بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-
[147] الحديث الثاني :
عن أبي مسعود – عقبة بن عمرو الأنصاري البدري ـ رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ : ( إن الشمس والقمر
آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده وإنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس فإذا رأيتم منها شيئاً فصلوا
وادعوا حتى ينكشف ما بكم .
موضوع الحديث :
الكسوف وما ذا يجب على من رآه
المفردات :
قوله وإنهما لا ينكسفان : قد تقدم معنى الكسوف والانكساف وفي هذا اللفظ إطلاق لاسم الكسوف عليهما معاً
قوله فإذا رأيتم منها شيئاً فصلوا : قوله فصلوا جواب الشرط وجزاءه والشرط هو إذا ورأيتم فعل الشرط وجوابه فصلوا
قوله حتى ينكشف ما بكم : أي حتى يزول أمر الآية التي نزلت بكم وما هنا موصولة بمعنى الذي .
المعنى الإجمالي :
يخبر النبي ﷺ في هذا الحديث أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده أي يجعل فيهما
من التغير من النور إلى الظلمة ومن البياض إلى السواد ما يكون فيه تخويف للعباد وقد أرشد النبي ﷺ إلى ما
يكون فيه استرضاء لله من فعل الصلاة والدعاء والتضرع إلى الله والخوف منه وبالله التوفيق .
فقه الحديث :
أولاً :يؤخذ من هذا الحديث أن الشمس والقمر لا ينخسفان أو لا ينكسفان لموت أحد من الناس
فانتفى بهذه الجملة أمران :
الأمر الأول أنه لا علاقة بين إنكساف الشمس والقمر وبين موت أو حياة العظماء كما زعمته الجاهلية
الأمر الثاني أن الانكساف ليس إليهما ولا يفعلانه هما أي الشمس والقمر وإنما يفعله الله بهما
وفي نفي الأمرين نفي لما كان أهل الجاهلية يتوهمونه ويظنونه والله تعالى أعلم
ثانياً :يؤخذ من قوله آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده أن الانكساف الحاصل من الشمس تارة والقمر
تارة أخرى إنما يفعله الله من أجل أن يخوف الله بهما عباده وليس كما يظن أهل الجاهلية
ثالثاً :يؤخذ من قوله فإذا رأيتم منها شيئاً فصلوا وادعوا الأمر بالصلاة والدعاء والتضرع عند وجود هذه الآية .
رابعاً :قوله فصلوا أمر من الشارع يوضحه فعله ﷺ وذلك أن هذا الأمر يكون امتثاله بإقامة صلاة على الهيئة المخصوصة
التي وردت عنه في هذه المناسبة فيكون من العام المراد به الخصوص وهي الصلاة ذات الركوعات التي جاءت عن النبي ﷺ في
مثل هذه المناسبة
خامساً :وعلى هذا فلا يكون فيه دليل للحنفية القائلين بأن الصلاة المأمور بها هي مطلق الصلاة
سادساً :يؤخذ من قوله حتى ينكشف ما بكم أن الأمر بالصلاة الطارئة لطروء هذا الحدث تنتهي بانكشاف الكاسف منهما
سواء كان هو الشمس أو القمر
سابعاً :إذا علم انكشاف الكسوف وهو في الصلاة أتمها خفيفة على الصفة
المشروعة في صلاة الكسوف .
.--------
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ.
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [ 3 ]
[ المجلد الثالث ]
رابط تحميل الكتاب :
.