عرض مشاركة واحدة
  #29  
قديم 16-04-2015, 04:48PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم





تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -



[باب جامع]


[110] : عن أبي قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ : " إذا دخل
أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين " .



موضوع الحديث :

تحية المسجد .

المفردات :

إذا دخل : إذا ظرفية شرطية ، ودخل فعل الشرط .
فلا يجلس : جواب الشرط وجزاؤه .
حتى يصلي ركعتين : حتى غاية للنهي عن الجلوس قبل الركوع .


المعنى الإجمالي :

نهى النبي ﷺ كل داخل للمسجد أن يجلس قبل أن يصلي ركعتين ؛ لأن المساجد بيوت الله ، ومن دخل
على الملك بيته لابد أن يقدم لـه التحية ، وتحية ملك الملوك ورب الأرباب وجبار السموات والأرض ومبدعهما
أن تخضع لجلاله وتحني جبهتك لعزته بأن تصلي لـه ركعتين ، وقد أشار إلى ذلك رسول الله ﷺ حيث
يقول : " أعطوا المساجد حقها " .


فقه الحديث :

أولاً : اختلف العلماء في حكم هاتين الركعتين فذهب الجمهور إلى أنها سنة وحكاه الحافظ في الفتح إجماعاً
فقال واتفق أئمة الفتوى على أن الأمر في ذلك للندب ونقله ابن بطال عن أهل الظاهر والذي صرح به ابن
حزم عدمه .اهـ.



وجنح ابن دقيق العيد في شرح العمدة إلى الوجوب فقال : " ونقل عن بعض الناس أنهما واجبتان تمسكاً بالنهي
عن الجلوس قبل الركوع وعلى الرواية الأخرى التي وردت بصيغة الأمر يكون التمسك بصيغة الأمر ولا شك
أن ظاهر الأمر بالوجوب وظاهر النهي التحريم ومن أزالهما عن الظاهر فهو محتاج إلى دليل " . اهـ.



وقال الصنعاني في العدة تعليقاً على قول ابن دقيق العيد هذا ، أقول هذا هو الصواب وإيجابهما هو الجاري
على مقتضى الأوامر والنواهي ، وهذا الاعتذار الذي ذكره الشارح قد أبان وجه ضعفه وظهر من كلامه قوة القول
بوجوبهما وهو الذي نختار ، وقد قطع النبي _ خطبته وأمر من رآه دخل المسجد وهو يخطب ولم يصلهما ،
أمره بصلاتهما وهو من مؤكدات الإيجاب وكذلك الشوكاني صرح بالوجوب في النيل حيث قال : " إذا عرفت
هذا لاح لك أن الظاهر ما قال أهل الظاهر من الوجوب " .



قلت : القول بالوجوب هو الأولى لوجود الأمر ولا صارف ، أما صرفه بحديث " خمس صلوات كتبهن الله .." ،
وحديث الأعرابي الذي جاء إلى النبي ﷺ فقال : يا رسول الله أخبرني ما فرض الله عليَّ من صلاة ، قال :

" الصلوات الخمس إلا أن تطوع شيئاً " وفي آخره قال : والذي أكرمك لا أطوع شيئاً ولا أنقص مما فرض الله
عليَّ شيئاً . فقال الرسول صلى : " أفلح إن صدق أو دخل الجنةة إن صدق " .



أقول : صرف الأمر عن الوجوب إلى الندبية بهذين الحديثين ليس بجيد لما يأتي :
أولاً : أن هذين الحديثين وردا في الصلوات المتكررة في اليوم والليلة .
ثانياً : الأظهر الفرق بين الواجب والفرض ، وأن درجات الوجوب متفاوتة فأعلى درجات الوجوب وآكدها ما يسمى
فرضاً وركناً ، والركن ما لا يصح الشيء بدونه كأركان الإسلام الخمسة ، والركن في العبادة ما لا تصح بدونه
كالركوع والسجود في الصلاة فلا تصح الصلاة إلا بالإتيان بهما والركن في العقد ما لا يصح العقد إلا به كأركان
النكاح ، فهذه الأركان هي في الأصل واجبات لكنها امتازت بزيادة تأكيد في الوجوب ، ولذلك كانت تعتبر ركناً ،
أي جزءاً مما هي فيه ولا يصح بدونها ، ولكن لا ينفي ذلك وجود واجبات أخرى هي أقل منها في الوجوب ،
وفرقوا بينهما بأن الركن في الصلاة مثلاً مالا ينجبر بسجود السهو بدون الإتيان به ، أما الواجب فهو ما ينجبر
بالسجود من الإيتان بالمتروك كالتشهد الأول مثلاً وتكبير النقل عند من يرى وجوبه .



