
17-08-2015, 09:22PM
|
عضو مشارك - وفقه الله -
|
|
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
|
|
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
بــاب المواقيت
[210] الحديث الأول :
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد
قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم. هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أوالعمرة .
ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة .
موضوع الحديث:
المواقيت المكانية
المفردات
قوله وقت : أي حدد فالتوقيت هو تحديد الشيء بالوقت سواء الوقت المكاني أو الزماني والمراد هنا المواقيت
المكانية بالنسبة للحج والعمرة
ذا الحليفة : مكان يبعد عن المدينة ستة أميال وهو ما يشتهر باسم أبيار علي
قوله الجحفة : مكان قريب من رابغ
وسميت الجحفة لأن السيل إجتحف أهلها في بعض الأزمنة وهي مهيعة وأهل العلم يقولون أنها تبعد عن
مكة ثلاث مراحل .
قال ولأهل نجد قرن المنازل : قرن المنازل ويقال قرن الثعالب جبل ومكان معروف يشتهر اليوم بالسيل أو وادي السيل
ويحاذيه وادي محرم لمن يأتي على طريق الهدى
ولأهل اليمن يلملم : يلملم واد ينزل من جبال الطائف وبني سعد ويمر غرباً حتى يصب في البحر الأحمر وهل
الاسم لهذا الوادي أو لجبل كان فيه في مكان يسمى بالسعدية ولقد بحثنا مع أهل تلك الجهة وسألنا فوجدناهم جميعاً
يذكرون أن اسم يلملم هو اسم للوادي وليس للمكان الذي كان معروفاً من قديم الزمان
ولقد كان قرر المفتي العام الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله قرر بأن يحاذى المكان المذكور بما يحاذيه على خط
الإسفلت المعبد وخرجت لجنة وقررت مكاناً وعمل فيه مسجد ثم بعد ذلك اقتنع الشيخ حفظه الله بأن الوادي هو
الميقات وأمر أن يعمل المسجد جنوبه وفعلاً نفذ هذا وكان بين التحديد الأول والثاني ما يزيد على عشرة كيلوات
ذلك لأن الوادي يتعرج بعد السعدية إلى جهة الجنوب ثم يعتدل غرباً وأهل تلك المنطقة يسمون الوادي لملم
بدون ياء وأخبرنا كثير منهم أن هذا الاسم لهذا الوادي من ضلوع الطائف كما يقولون إلى البحر .
قوله هن لهن : أي هذه المواقيت لأهل تلك الجهات ولقد أنكر ابن دقيق العيد رحمه الله لحوق ضمير المؤنث
في لهن وقال الأصل أن يقال هن لهم أي لأهل تلك الجهات قال وقد ورد ذلك في بعض الروايات
قلت: وللرواية المشهورة محمل صحيح وهو أن يقال هن ضمير للمواقيت ولهن ضمير للجهات والمراد به أهلها
قوله ولمن أتى عليهن من غير أهلهن :أي أن تلك المواقيت لا تختص بأهل تلك الجهات والنواحي فقط بل
لو أتى غيرهم عليها لزمه الإحرام منها .
قوله ممن أراد الحج أو العمرة : هذا تقييد للإطلاق للحج أو العمرة وأنه لا يلزم الإحرام إلا من أراد النسك .
قوله ومن كان دون ذلك : أي دون المواقيت وهو ما يكون بين المواقيت وبين مكة
فمن حيث أنشأ :أي فمن حيث خرج في سفره .
حتى : الظاهر أنها للغاية
أهل مكة : يحرمون من مكة .
المعنى الإجمالي
لقد يسر الله على عباده فجعل للإحرام مواقيت مكانية وهذا بالنسبة للعمرة لا حد فيه ولا تحديد بزمن أما بالنسبة للحج
فهو مقيد أيضاً بالمواقيت الزمانية وهي شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة وأخبر النبي ﷺ أن هذه المواقيت
لأهل تلك الجهات ولمن أتى عليها من غير أهلها ممن يريد الحج والعمرة أما من كان منزله من وراء المواقيت فيما
بينها وبين مكة فميقات كل منهم منزله حتى أهل مكة يحرمون من بيوتهم إذا أرادوا الحج أما إن أرادوا العمرة فهم يحرمون
من الحل وبالله التوفيق .
