عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 01-05-2015, 11:40AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





التعليق على رسالة حقيقة الصيام
وكتاب الصيام من الفروع ومسائل مختارة منه


لفضيلة الشيخ العلامة /
محمد صالح بن عثيمين
- رحمه الله تعالى-


فصل:
وإذا اشتبهت الأشهُرُ على الأسير والمطمور ومن بمفَازَةٍ ونحوهم



وإذا اشتبهت الأشهُرُ على الأسير، والمطمور، ومن بمفَازَةٍ ونحوهم، تحرى وصام، فإن وافق الشهر أو ما بعده، أجزأه (و)، فلو وافق رمضان السنة القابلة، فقال صاحب «المحرر»: قياس المَذْهب لا يُجزئه عن واحدٍٍٍٍٍٍٍٍ منهما إن اعتبرنا نية التعيين، وإلا وقع عن الثاني، وقضى الأول، وإن وافق قبله، لم يجزئه. نص عليه. (و)؛ لا أنه إن تكرر قبله، يقضي السنة الأخيرة فقط، (هـ)، ولو صام شعبان ثلاث سنين متوالية، ثم عَلِمَ، صام ثلاث أشهر، شهراً على إثر شهر، كالصلاة إذا فاتته، نقله مهنا، وذكره أبو بكر في «التنبيه».


ومرادهم - والله أعلم - أن هذه المسألة كالشك في دخول وقت الصلاة، على ما سبق، وسبق في باب النية: تصح نيَّة القضاء بنيَّةِ الأداء، وعكسه، إذا بان خلاف ظنه للعجز عنها، وإن تحرى وشك، وقع قبله أو بعده، أجزأه، كمن تحرى في الغيم وصلى.


صوم رمضان فرض على كل مسلم، بالغ، عاقل، قادر، مقيم(134) (ع)، وسبق حكم الكافر أول كتاب الصلاة، ولا يجب على صبي (و)، وعنه: بلى إن أطاقه، اختاره أبو بكر، وابن أبي موسى، وقاله عطاء، والأوزاعي، وعبد الملك بن الماجشون المالكي، وأطلق في «الترغيب» وجهين، وأطلق ابن عقيل الروايتين، والمراد: المُمَيِّزُ،كما ذكره جماعة. وحَدَّ ابن أبي موسى طاقته بصوم ثلاثة أيام متوالية، ولا يضره؛ لخبر مرسل، وعنه: يلزم مَنْ بلغ عشر سنين وأطاقه. وقد قال الخِرقيُّ: يؤخذ به إذَنْ.


قال الأكثر: يؤمر به الصبي إذا أطاقه (م) ويضرب عليه؛ ليعتاده، أي: يجب على الولي ذلك. ذكره جماعة. وذكر الشيخ قول الخِرقيِّ، وقال: اعتباره بالعشر أولى؛ لأمره عليه السلام بالضرب على الصلاة عندها.
وقال صاحب «المحرر»: لا يُؤخَذُ به، ويضرب عليه فيما دون العشر كالصلاة. وإن أسلم الكافر الأصلي في أثناء الشهر، لم يلزمه قضاء ما سبق منه، خلافا لعطاء وعكرمة(135).


وإن أسلم الكافر، أو بلَغَ الصبي، أو أفاق المجنون في النهار، لزمه إمساك ذلك اليوم (م ش) وقضاؤه (خ) في ظاهر المذهب؛ لأمره عليه السلام بإمساك يوم عاشوراء، ولحرمة الوقت (و هـ)، وكقيام بينة فيه بالرؤية، كما تجب الصلاة بآخر وقتها، وكالمحرم يلزمه صوم يوم عن بعض مد في الفدية، وعنه: لا يجبان، ويأتي الكلام في المجنون: هل يقضي؟ وإن قلنا: يجب الصوم على الصبي، عصى بالفطر وأمسك، ويقضي كالبالغ (136).


وإن نوى المُمَيِّزُ الصوم، ثم بلغ في النهار بسن أو احتلام وقلنا: يقضي لو بلَغَ مفطراً، فلا قضاء عليه عند القاضي، كنذره إتمام نفل، وعند أبي الخطاب: يلزمه القضاء، كقيام البينة يوم الثلاثين، وهو في نفل معتاد. وسبق الوجوب في أحدهما، وتجدُّدُه في الآخر مُلْغىً بما لو كانا مفطرين، وكبلوغه في صلاة وحج، فعلى هذا: هو كمسافر قدم صائما، يلزمه الإمساك، وحُكِيَ قول هنا، وعلى الأول: هو كبُلوغِه مفطراً(137).