ومثل ذلك قالوا في الحج فقالوا : الركن في الحج ما لا يصح الحج إلا به ولا يجبره الدم ، كالوقوف بعرفة
والطواف والسعي ، الواجب ما يجبره الدم كالجمع بين الليل والنهار بعرفة ورمي الجمار والمبيت بمنى
وما أشبه ذلك .

وهنا نقول : وجود واجبات أو فرائض الإسلام تعتبر أركاناً فيه لا يصح بدونها لا ينفي وجود واجبات أخرى
هي أقل من الأولى في التأكيد والأهمية ، والتفريق بين الفرض والواجب هو الحق كما هو رأى الحنفية والحنابلة .



ثالثاً : أن الذين حصروا الوجوب في الصلوات الخمس قد أوجبوا صلوات غيرها كالعيدين والجنازة والوتر عند
من يرى وجوبه ، وركعتي الطواف عند من يرى وجوبها .

رابعاً : أن قوله : " أفلح إن صدق أو دخل الجنة إن صدق " بعد قوله : والذي أكرمك لا أطوع شيئاً معناه
– والله أعلم – أن من أتى بالصلوات سيكون مآله الفلاح ونهايته الجنة ، ولكن ذلك لا ينفي وقوع اللوم
والعذاب عليه قبل ذلك إن قصر في شيء من الواجبات الأخرى ، أو ارتكب شيئاً من المحرمات .



كما صح عن النبي ﷺ. أن أقواماً من الموحدين يدخلون النار ويعذبون فيها ، فإذا أتى إليهم الشافعون
ليخرجوهم من النار يجدونهم قد امتحشوا ، فلا يعرفونهم إلا بمواضع السجود وحرام على مواضع السجود
أن تأكلها النار .

والمهم أن إخبار النبي ﷺ عن الفلاح هو إخبار عن المآل بقطع النظر عن كون العبد يدخل الجنة أولاً
أو بعد العذاب ، والله أعلم .



خامساً : من تكرر دخوله إلى المسجد هل يؤمر بتكرار الركوع كلما دخل أم يسقط عنه قياساً على الحطابين
والفكاهين والمترددين إلى مكة في سقوط الإحرام عنهم ؟ .

قال ابن دقيق العيد والحديث يقتضي تكرار الركوع بتكرار الدخول .


قلت : الفرق حاصل بين هذا وذاك ، فهنا علق الأمر بالركوع على مجرد الدخول أما في الإحرام فإن
الأمر به معلق على إرادة الحج والعمرة قال ﷺ : " هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج
والعمرة " . ولهذا قال الصنعاني – رحمه الله – الأولى أن هذه الصورة وجهها غير صبيح وبين الجامع بين
عدم التحية وعدم الطواف بون فسيح .



قلت : وما صرح به ابن دقيق العيد والصنعاني هو الأولى إن شاء الله والله أعلم .
سادساً : إذا صلى العبد في المسجد هل يركع أم لا ؟ لأنه جاء عن النبي ﷺ أنه لم يصل قبل العيد ولا بعدها ،
ذكر ذلك ابن دقيق العيد ، وقال والنبي ﷺ لم يصل العيد في المسجد .‏

قلت : كونه لم يصل قبلها في الصحراء لا يمنع من فعل التحية في المسجد إذا وقعت صلاة العيد فيه .
والله أعلم .



سابعاً : إذا ركع ركعتي الفجر في بيته ثم أتى المسجد ولم تقم الصلاة فيه يركع ركعتي التحية ؟
الأظهر أنه يركع لأن الأمر بها في حال الخطبة يدل على طلب فعلها فيما هو أقل منه شأناً من باب أولى .
والله أعلم .





تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحيى النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [2]
[ المجلد الثاني ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam2.pdf







رد مع اقتباس