عرض مشاركة واحدة
  #36  
قديم 23-04-2015, 07:29PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم



تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله-



[117] : عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال : من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا وليعتزل مسجدنا
وليقعد في بيته وأتى بقدر فيه خضروات من بقُوْلٍ فوجد لها ريحاً فسأل فأخبر بما فيها من البقول فقال : قربوها إلى
بعض أصحابي فلما رآه كره أكلها قال : فإني أناجي من لا تناجي .



موضوع الحديث :

الرخصة لمن أكل الثوم والبصل والكرات في ترك صلاة الجماعة ما لم يجعل ذلك وسيلة مقصودة لترك الجمعة
فإن فعل ذلك قاصداً به الاعتذار عن الجماعة كان فعله حراماً وهو آثم .



المفردات :

الثوم والبصل : شجرتان معروفتان ينشأ عن أكلها رائحة كريهة في فم الآكل وتذهب الرائحة أو تخف إذا أميتا طبخاً
وذكر أهل الطب أن الشذاب إذا مضغ بعد أكلها يقضي على رائحتها .

فليعتزلنا أو ليعتزل مسجدنا : إذن في التخلف عن الجماعة أو تهديد بحرمان ثواب الجماعة ، بقدر : القدر هو إناء
يطبخ فيه الطعام ، فيه خضروات : بضم الأولى وفتح الثانية أو فتح الأولى وكسر الثانية أفاده الصنعاني في العدة
ولم يذكر ابن الأثير في النهاية سوى فتح الخاء وكسر الضاد وهو أشهر قوله فأخبر بما فيها من البقول : وهو جمع
بقل والمراد بالبقل ما يأكله الإنسان نيئاً من ورق الأشجار .

قولـه : قال كل فإني أناجي من لا تناجي : المراد بذلك مناجاة الملك ، والمناجاة : هي المفاهمة سراً والأمر
هنا أمر إباحة .



المعنى الإجمالي :

نهى النبي ﷺ من أكل الثوم والبصل والكرات نيئاً أن يدخل المسجد وأمره بإعتزاله والجلوس في بيته وأتى النبي
ﷺ بطعام في قدر مطبوخ فيه ثوم فتركه ﷺ وقال قربوها إلى بعض أصحابي ولكن الصحابي كره ذلك حين
رأى النبي ﷺ تركها فقال له النبي صلى كل فإني أناجي من لا تناجي أي أنه يكلم الملك .



فقه الحديث :

أولاً : يؤخذ منه كراهية أكل هذه البقول ذوات الروائح الكريهة لمن تلزمه صلاة الجماعة إلا إذا كان في وقت
يمكنه أن لا يذهب إلى المسجد إلا بعد أن تذهب الرائحة من فمه كأن يأكلها بعد العشاء أو بعد صلاة الصبح لمارواه
ابن خزيمة في صحيحه (3/85) من حديث أبي سعيد وفيه ومن أكله منكم فلا يقرب هذا المسجد حتى
يذهب ريحه .


ثانياً : أن الكراهة مقصودة على النيئ منها أما ما يطبخ حتى يذهب ريحه فلا كراهة فيه وعلى هذا يحمل قوله كل فإني
أناجي من لا تناجي ويزيده وضوحاً قوله أتى بقدر فيه خضروات فكونها في القدر يدل على أنها مطبوخة أما قوله
فوجد لها ريحاً فالمراد به ريح البقول مطبوخة يختلف عن رائحتها بعد الأكل وأما ترك النبي ﷺ لها فهو تنـزهاً لكونه
يناجي جبريل ويدل لـه ما رواه ابن خزيمة وابن حبان من حديث أم أيوب قالت نزل علينا رسول الله ﷺ فتكلفنا له
طعاماً فيه بعض البقول فذكر الحديث وفيه كلوا فإني لست كأحد منكم إني أخاف أن أوذي صاحبي ومما يدل لـه
أيضاً ما رواه مسلم وابن خزيمة أن عمر بن الخطاب صلى خطب الناس يوم الجمعة ثم قال أيها الناس إنكم تأكلون
شجرتين ما أرهما إلا خبيثتين هذا الثوم وهذا البصل وقد كنت أرى الرجل يوجد منه ريحه فيؤخذ بيده فيخرج إلى
البقيع ، ومن كان أكلها فليمتها طبخاً وأخرج أبو عوانة من حديث جابر قال النبي ﷺ من أكل من هذه الشجرة
صلى يعني الثوم – فلا يغشنا في مسجدنا ، قال ما يعني قال ما أراه إلا نَيَّئة وعلى ذلك حمله البخاري فقال في
صحيحه باب ما جاء في الثوم النيئ .



ثالثاً : يؤخذ منه كراهة دخول المساجد بهذه الريح يكون قد تعرض لأذية الملائكة والصالحين من عباد الله وعلى هذا
يحمل النهي في قوله فلا يقربن مساجدنا واستدل به بعضهم على أن صلاة الجماعة ليست فرض عين ورده ابن دقيق
العيد والحافظ في الفتح وعبد العزيز بن باز تعليقاً .



رابعاً : ورد في رواية أحمد بن صالح عن ابن وهب عند الشيخين ببدر وخالفه سعيد بن عفير عند البخاري وأبو الطاهر
وحرملة بن يحي عند مسلم فقالوا كلهم بقدر ورجح بعضهم الراوية الأولى بأن ابن وهب فسر البدر بأنه طبق ورجح
الحافظ رواية الجماعة وهو الذي يظهر من صنيع البخاري في تخصيصه النهي بالنيئ وبه يحصل الجمع بين الأدلة أما
امتناعه ﷺ من أكله مطبوخاً فذاك من خصائصه كما أشار إليه ابن خزيمة في قوله ذكر ما خص الله به نبيه من
ترك أكل الثوم ونحوه مطبوخاً .



خامساً : خص بعضهم مسجد النبي ﷺ بالنهي واستدل بما ورد بلفظ فلا يقربن مسجدنا وهو مرجوح لأمرين :
أولها : أن العلة ليست خاصة بمسجد النبي ﷺ ، بل هي عامة في جميع المساجد .


والثاني : قد ورد بلفظ المساجد وبلفظ المسجد وذلك يدل على العموم ؛ بل قد ورد أن سبب الحديث الآتي كان في
غزوة خيبر ، وبذلك يتضح المراد به المصلي أياً كان . والله أعلم .




تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحيى النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [2]
[ المجلد الثاني ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam2.pdf







رد مع اقتباس