عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 16-08-2015, 03:36AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم



تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




بـاب الاستسقــاء
الاستسقاء في اللغة : طلب سقيا الماء من الغير للنفس أو للغير
وشرعاً : طلبه من الله تعالى
عند حصول الجدب على هيئة مخصوصة .



[150] الحديث الأول :
عن عبدالله بن زيد بن عاصم المازني رضي الله عنه قال : خرج النبي ﷺ يستسقي فتوجه إلى القبلة يدعو
وحول رداءه ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة .

وفي لفظ إلى المصلى .


موضوع الحديث:
الاستسقاء وما ينبغي أن يفعله فيه الإمام والناس وكيف تصلى صلاته



المفردات
يستسقي : يطلب السقيا من الله تعالى
فتوجه إلى القبلة يدعو: أي استقبلها وجعل يدعو
قوله وحول رداءه :الرداء هو ما يجعله الرجل على كتفيه وتحويله قلبه ليكون الظهر بطناً والبطن ظهراً
واليمين شمالاً والشمال يميناً

قوله ثم صلى ركعتين : مجيئه بثم التي عطف بها الصلاة على الدعاء والتحويل دليل على جواز الدعاء والتحويل
قبل الصلاة وإن كان المشهور خلافه

قوله جهر فيهما بالقراءة : بمعنى أنه أسمعهم القراءة ولم يسرها


المعنى الإجمالي
يبتلي الله عز وجل عباده بأنواع من الابتلاء من أجل أن يدعوه وأن يذكروه وإن الابتلاء بالقحط وعدم نزول
المطر موجب لأن يتوجه الناس إلى ربهم ويدعونه لكشف ما بهم ويطلبون منه أن يسقيهم الماء الذي يعيشون
عليه هم وأنعامهم وكذلك فعل النبي ﷺ حين أجدبت المدينة وما حولها فخرج يستسقي وتوجه إلى القبلة يدعو
وحوّل رداءه تفاؤلاً بتحويل الحال ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة



فقه الحديث
أولاً: يؤخذ من هذا الحديث دليل على استحباب الصلاة للاستسقاء وهو مذهب جمهور الفقهاء وعند أبي حنيفة
لا يصلى للاستسقاء ولكن يدعو وخالفه أصحابه فوافقوا الجماعة قال الطحاوي في معاني الآثار بعد
أن ساق أحاديث استسقاءه ﷺ بالدعاء ما لفظه ذهب قوم إلى أن سنة الاستسقاء هي الابتهال إلى
الله عز وجل والتضرع إليه كما في هذه الآثار وليس في ذلك صلاة وممن ذهب إلى ذلك أبو حنيفة وخالفه في ذلك
آخرون منهم أبو يوسف فقال بل السنة في الاستسقاء أن يخرج الإمام بالناس إلى المصلى ويصلي بهم هنالك
ركعتين يجهر فيهما بالقراءة ثم يخطب ويحول رداءه فيجعل أعلاه أسفله وأسفله أعلاه



ثانياً :ويؤخذ من هذا الحديث أن السنة في الاستسقاء البروز إلى المصلى كما فعل النبي ﷺ وقد علمت أن أبا
حنيفة لا يرى الصلاة ولا الخروج لها علماً بأن الأحاديث الصحيحة دالة على ذلك وقد استدل لمذهب أبي حنيفة
بأن النبي ﷺ استسقى في خطبة الجمعة ولم يخرج ويرد الجمهور على قائل هذا القول بأن استسقاء
النبي ﷺ في خطبة الجمعة وقع مرة ووقع مرة أخرى أو مرات أن النبي ﷺ وعد الناس بالخروج لصلاة
الاستسقاء فخرج لها وصلى بالناس .

ونفي أبو حنيفة لا يدل على أن الصلاة خلاف السنة بل السنة ثابتة وإن جهلها أبو حنيفة بنقل العدل عن العدل فإذا
كان أبو حنيفة قد نفى شيئاً ثبت عن النبي ﷺ من طرق متعددة وبألفاظ صريحة وأسانيد صحيحة أنترك سنة
النبي ﷺ لرأي فلان وفلان لا والله فالحق أحق أن يتبع وما كلفنا الله باتباع أحد غير محمد رسول الله ﷺ .



ثالثاً : يؤخذ من هذا الحديث استحباب تحويل الرداء
وخالف أبو حنيفة في ذلك كما قد سبق وقيل أن سبب التحويل التفاؤل بتغير الحال وقال من احتج لأبي حنيفة
إنما قلب رداءه ليكون أثبت على عاتقه عند رفع اليدين في الدعاء أو عرف من طريق الوحي تغير الحال عند تغيير رداءه .

