10-05-2015, 12:49AM
|
عضو مشارك - وفقه الله -
|
|
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
|
|
بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】
لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -
شرح العقيدة الواسطية. ( 53 )
فصل
وقد دخل فيما ذكرناه من الإيمان بالله الإيمان بما أخبر الله به في كتابه وتواتر عن رسوله وأجمع عليه سلف الأمة
من أنه سبحانه فوق سماواته على عرشه علي على خلقه، وهو سبحانه معهم أينما كانوا يعلم ما هم عاملون. كما
جمع بين ذلك في قوله: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي
الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} وليس
معنى قوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ} أنه مختلط بالخلق فإن هذا لا توجبه اللغة. وهو خلاف ما أجمع عليه سلف الأمة.
وخلاف ما فطر الله عليه الخلق، بل القمر آية من آيات الله من أصغر مخلوقاته وهو موضوع في السماء
وهو مع المسافر وغير المسافر أينما كان، وهو سبحانه فوق عرشه رقيب على خلقه مهيمن عليهم مطلع عليهم
إلى غير ذلك من معاني ربوبيته.
[ الشرح ]:
خصص المصنف ـ رحمه الله ـ هاتين المسألتين: (الاستواء على العرش ومعيته للخلق) بالتنبيه ليزيل الإشكال فقد
يتوهم وجود التنافي بينهما فقد يظن الظان أن ذلك مثل صفات المخلوقين وأنه مختلط بهم فكيف يكون فوق
خلقه مستويًا على عرشه، ويكون مع خلقه قريبًا منهم بدون مخالطة. والجواب عن هذه الشبهة، كما وضحه الشيخ
ـ رحمه الله ـ من وجوه:
الوجه الأول: أن هذا لا توجبه لغة العرب التي نزل بها القرآن الكريم. فإن كلمة (مع) في اللغة لمطلق المصاحبة
لا تفيد اختلاطًا وامتزاجًا ولا مجاورة ولا مماسة. فإنك تقول: زوجتي معي، وأنت في مكان وهي في مكان آخر.
وتقول: ما زلنا نسير والقمر معنا، وهو في السماء ويكون مع المسافر وغير المسافر أينما كان. وإذا صح
أن يقال هذا في حق القمر وهو مخلوق صغير، فكيف لا يقال في حق الخالق الذي هو أعظم من كل شيء؟.
الوجه الثاني: أن هذا القول خلاف ما أجمع عليه سلف الأمة من الصحابة والتابعين وتابعيهم (وهم القرون المفضلة)
الذين هم القدوة، فقد أجمعوا على أن الله مستو على عرشه عال على خلقه بائن منهم، وأجمعوا على أنه مع خلقه
بعلمه سبحانه وتعالى. كما فسروا قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ} بذلك.
الوجه الثالث: أن هذا خلاف ما فطر الله عليه الخلق، أي: ركزه في فطرهم. فإن الخلق فطروا على الإقرار بعلو الله
سبحانه على خلقه فإن الخلق يتجهون إلى الله عند الشدائد والنوازل نحو العلو لا تلتفت يمنة ولا يسرة من غير أن
يرشدهم إلى ذلك أحد، وإنما ذلك موجب الفطرة التي فطر الله الناس عليها.
الوجه الرابع: أن هذا خلاف ما أخبر الله به في كتابه وتواتر عن رسوله من أنه سبحانه وتعالى على عرشه علي على خلقه
وهو معهم أينما كانوا. والمتواتر من النصوص: هو ما رواه جماعة تحيل العادة تواطؤهم على الكذب عن مثلهم من
الابتداء إلى الانتهاء) والآيات والأحاديث في هذا كثيرة منها الآية التي ذكرها المصنف ـ رحمه الله ـ والله أعلم.
وقول المصنف ـ رحمه الله ـ: (وهو سبحانه فوق عرشه رقيب على خلقه مهيمن عليهم مطلع عليهم) تقرير وتأكيد لما
سبق من ذكر علوه على عرشه وكونه مع خلقه بذكر اسمين من أسمائه سبحانه وهما (الرقيب والمهيمن). قال الله
تعالى: {إن الله كان عليكم رقيبًا} والرقيب هو المراقب لأحوال عباده وفي ذلك دلالة على قربه منهم. وقال
تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ} والمهيمن هو: الشاهد على
خلقه المطلع على أعمالهم الرقيب عليهم.
(إلى غير ذلك من معاني ربوبيته)، أي: أن مقتضى ربوبيته سبحانه أن يكون فوق خلقه بذاته ويطلع على
أعمالهم ويكون قريبًا منهم بعلمه وإحاطته يصرف شؤونهم ويحصي أعمالهم ويجازيهم عليها.
------
[ المصدر ]
http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf
|