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك قال وكان عبدالله بن عمر يزيد فيها : لبيك لبيك وسعديك والخير بيديك
والرغباء إليك والعمل



موضوع الحديث:
التلبية في الحج



المفردات
لبيك :معنى التلبية الاجابة أي ألبي أمرك بالفعل ونهيك بالترك سمعاً وطاعة لجلالك وامتثالاً لأمرك وفسره قوم بالإقامة
على الطاعة أخذاً من قولهم ألب بالمكان أي لزمه وأقام فيه والمعنى على هذا التفسير أنا ملازم لطاعتك مقيم عليها
لا أحيد عنها ولا أتركها ولعل المعنى الأول أوضح لكونه أسرع مبادرة إلى الذهن وهو إجابة لنداء إبراهيم عليه السلام
حين أكمل بناء البيت فأمره الله عز وجل أن يؤذن في الناس بالحج فقال يا رب كيف أؤذن ولا يسمعني
أحد فقال له ربه عليك الأذان وعليّ البلاغ فوقف على حجر المقام وقيل على جبل أبي قبيس ونادى يا أيها الناس إن الله
كتب عليكم الحج فحجوا فيقال أنهم أجابوه من أصلاب الرجال وأرحام النساء والمهم أن معنى لبيك إجابة لك بعد إجابة
فالتثنية للتكرار الغير متناهي أي أجيب دعوتك كل ما دعوت .

قوله لبيك لا شريك لك : هذا تقرير للتوحيد وتبرأُ وتنصل مما زاده المشركون الجاهليون بقولهم إلا شريكاً هو لك
تملكه وما ملك


قوله إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك : هذا فيه خلاف من أهل العلم من كسر همزة إن وتكون
الجملة ابتدائية ومن أهل العلم من فتحها وتكون الجملة تعليليه فكأنه قال لأن الحمد بجميع أنواعه وأسبابه وموجباته سواء
كان على الكمالات أو النعم فهو مستحق لك دون غيرك والنعمة اسم جنس كما أن الحمد اسم جنس أيضاً لك وحدك والملك
ملك جميع الكون الملك المطلق والملك المقيد كله لك لا شريك لك وقد انتظمت هذه الثلاثة الألفاظ جميع أجناس
الكمالات لله سبحانه وتعالى دون غيره فله الحمد المطلق وكل هذه هو مختص بها دون غيره ولهذا
قال لا شريك لك .


قوله لبيك وسعديك : القول في سعديك كالقول في لبيك بمعنى إني أُسعدك في أمرك ونهيك وتصديق خبرك إسعاداً
بعد إسعاد ومتابعة بعد متابعة وطاعة بعد طاعة

قوله والخير بيديك : أي الخير كله في يديك وهذا كقوله ( يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار
ليتوب مسيء الليل ) وكقوله ( أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماء والأرض فإنه لم يغض ما في يده ….) ‏

قوله والرغباء إليك والعمل :أي الرغبة في الثواب وفيما عندك من الخزائن في الدنيا والآخرة كلها إليك والعمل متوجه
إليك ومقصود به إياك كقوله (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) [الفاتحة : 5 ]



المعنى الإجمالي :
أمر الله سبحانه وتعالى عباده على لسان رسوله ﷺ معلم الخير وهادي البشرية أن يقرر الحاج تلبيته بالإحرام
بقوله لبيك اللهم لبيك هذه التلبية المتظمنة للتوحيد والتي تقرر العبودية لله وحده لا شريك له فقد جعلها النبي ﷺ
هي الموجبة للدخول في الإحرام .



فقه الحديث
أولاً:يؤخذ من هذا الحديث وجوب الطاعة لله رب العالمين في كل ما أمر ونهى وهذا هو ما يقرره الحاج على نفسه
بقوله لبيك اللهم لبيك ابتداءً بالتوحيد وانتهاءً بكل طاعة .



ثانياً :اختلف أهل العلم في حكم التلبية فذهب قوم إلى أنها سنة من السنن لا يجب بتركها شيء نسبه الصنعاني
إلى الشافعي وأحمد قلت:
أولاً : المعروف عند الحنابلة أنهم يجعلون التلبية من واجبات الحج ويجب بتركها دم .
ثانياً: أن التلبية واجبة يجب بتركها دم قال حكاه الماوردي عن ابن أبي هريرة من الشافعية وقال إنه وجد للشافعي نصاً يدل عليه .

قال وحكاه ابن قدامة عن بعض المالكية والخطابي عن مالك وأبي حنيفة .
ثالثاً :أنها واجبة لكن يقوم مقامها فعل يتعلق بالحج كالتوجه إلى الطريق وحكى ابن المنذر عن الحنفية
إن كبر أو هلل أو سبح ينوي بذلك الإحرام فهو محرم .
رابعاً : أنها ركن في الإحرام لا ينعقد بدونها حكاه ابن عبد البر عن المنذري وأبي حنيفة وأهل الظاهر قالوا هي نظيرة
تكبيرة الإحرام في الصلاة وهو قول عطاء أخرجه سعيد بن منصور بإسناد صحيح عنه قال التلبية فرض الحج
وحكاه ابن المنذر عن عطاء وطاووس وعكرمة وحكى النووي عن داود أنه لا بد من رفع الصوت قال الصنعاني
وما أجود قول داود مع صحة رفعه إلى النبي ﷺ بها وقوله (الحج العج والثج ) وقوله ( لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ فَإِنِّي
لا أَدْرِي لَعَلِّي لا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ) ‏



قلت :الاستدلال على وجوب رفع الصوت بهذا الحديث فيه نظر لأنه يصح أن يقدر الحج الكامل العج والثج ويصح
أن يقدر الحج الصحيح العج والثج ولوجود هذا الاحتمال فإنه لا يتعين المطلوب إلا إذا وجد ما يدل عليه من
كلام المعصوم ﷺ علماً بأن النية للحج هي ركن أما التلفظ بالتلبية فالظاهر منه الوجوب لأول مره وبعد
ذلك يكون سنة هذا ما يترجح لي والله أعلم بالصواب .




.--------


تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf






.


رد مع اقتباس