وإن طَهُرت حائض أو نفساء، أو قدِمَ مسافراً، أو أقام مفطراً، أو بَرِىء مريض مفطراً، لزمهم الإمساك على الأصح (وهـ) كالقضاء (ع)، وكمقيم تعمد الفطر (و) سافر، أو حاضت المرأة أوْ لا. نقله ابن القاسم، وحنبل، ويعايى بها. ويتوجه: لا إمساك مع حيض، ومع السفر خلاف. وفي «المستوعب» رواية في صائم أفطر عمداً، أو لم ينو الصوم حتى أصبح: لا إمساك عليه. كذا قال.


وأطلق جماعة الروايتين في الإمساك. وقال في «الفصول»: يمسك من لم يفطر، وإلا فروايتان، وذكر الحُلْوانيُّ: إذا قال المسافر: أُفِطرُ غدا، كقدومه مفطراً. وجعله القاضي محل وفاقٍ. وإذا لم يجب الإمساك فقَدِمَ مسافر مفطراً، فوجد امرأته طهرت من حيضها، له أن يطأها. وإن برِىءَ مريض صائماً، أو قدِمَ مسافر، أو أقام صائماً، لزمه الإتمام (و) وأجزأ (و)، كمقيم صائم مرِضَ، ثم لم يفطر حتى عُوفيَ (و) ولو وطئا فيه، كَفَّرا. نصَّ عليه (هـ) كمقيم وطِئَ ثم سافر(138). وإن علِمَ مسافر أنه يقدم غداً، لزمه الصوم. نقله أبو طالب، وأبو داود، كمن نذر صوم يوم يقدَمُ فلان، وعلِمَ قدومه في غدٍ، بخلاف الصبي يعلم أنه يبلغ في غدٍ؛ لأنه غير مكلَّفٍ، وقيل: يُستحبُّ (و) لوجود سبب الرُّخصةِ. قال صاحب «المحرر»: وهو أقيَسُ؛ لأنَّ المختار: أن من سافر في أثناء يوم له الفطر، وإن قامت بَيَّنةٌ بالرؤية في يوم منه، أمسك (و) وقضى (و) وذكر أبو الخطاب رواية: لا يلزمه الإمساك. وقاله عطاء. وخرج في «المغني» على قول عطاء من ظــن أن الفجر لم يطلُعْ، وقد طلَعَ، ونحو ذلك (139).

وقال شيخنا: يُمسِكُ ولا يقضي، وإنه لو لم يعلم بالرؤية إلا بعد الغروب، لم يقض(140).


والرِّدَّةُ تمنع صحة الصوم (ع) فلو ارتد في يوم، ثم أسلم فيه أو بعده، أو ارتد في ليلته، ثم أسلم فيه، فجزم الشيخ وغيره بقضائه.
وقال صاحب «المحرر»: ينبني على الروايتين فيما إذا وُجِدَ المُوجبُ في بعض اليوم، فإن قلنا: يجب، وجب هنا، وإلا فلا، ومذهب (هـ) لا يقضي؛ لوجوب المُسْقِط، ومذهبُ (ش) يقضي؛ لأن الرِّدَّةَ لا تمنع الوجوب عنده.


وإن حاضت المرأة في يوم، فقال أحمد: تُمسِك، كمسافر قَدم، وجعلها القاضي كعكسها، تغليبا للموجب، ذكره ابن عقيل في «المنثور» وذكر في «الفصول» فيما إذا طرأ المانع، روايتين، وذكر صاحب «المحرر» - ويُؤخَذ من كلام غيره -: إن طرأ جنون، وقلنا: يمنع الصحة، وأنه لا يقضي، أنه هل يقضي؟ على الروايتين في إفاقته في أثناء يومٍ، بجامع أنه أدرك جُزْءاً من الوقت.


وظاهر كلامهم لا إمساك مع المانع، وهو أظهر(141)، ولا يلزم الإمساك من أفطر في صوم واجب غير رمضان. ذكره جماعة، وذكر صاحب «المحرر» ما ذكره جماعة أنه يمسك إذا نذر صوم يوم قدوم زيد، وأنه يدل على وجوبه، فإنهم إذا قالوه في هذا المعذور فغير المعذور أولى. قال: ولا وجه له عندي في الموضعين؛ لأن الحرمة هنا للعبادة خاصة، وقد فقدت. كذا قال.
ولا يلزم التعيين زمن العبادة في النذر المعين، كرمضان، بخلاف غيره، وقال فيها في «الخلاف»(142): وفي صوم النذر لا يلزم الإمساك. قال: لأنه لا يلزمه لو أفطر عمداً بلا عذرٍ؛ لأنه لا يلحقه تهمة، بخلاف رمضان. كذا قال.
ومَنْ نوى الصوم ليلا ثم جُنَّ أو أغمي عليه جميع النهار، لم يصح صومه (هـ)؛ لأن الصوم الإمساك مع النية.


