عرض مشاركة واحدة
  #33  
قديم 21-04-2015, 12:46AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله-




[114] : عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن معاذ بن جبل كان يصلي مع رسول الله ﷺ عشاء الآخرة ،
ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة .



ترجمة الراوي :

أما جابر بن عبد الله فقد تقدمت ترجمته ، ولكن سأكتب ترجمة لمعاذ بن جبل رضي الله عنه لكونه صاحب
القصة ، فهو : معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عابد بن عدي بن كعب الخزرجي الأنصاري ، المقدم
في علم الحلال والحرام قال ابن حجر في الإصابة ، وفي الحديث :

" وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل " ، قدم النبي ﷺ المدينة وهو شاب في التاسعة عشرة من
عمره وحضر بدراً وهو ابن إحدى وعشرين ، وتوفي في طاعون عمواس في السنة 18هـ على قول الأكثر .



موضوع الحديث :

اقتداء المفترض بالمتنفل .


المفردات :

عشاء الآخرة : الوصف بالآخرة خرج على اعتبار أنها إحدى صلاتي العشي .


المعنى الإجمالي :

كان قوم معاذ يعدونه أفضلهم فيحبون أن يقدموه إماماً لهم ، وكان هو يحب أن يصلي مع النبي ﷺ حرصاً منه
على الفضل المترتب على ذلك فيصلي مع النبي ﷺ مفترضاً ويعود إلى قومه فيصلي بهم نفلاً .



فقه الحديث :

أولاً : في الحديث دليل على جواز اختلاف نية الإمام والمأموم ويعارضه حديث إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا
تختلفوا عليه والجمع بينهما أن يحمل النهي على الاختلاف في الأفعال كما فسره آخر الحديث .



أما الاختلاف في النيات فقد دلت الأدلة الشرعية على جوازه كما مضى في الجزء الأول ص138، 139 فقد
أوردت الأدلة هناك على جواز اختلاف النيات بما أغنى عن إعادته ومنها هذا الحديث حيث يدل على جواز اقتداء
المفترض بالمتنفل واعتذر عنه من منع ذلك كالأحناف والمالكية والحنابلة في الراوية المشهورة بأعذار
تتلخص فيما يلي :

أولها : أن الاحتجاج من باب ترك الإنكار به من النبي ﷺ وذلك من شرطه العلم به .


ثانياً : أن النية أمر باطن لا يطلع عليه إلا بالإخبار من الناوي فجاز أن تكون نيته مع النبي ﷺ الفرض وجاز
أن تكون النفل ولم يرد عن معاذ ما يدل على أحدهما .



ثالثاً : ادعاء أن تكون قصة معاذ منسوخة .

رابعاً : أن الضرورة دعت إلى ذلك لقلة القراء ولم يكن لهم غنى عن معاذ ولم يكن لمعاذ غنى عن صلاته مع النبي ﷺ. .
هذا ملخص ما اعتذروا به عن الحديث ، وحاصل ما يجاب به عن هذه الاعتذارات الآتي فيجاب عن الاعتذار
الأول بثلاثة أجوبة :

أولها : أن علم النبي ﷺ : ليس بمشروط إذا علم أن الله لا يقر أصحاب رسول الله صلى على باطل إبان تنـزل
الوحي لأنه سبحانه يقول : _ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ _ (التوبة: من
الآية115) .


وإذا لم يعلم رسول الله فالله يعلم ، ولا يتصور أن يضل معاذ زمناً طويلاً يصلي بقومه صلاة باطلة في الشرع ولا ينبه
الله رسوله على ذلك ، إذ من لازمه أن الله أقرهم على باطل في زمن حياة الرسول وتنـزل الوحي عليه وذلك محال ،
وإذا علمنا أن بعض أصحاب النبي ﷺ يقول كنا على عهد رسول الله ﷺ نتقي الانبساط مع نسائنا خشية
أن ينـزل فينا قرآن ، حتى مات رسول الله ﷺ فانبسطنا إلى نسائنا .

إذا علم هذا فإنه يعطينا دلالة واضحة على مدى الحذر الذي كان يحذره أصحاب رسول الله _ خوفاً من تنـزل
القرآن فيهم .

أفيعقل بعد هذا أن يقر الله معاذاً وجماعة مسجده على الباطل زمناً طويلاً لا ينكره عليهم ؟ ما هذا إلا محال .


ثانياً : يبعد جداً أن يصلي معاذ مع النبي ﷺ كل يوم خمس مرات ثم يذهب إلى قومه فيصلي بهم تلك
الصلوات يبقى على ذلك زمناً طويلاً ولا يسئل رسول الله ﷺ وهو من هو في حرصه على العلم والفقه في
الدين حتى ورد في الحديث وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ .



ثالثاً : أنه قد ورد في شكوى من شكاه إلى النبي ﷺ بسبب التطويل ، ما يدل على علمه بذلك ومن أول
ذلك لم يصحبه التوفيق .



أما ما يجاب عن الاعتذار الثاني فهو شيئان :

أولها : أنه لا يظن بمعاذ أن يترك الفريضة مع النبي ﷺ ويصليها مع غيره .

ثانيها : أن النبي ﷺ قال إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة فهل يظن بمعاذ أن يترك ما أمر به
النبي ﷺ ويفعل غيره , ويجاب عن الاعتذار بالنسخ أنه دعوى بلا دليل أما النهي عن الصلاة في اليوم مرتين
إن ثبت فهو لا يدل على أن الصلاة في اليوم مرتين كان مشروعاً بنص شرعي ثابت قبل النهي والنسخ هو رفع حكم
شرعي بنص شرعي متأخر عنه ولم يكن هنالك حكم سابق حتى ينسخ .


ويجاب عن الاعتذار الرابع أن دعوى قلة القراءة في أصحاب رسول الله ﷺ دعوى باطلة بل الثابت خلاف
ذلك فالقراء من أصحاب رسول الله ﷺ كانوا غير قليلين قطعاً فكل الرجال والنساء والولدان قد قرأوا شيئاً
من القرآن الذي يؤدون به صلاتهم أو زيادة ولكن الذين جمعوا القرآن كله في حياة النبي ﷺ كانوا قليلين فعلاً
أما مجرد قراءة القرآن فذلك لا يخلو منه أحد وكيف يتصور أن يقل القراء في أصحاب رسول الله ﷺ والقرآن
قد امتزج بحياتهم ولحومهم ودمائهم فهو يصوغ واقعهم ويسيطر على حياتهم سيطرة تامة ، فمنه يتعلمون الصلة بالله
وبرسوله ﷺ ، ومنه يتعلمون صياغة العلاقات الأسرية والاجتماعية والاقتصادية في السلم وفي الحرب
وفي كل شيء ، أفيعقل بعد هذا أن يكون القراء في أصحاب رسول الله ﷺ كانوا قليلين ؟

وقد تبين بما سبرناه من الأجوبة إن هذه الاعتذارات ما كانت إلا دفاعاً عن المذاهب ومحاماة عنها .
نسأل الله السلامة .



ثالثاً : يؤخذ منه مشروعية انتظار الإمام الراتب ولو تأخر عن أول الوقت لأن مدة صلاته مع النبي ﷺ مع الانتظار
يأخذ شيئاً من الوقت .


رابعاً : يؤخذ منه إعادة الصلاة نفلاً إذا اقتضت المصلحة ذلك .



تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحيى النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [2]
[ المجلد الثاني ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam2.pdf







رد مع اقتباس