وأقول هذه محاماة عن المذهب ورد للدليل وإن هذا لأمر يؤسف له أن يصدر من عالم يريد اتباع شريعة
محمد ﷺ فإذا به يتحايل لإبطالها والأخذ بأقوال الرجال نسأل الله أن يرزقنا ثباتاً على الحق وأخذاً به ورفضاً لما سواه
وبالله التوفيق .



رابعاً : تحويل الرداء هو أن يقلبه الإمام فيجعل اليمين شمالاً والشمال يميناً والبطن ظهراً والظهر بطناً وقد
قيل في علة ذلك أنه تفاؤل بتحويل الحال ونقول إن من حق المكلف بل الواجب عليه المتابعة لنبي الهدى ﷺ
وقائد الأمة إلى ربها صلوات ربي وسلامه عليه من حقنا نحن المكلفين أو من الحق علينا بالأحرى أن
نتبع ما جاء عن النبي ﷺ عرفنا علته أو لم نعرفها فأنت عبد مأمور بالاتباع وربك يقول (اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ
إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ) [الأعراف : 3 ] ويقول لنبيه

ﷺ ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُـورٌ رَحِيـمٌ) [آل عمران : 31]

خامساً : يؤخذ منه مشروعية الدعاء في الاستسقاء وظاهر هذا الحديث أنه يدعو قبل الصلاة وقد ورد في غير
هذا الحديث أن الدعاء بعد الصلاة وعلى هذا فنأخذ من هذا الحديث جواز الدعاء قبل الصلاة وبعدها بل وفي
أثناء الخطبة فقد علم من خطبة النبي ﷺ في الاستسقاء أنه قال فيها اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً هنيئاً مريئاً
سحاً غدقاً عاجلاً غير رائث …ألخ ما ذكر وعلى هذا فالاستسقاء كله مقصود للدعاء سواء قبل الصلاة
أوفي أثنائها أو في حال الخطبة أو بعد الصلاة كل ذلك جائز إن شاء الله



سادساً :يؤخذ من هذا الحديث أن السنة في دعاء الاستسقاء أن يستقبل القبلة وقد ورد في حديث أنس
(أن النبي ﷺ دعا وهو في خطبته مستدبراً للقبلة) فدل على أن هذا الاستحباب إنما يكون إذا جعل للاستسقاء
صلاة خاصة فالمستحب أن يستقبل القبلة في حال الدعاء .



سابعاً : يؤخذ من قوله ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة أن السنة أن يصلي للاستسقاء ركعتين
كما تقدم وإلى ذلك ذهب الجمهور خلافاً لأبي حنيفة وأخذاً بالدليل


ثامناً : لم يذكر هنا كيف تكون صلاة الركعتين وقد ذكر في حديث ابن عباس أنها كصلاة العيد ولذلك فقد
رأى جماعة من أهل العلم أنها تصلى كصلاة العيد بالتكبير في أول كل ركعة وأن يبدأ الخطبة بالتكبير كما يفعل
في صلاة العيد . وذهب آخرون إلى أنها تصلى ركعتين بدون تكبير فيها .



تاسعاً : قوله جهر فيهما بالقراءة دليل على أن صلاة الاستسقاء يستحب الجهر فيها بالقراءة كسائر الصلوات
المسنونة التي تشرع لها الجماعة كالعيدين وغيرها أما ما لم تشرع فيه الجماعة من صلوات النهار فالسنة فيها الإسرار .



عاشراً : لم تذكر الخطبة هنا وقد ذكرت الخطبة في غير هذا الحديث وعلى هذا فالقول بسنيتها
هو الحق إن شاء الله وقد ذهب إلى ذلك الجمهور .



الحادي عشر : أن صلاة الاستسقاء يجوز أن تصلى قبل الخطبة والدعاء أو بعد الخطبة والدعاء أما صلاة
العيدين وصلاة الكسوف فيبدأ فيها بالصلاة ولما اختلفت الروايات في صلاة الاستسقاء جاز أن تكون قبل الخطبة
أو بعدها هذا والله أعلم .



الثاني عشر : يؤخذ من هذا الحديث أيضاً أن التحويل يكون وهو مستقبلاً القبلة مستدبراً للمأمومين ويدعو
بعد التحويل سراً ولكن إلى الآن لم أر الدليل على هذا .



الثالث عشر : يسن الخروج لصلاة الاستسقاء في ثياب المهنة ولا يتزين لها كما يتزين للعيد ويخرج متبذلاً
خاشعاً ذاكراً داعياً هذه هي السنة في صفة الخروج لصلاة الاستسقاء ويكون ذلك بعد طلوع الشمس لقوله في
بعض الروايات خرج حين بدأت حاجب الشمس


.--------



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]

[ المجلد الثالث ]

رابط تحميل الكتاب :

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam3.pdf












.


رد مع اقتباس