
11-04-2015, 06:25PM
|
عضو مشارك - وفقه الله -
|
|
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
|
|
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[105] : وعن عبد الله بن بحينة رضي الله عنه ، وكان من أصحاب النبي ﷺ ، أن النبي ﷺ صلى
بهم الظهر فقام في الركعتين الأوليين ولم يجلس ، فقام الناس معه ، حتى إذا قضى الصلاة وانتظر الناس تسليمه
كبّر وهو جالس فسجد سجدتين قبل أن يسلم ثم سلّم .
موضوع الحديث :
مشروعية سجود السهو لمن ترك التشهد الأول سهواً .
المفردات :
فقام من الركعتين الأوليين : أي بعد تمام الركعتين .
ولم يجلس : أي لم يجلس للتشهد الأول ، وجملة لم يجلس تأكيد للفعل قام .
قضي الصلاة : أي أكملها .
وانتظر الناس تسليمه : أي توقعوا أن يسلم .
المعنى الإجمالي :
سهى النبي الكريم ﷺ عن التشهد الأول فقام وتركه وتابعه الناس في القيام حتى إذا أكمل الصلاة ولم يبق
سوى السلام كبر وهو جالس ، وسجد سجدتين قبل السلام ، ثم سلم ، وكان ذلك السجود جبراً للتشهد المتروك .
فقه الحديث :
يؤخذ من الحديث دليل لمن قال أن السجود إذا كان من نقص فهو قبل السلام ، وهو قول مالك – رحمه الله –
وليس فيه دليل على مطلق السجود عن النقص أنه قبل السلام ، فقد ثبت من حديث أبي هريرة الماضي وعمران
بن حصين أن النبي ﷺ سجد بعد السلام ، وكان سهوه عن نقص ، اللهم إلا أن يقال بالفرق بين نقص ينجبر
بالسجود ، ونقص لا ينجبر إلا بالإتيان به .
نعم فيه دليل على من قال إن سجود السهو كله بعد السلام ، وهم الحنفية والله أعلم .
ثانياً : يؤخذ منه أن التشهد الأول والجلوس له غير واجبين ، قال ابن دقيق العيد من حيث أنه جبر بالسجود ،
ولا يجبر الواجب إلا بتداركه وفعله .
قلت : هذا يتمشى على مذهب من يرى أن الواجب نظير الفرض كالشافعية ، أما على مذهب من يفرق
بينهما كالحنابلة والحنفية فإن الواجب عندهم يجبر بسجود السهو والركن لا يجبر إلا بالإتيان به . والله أعلم .
ثالثاً : يؤخذ منه أن سجود السهو لا يتعدد بتعدد السهو ، فإنه هنا ترك التشهد الأول والجلوس له وسجد لهما
سجدتين ، وقد تقدم فيه بحث في الحديث السابق .
رابعاً : يؤخذ منه وجوب متابعة المأمومين للإمام على القيام عن هذا الجلوس إذا استمر .
خامساً : إذا تذكر الإمام قبل أن يستتم قائماً ، فعليه أن يعود ، وهل عليه سجود سهو أم لا ؟ في ذلك خلاف :
ذهب النخعي ، وعلقمة ، والأسود ، والشافعي إلى أنه لا سهو عليه ، واستدلوا على ذلك بما رواه أبو داود ،
وابن ماجة ، وأحمد عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه. قال : قال رسول الله ﷺ : " إذا قام أحدكم من الركعتين
فلم يستتم قائماً فليجلس " ، وفي رواية : " ولا سهو عليه ، وإن استتم قائماً فلا يجلس وسجد سجدتي السهو " ،
ومداره على جابر الجعفي وهو متروك ، قال أبو داود بعد إخراج هذا الحديث من طريقه : لم أخرج في كتابي عن
جابر الجعفي غير هذا الحديث .
وذهب الإمام أحمد والعترة إلى أنه يجب السجود وإن لم يستتم لفعل القيام ، لما رواه البيهقي والدارقطني عن
أنس موقوفاً عليه : أنه تحرك للقيام في الركعتين الأخيرتين من العصر على جهة السهو فسبحوا له فقعد ،
ثم سجد للسهو . وفي بعض طرقه قال : هذه السنة ، قال الحافظ في التلخيص : تفرد به سليمان بن بلال
عن يحيى بن سعيد عن أنس ، ورجاله ثقات .
قلت : وبهذا يظهر رجحان مذهب الإمام أحمد ومن معه ، لأمور ثلاثة :
أولها : أن أنساً قال في بعض
طرق الحديث : وهذه السنة ، وما كان كذلك فهو في حكم الرفع كما تقرر من علم المصطلح .
ثانيها : أن النبي ﷺ سجد في حديث الباب ولم يفصل .
ثالثها : أن التحرك للقيام على سبيل النسيان والوهم سهو ، وكل سهو يجب أن يجبر بالسجود كما
أفاده حديث : "لكل سهو سجدتان" وغيره .
أما حديث جابر الجعفي فهو مع ضعفه مخالف للنصوص الصحيحة ، وكذلك حديث ابن عمر عند الحاكم
والبيهقي والدارقطني : " لا سهو إلا من قيام عن جلوس ، أو جلوس عن قيام " . فهو ضعيف أيضاً ، في سنده
أبو بكر العنسي ، مجهول ، وإن كان ابن أبي مريم فهو ضعيف ، رغم أن الذهبي قد وافق الحاكم على
تصحيحه ، وجلَّ من لا يغفل . والله أعلم .
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحيى النجميَ
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [2]
[ المجلد الثاني ]
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam2.pdf
|