وفي «المستوعب» خرج بعض أصحابنا من رواية صحة صوم رمضان بنية واحدة في أوله أنه لا يقضي من أغمي عليه أياما بعد نيَّتِه المذكورة، وإن أفاق المغمى عليه في جزء من النهار، صح صومه، لدخولِهِ في قوله عليه السلام: «يدع طعامه وشرابه من أجلي». ومذهب (م ق) إن كان مفيقًا أول اليوم صح، وإلا فلا؛ لأن الإمساك أحد ركني الصوم، فاعتبر لأوله كالنية، واعتبر بعض المالكية إفاقته أكثر اليوم، ولا يُفِسد قليل الإغماء الصوم (ق).


والجنون كالإغماء (و)، وقيل: يَفسُد الصوم بقليله، اختاره ابن البناء، وصاحب «المحرر»، (وق) الجديد، كالحيض، بل أولى؛ لعدم تكليفه.
وقال في «الواضح»: هل من شرطه إفاقته جميع يومه، أو يكفي بعضه؟ فيه روايتان (143). وإن نام جميع النهار، صح صَوْمُهُ (و) خلافاً للإصطخري الشافعي؛ ولأنه إجماع قَبْلَه، ولأنه معتاد إذا نُبِّه انتبه، فهو كذاهلٍ وساهٍ. وإذا لم يصح الصوم مع الإغماء، لزمه القضاء في الأصح (و) لأنه مرض، ولأنه يغطي العقل، ولا يرفع التكليف، ولا تطول مدَّتُه، ولا ولاية على صاحبه، ويدخل على الأنبياء؛ بخلاف الجنون.


ولا يلزم المجنون القضاء سواء فات بالجنون الشهر أو بعضه (و ش)، وعنه: يقضي (و م )، وعنه: إن أفاق في الشهر، قضى، وإن أفاق بعده، لم يقضِ (و هـ)؛ لعِظَمِ مشقه القضاء.


ومن جن في صوم قضاء وكفارة، ونحو ذلك، قضاه بالوجوب السابق(144).



--------------------------



(134) وهنا يزاد شرط سادس:

وهو أن لا يكون ثمةَ مانع، فإن كان هناك مانع كالحيض، والنفاس، لم يجب.

(135) الخلاصة أن البلوغ ضده الصغر، فلا يلزم الصغير، لكن يلزم وليه أن يأمره به إذا أطاقه؛ لفعل الصحابة رضي الله عنهم.


(136) الصحيح أنه يلزمهما الإمساك دون القضاء، فإذا بلغ الصبي في أثناء النهار، إما بتمام خمس عشرة سنة، أو بإنزال المني، فنقول: أمسك؛ لأنه الآن خوطب مخاطبة البالغ، فيمسك ولا يقضي؛ لأنه في أول النهار كان ممن لا يلزمه الصوم، فلا يلزمه القضاء، وكذلك يقال في المجنون إذا أفاق، فنقول له: أمسك ولا قضاء عليك، وكذلك إذا أسلم الكافر في أثناء النهار، نقول: أمسك ولا قضاء عليك،

فتكون الأقوال ثلاثةً:

القول الأول: وجوب الإمساك والقضاء، وهو المذهب.
القول الثاني: وجوب الإمساك دون القضاء.
القول الثالث: عدم الوجوب، لا في الإمساك ولا في القضاء.
والصواب وجوب الإمساك دون القضاء .


(137) والصواب أنه لا قضاء عليه، فإذا بلغ الصبي في أثناء النهار وهو صائم فلا قضاء عليه؛ لأنه قد شرع فيه، وإذا كان لا يلزمه القضاء لو كان مفطراً فهذا من باب أولى.


(138) هذه المسألة الصحيح فيها: أنه لا يلزمهما الإمساك، يعني إذا قدم المسافر مفطراً، فإنه لا إمساك عليه، وله أن يأكل بقية النهار، وإذا طهرت المرأة من الحيض فإنه لا يلزمها الإمساك، وتأكل بقية النهار، لكن يلزمهم القضاء، على عكس الصغير يبلغ، والكافر يسلم، والمجنون يفيق، والفرق أن هذا فيه زوال مانع، وذاك فيه قيام سبب الوجوب، فافترقا، ففيمن وجد في حقه سبب الوجوب في أثناء النهار نقول له: أمسك ولا قضاء، وفيمن زال المانع في أثناء النهار نقول: اقض، ولا إمساك، ولو قدم المسافر مفطراً، ووجد امرأته قد طهرت من الحيض ومفطرة، فيجوز أن يجامعها على هذا القول، فيلغز بها ويقال: إنسان بالغ عاقل مقيم، جامع في نهار رمضان ولم يلزمه شيء.


