
21-04-2015, 11:13PM
|
عضو مشارك - وفقه الله -
|
|
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
|
|
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[115] : عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كنا نصلي مع رسول الله ﷺ في شدة الحر فإذا لم
يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه .
موضوع الحديث :
جواز سجود المصلي على الثوب المتصل به المتحرك بحركته .
المفردات :
في شدة الحر : أي منتهى قوته .
أن يمكن جبهته : أي يثبتها على الأرض في السجود من شدة الحر .
بسط ثوبه : أي طرحه على الأرض فسجد عليه .
المعنى الإجمالي :
يخبر أنس رضي الله عنه أنهم كانوا يصلون مع النبي ﷺ الظهر في شدة الحر فكانوا يسجدون على الثياب
اتقاء للحر حين لا يستطيعون ملاقاته بجباههم .
فقه الحديث :
أولاً : يؤخذ منه أن النبي صلى كان يقدم الظهر في أول وقتها ويعارضه الأمر بالإبراد والجمع حاصل بحمل
حديث الأمر بالإبراد أنه إلى أن تنكسر شدة الحر قليلاً وبذلك تجتمع الأدلة انظر شرح الحديث رقم 112 .
ثانياً : اختلف العلماء في الإبراد هل هو سنة أو رخصة فمن قال إن الإبراد رخصة فلا إشكال عليه لأن التقديم
حينئذٍ يكون سنة والإبراد جائز ومن قال إن الإبراد سنة فقد ردد بعضهم القول في أن يكون منسوخاً أعني التقديم
في شدة الحر قال ابن دقيق العيد قلت : بما تقدم من الجمع تبين أنه لا تعارض كما أشار إليه بقوله ويحتمل
عندي أن يكون ثمة تعارض لأنا إن جعلنا الإبراد إلى حيث يبقى ظل يمشي فيه أو إلى ما زاد على الذراع فلا يبعد
أن يبقى مع ذلك حر يحتاج معه إلى بسط الثوب فلا تعارض .
ثالثاً : فيه دليل على جواز استعمال الثياب وغيرها في الحيلولة بين المصلي وبين الأرض . قاله ابن دقيق العيد رحمه الله .
قلت : هذا يحتمل أمرين :
أحدهما : وضع الثوب على الأرض بحيث يكون كالخمرة والفراش وما أشبه ذلك ، وهذا لا أعلم في جوازه
خلافاً .
والثاني : الثوب المتصل بالمصلي والمتحرك بحركته الذي ذكره في المأخذ الرابع وهذا فيه خلاف بين العلماء
أجازه الجمهور ، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة ، ورواية عن أحمد ، ومنعه الشافعي وهو رواية عن أحمد ذكرها
صاحب المغني عن الأثرم (1/517) .
قلت : هذا القول هو الأرجح في رأيي كما روى مسلم عن خباب رضي الله عنه قال : شكونا إلى رسول الله ﷺ
حر الرمضاء في جباهنا واكفنا فلم يشكنا .
قال في المغني ولأنه سجد على ما هو حامل له أشبه ما إذا سجد على يديه اهـ.
قلت : ويجمع بين حديث خباب وحديث أنس بوجهين :
أحدهما : أن يحمل حديث أنس على الثوب المنفصل عن المصلي وحديث خباب على السجود على الثوب المتصل
بالمصلي حيث أذن لهم في الأول ولم يأذن في الثاني وهو الذي يقصده كلام النووي فيما نقله عن الشافعي
وكلام الشافعي نفسه في الأم .
والثاني : أن يحمل حديث أنس على ما لا يمكن تحمله وحديث خباب على الحر الذي يكمن تحمله مع مشقة
وبذلك تجمع الأدلة ويزول التعارض ، أما أحاديث السجود على كور العمامة فهي ضعاف لم يصح فيها شيء وإلى
ذلك أشار ابن قدامة في المغني والبيهقي في السنن ولكن صح في ذلك حديث مرسل عن الحسن والجمهور
على تضعيف مراسيل الحسن كما علم في الأصول ، أما ما قرره ابن دقيق العيد في المأخذ الرابع ترشيحاً لصحة
استدلال من استدل بحديث أنس على جواز السجود على الثوب المتصل بالمصلي المتحرك بحركته أخذاً من
قلة ثياب الصحابة بحيث يكون بعض الثوب على المصلي وبعضه في محل السجود لا يتحرك بحركة لابسه .
وأقول : ليس في الأمر ما يدعو إلى مثل هذه التأويلات في رأي لأمور :
أولاً : أن نسبة الثوب إلى المصلي لا يلزم منه كونه لابساً له في وقت الصلاة بل الإضافة إضافة تمليك أو اختصاص .
ثانياً : أن الصحابة وإن كانت حالتهم الاقتصادية يغلب عليها الضيق غير أن كثير منهم وأكثرهم يلبسون الأردية
مع الأزر وقد يلبسون القميص ولعل في حديث سهل بن سعد في قصة الواهبة الذي رواه الشيخان أن القليل منهم من
له ثوب واحد وذلك من قوله ما له ثوب غيره وقد يشعر بالجانب الآخر قول النبي ﷺ أو لكلكم ثوبان .
ثالثاً : أن الفاء في قوله بسط ثوبه فسجد عليه المقتضية للتعقيب لا يلزم منها أن يكون الثوب محمولاً للمصلي فلو
طرحه على الأرض عند سجوده في أول كل ركعة صدق عليه التعقيب بقطع النظر عما بعدها من الركعات .
رابعاً : أن الجمع بين الحديثين ممكن كما سبق فلا داعي لتأويل متعسف واحتمال بعيد والله أعلم والذي يتلخص
من هذا البحث أن الإفضاء بالجبهة والكفين إلى محل السجود واجب إلا في حالة الضرورة من حر لا يطاق أو برد
لا يحتمل فيجوز اتقاؤه بثوب منفصل يطرح على الأرض فإن لم يكن فبثوب متصل فبثوب متصل ليحصل بذلك
الاستقرار النفسي الذي به يتم الخشوع في الصلاة . والله أعلم .
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحيى النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [2]
[ المجلد الثاني ]
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam2.pdf
|