فقه الحديث
أولاً : يؤخذ من هذا الحديث ومن قوله وقت أن الإحرام مرتبط بمواقيت مكانية وهذا بالنسبة للحج والعمرة معاً
وهي الأماكن المذكورة ذا الحليفة والجحفة وقرن المنازل ويلملم وذات عرق لأهل العراق وهل وقتها رسول الله ﷺ
أو وقتها عمر على خلاف في ذلك ينبني على صحة الحديث المرفوع أو عدم صحته .
ثانياً : المواقيت الزمانية وهي مأخوذة من قوله تعالى (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ) [البقرة : 197]وهي شوال وذو القعدة
وذو الحجة أي عشر من ذي الحجة وهذا بالنسبة للحج فلا يصح الإحرام بالحج في غير هذه الأوقات ومن أحرم بالحج
فيها ولم يصل إلى مكة إلا في صباح يوم النحر فإنه يتحلل بعمرة وعليه الحج من قابل كما أفتى به أمير المؤمنين
عمر رضي الله عنه لأبي أيوب وهبار بن الأسود ويدخل في التوقيت أوقات زمانية ومكانية وهي يوم عرفة وليلة
مزدلفة وأيام منى .
ثالثاً : من مر على هذه المواقيت من غير أهلها وهو يقصد الحج أو العمرة لزمه أن يحرم من الميقات الذي مر
عليه لقول النبي ﷺ هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن .
رابعاً : من تجاوز الميقات بدون إحرام وهو يريد الحج أوالعمرة فإنه يلزمه واحد من أمرين
1- إما أن يعود إلى الميقات
2- أو يحرم من مكانه وعليه دم .
وللأئمة خلاف في هذه المسألة وهذا هو الراجح من أقوالهم الذي تؤيده الأدلة
خامساً : يؤخذ من قوله ممن أراد الحج أو العمرة أن من أتى إلى مكة ولم يرد حجاً ولا عمرة فإنه لا يلزمه الإحرام
وقد اختلف السلف في الحطابين والحشاشين والفكاهين الذين يدخلون إلى الحرم يومياً من خارجه يأتون ببضائع
يبيعونها ثم يعودون إلى منازلهم والقول الصحيح أنه لا يلزمهم إحرام لأنهم لم يقصدوا الحج ولا العمرة وقد علق الشارع ﷺ
وجوب الإحرام بإرادة الحج والعمرة .
سادساً : يؤخذ من قوله ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ أن من كان بين
المواقيت وبين مكة أن ميقاته منزله هذا إذا كان خارج الحرم
سابعاً : يؤخذ من قوله حتى أهل مكة من مكة أن من كان داخل الحرم فميقاته للحج من منزله أما للعمرة فأهل الحرم
يحرمون لها من الحل كما أمر النبي ﷺ عائشة حيث قال لأخيها عبد الرحمن أخرج بأختك إلى الحل ودعها تحرم
من هناك بعمرة .
ثامناً : اختلف أهل العلم في أهل مكة بالنسبة للعمرة هل يحرمون لها من بيوتهم أو من الحل فالجمهور على أنه
يجب عليهم أن يحرموا للعمرة من الحل كما سبق بيانه وخالف في ذلك بعض أهل العلم واستدلوا بحديث ابن عباس
هذا في قوله حتى أهل مكة من مكة وجعلوه عاماً للحج والعمرة والجمهور يجعلون ذلك للحج أما بالنسبة للعمرة
فيجعلون الإحرام لها من الحل ليجمعوا بين الحل والحرم وبالله التوفيق .
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf
.
|