(139) هذا القول ضعيف جداً، وهو أنه إذا قامت البينة في أثناء النهار لا يمسك، هذا ضعيف، وكذلك إذا أكل يظن أن الفجر لم يطلع ثم تبين طلوعه، يقول: لا يجب عليه الإمساك، وهذا - أيضاً - أشد ضعفاً، فالصواب: أنه يلزمه الإمساك إذا قامت البينة في أثناء النهار، يعني: إذا جاء الشهود إلى القاضي في الضحى، وشهدوا بأنهم رأوا الهلال البارحة، فإنه يلزم الإمساك؛ لأنه تبين أن اليوم من رمضان، وكذلك إذا أكل يظن أن الفجر لم يطلع، ثم تبين طلوعه يجب عليه الإمساك؛ لأنه تبين أن اليوم يوم صوم.


(140) شيخ الإسلام - رحمه الله - توسع في هذا، فيقول: إذا قامت البينة في أثناء النهار وجب الإمساك، ولا يلزمه القضاء؛ لأنه أكل في أول النهار جاهلاً، كما لو أكل بعد طلوع الفجر جاهلاً ثم تبين له، فإنه يلزمه الإمساك ولا يقضي، فيقول: هذا مثله، ولكن يقال: الفرق بينهما أن هذا لم يلتزم الصوم أصلاً؛ لعدم ثبوت الشهر عنده، أما ذاك فكان ملتزماً بالصوم، لكن جهل أن الفجر طلع، فقياسه هذه على هذه فيه نظر، صحيح أن المسألتين اتفقتا في أنه أكل جاهلاً بالوقت، لكن الفرق ظاهر؛ فإن من أكل بعد طلوع الفجر قد التزم في الأول أنه صائم اليوم، ولكن أكل ظاناً أنه لم يدخل اليوم، بخلاف الثاني، فإنه لم يأكل على أنه ملتزم أن يصوم هذا اليوم، حتى لو قال: إنه يصوم هذا اليوم، قلنا: لا يمكن؛ لأنه لم تقم البينة حتى الآن. والشيخ يقول – أيضاً -: لو لم يعلم الناس بالهلال إلاّ بعد غروب الشمس لم يلزمهم القضاء، وعلى هذا لو لم يعلموا بأول يوم من الشهر أن الشهر قد دخل حتى غابت الشمس، ورأوا الهلال بعد تسع وعشرين من رؤيتهم البارحة، فيصومون - على رأي الشيخ - ثمانيةً وعشرين يوماً، ويقول: إنه سقط عنهم القضاء في اليوم الأول؛ لأنهم كانوا جاهلين، لكن الصواب وجوب القضاء.


(141) قوله: «وهو أظهر» لاشك أنه أظهر، يعني: إذا حاضت المرأة في أثناء النهار نقول: يلزمها الإمساك، هذا ضعيف، وإن حاضت المرأة في يوم فقال الإمام أحمد - رحمه الله -: تُمسك، كمسافر قدم، ولكن الصحيح خلاف هذا، وهو أنها لا تمسك، كما أن المقيس عليه - وهو المسافر إذا قدم إلى بلده - على القول الراجح أنه لا يمسك.


(142) قوله: «وقال فيها في «الخلاف»» يعني في كتاب يسمى «الخلاف»، وليس يريد خلاف العلماء.
(143) والصحيح أنه لا قضاء على المغمى عليه، وإن أفاق جزءاً من النهار صح فيما بقي، وهذا يقع فيما إذا حصل حادث على الإنسان قبل الفجر، ثم أغمي عليه حتى غابت الشمس، فعلى المذهب يلزمه القضاء، وعلى القول الراجح لا يلزمه القضاء، وحتى في الصلاة لو أغمي عليه، ومضى عليه يوم وليلة فلا يلزمه القضاء، أما من أغمي عليه بفعله كالبنج (التخدير) فهذا عليه قضاء الصلاة، وعليه قضاء الصوم؛ لأنه بفعله.


(144) الصحيح أن المجنون لا يقضي؛ لأنه رُفع عنه القلم، حتى لو جن يوماً أو يومين فلا قضاء.

المصدر :

http://www.ibnothaimeen.com/all/book...le_18292.shtml




رد مع اقتباس