بسم الله الرحمن الرحيم
【 شرح العقيدة الواسطية 】
لفضيلة الشيخ العلامة الفقيه /
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
- حفظه الله ورعاه -
شرح العقيدة الواسطية. ( 40 )
23 ـ إثبات رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة
[ المتن ] :
وقوله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} {عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ} {لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} {لَهُم مَّا
يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} وهذا الباب في كتاب الله كثير. ومن تدبر القرآن طلبًا للهدى تبين له طريق الحق.
[ الشرح ]:
قوله تعالى: {وُجُوهٌ} أي: وجوه المؤمنين {يَوْمَئِذٍ} أي: يوم القيامة {نَّاضِرَةٌ} بالضاد من النضارة وهي البهاء والحسن.
أي: ناعمة غضة حسنة مضيئة مشرقة {إِلَى رَبِّهَا} أي: خالقها {نَاظِرَةٌ} أي: تنظر إليه بأبصارها كما تواترت به الأحاديث
الصحيحة، وأجمع عليه الصحابة والتابعون وسلف الأمة واتفق عليه أئمة الإسلام.
فالشاهد من الآية الكريمة: إثبات رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة.
وقوله: {عَلَى الأَرَائِكِ} جمع أريكة
وهي السرر {يَنظُرُونَ} إلى الله ـ عز وجل ـ.
وأما الكفار فقد تقدم في الآيات التي قبل هذه الآية أنهم {عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ}
والشاهد من الآية إثبات رؤية المؤمنين لربهم ـ عز وجل ـ.
وقوله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ} بالقيام بما أوجبه الله عليهم من الأعمال والكف عما نهاهم عنه من المعاصي
{الْحُسْنَى} أي: المثوبة الحسنى.
وقيل: الجنة. {وَزِيَادَةٌ} هي النظر إلى وجه الله الكريم، كما ثبت تفسيرها بذلك عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
في صحيح مسلم وغيره، وكما فسرها بذلك سلف هذه الأمة، وعلى ذلك يكون
الشاهد من الآية الكريمة: إثبات رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة.
وقوله تعالى: {لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا}
أي: للمؤمنين في الجنة ما تشتهي أنفسهم وتلذ أعينهم من فنون النعيم وأنواع الخير {وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} أي: زيادة على
ذلك هو النظر إلى وجه الله الكريم. وهذا هو الشاهد من الآية الكريمة وهو إثبات النظر إلى وجه الله الكريم في الجنة.
ما يستفاد من الآيات الكريمة:
يستفاد منها إثبات رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة، وأنها أعظم النعيم الذي ينالونه.
وهذا هو قول الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين. خلافًا للرافضة والحهمية والمعتزلة الذين ينفون الرؤية يخالفون
بذلك الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة وأئمتها. ويعتمدون على شبه واهية وتعليلات باطلة منها:
1 ـ قولهم: إن إثبات الرؤية يلزم منه إثبات أن الله في جهة، ولو كان في جهة لكان جسمًا ـ والله منزه عن ذلك ـ
والجواب عن هذه الشبهة أن نقول: لفظ الجهة فيه إجمال. فإن أريد بالجهة أنه حال في شيء من مخلوقاته فهذا
باطل والأدلة ترده وهذا لا يلزم من إثبات الرؤية. وإن أريد بالجهة أنه سبحانه فوق مخلوقاته فذا ثابت لله سبحانه
ونفيه باطل وهو لا يتنافى مع رؤيته سبحانه.
2 ـ استدلوا بقوله تعالى لموسى: {لَن تَرَانِي} والجواب عن هذا الاستدلال: أن الآية الكريمة واردة في نفي الرؤية
في الدنيا ولا تنفي ثبوتها في الآخرة كما ثبت في الأدلة الأخرى. وحالة الناس في الآخرة تختلف عن حالتهم في الدنيا.
3 ـ استدلوا بقوله تعالى: {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} والجواب عن هذا الاستدلال: أن الآية إنما فيها نفي الإدراك وليس
فيها نفي الرؤية. والإدراك معناه الإحاطة، فالله سبحانه وتعالى يراه المؤمنون ولا يحيطون به، بل نفي الإدراك يلزم
منه وجود الرؤية. فالآية من أدلة إثبات الرؤية والله تعالى أعلم.
وقول المؤلف ـ رحمه الله ـ: (وهذا الباب في كتاب الله كثير) أي: باب إثبات أسماء الله وصفاته في القرآن كثير
وإنما ذكر المؤلف بعضه. فقد ورد في آيات كثيرة من كتاب الله إثبات أسماء الله وصفاته على ما يليق به (ومن تدبر
القرآن) أي: تفكر فيه وتأمل ما يدل عليه من الهدى (تبين له طريق الحق) أي: اتضح له سبيل الصواب وتدبر
القرآن هو المطرب من تلاوته قال تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ}
وقال تعالى: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} وقال تعالى: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ}.
------
[ المصدر ]
http://www.alfawzan.af.org.sa/sites/...iles/3qidh.pdf
التصفية والتربية
TarbiaTasfia@
التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 25-04-2015 الساعة 12:59AM
|