عرض مشاركة واحدة
  #20  
قديم 07-04-2015, 12:00AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم




تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -



[102] : عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ﷺ بعث رجلاً على سرية ، فكان يقرأ في صلاتهم
فيختم بقل هو الله أحد ، فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله ﷺ فقال : " سلوه لأي شيء يصنع ذلك " ،
فسألوه ، فقال : لأنها صفة الرحمن عز وجل ، فأنا أحب أن أقرأ بها ، فقال رسول الله ﷺ :
" أخبروه أن الله تعالى يحبه ".



موضوع الحديث :


جواز تكرار سورة بعينها في جميع ركعات الصلاة .


المفردات :


المحبة : في اللغة الوداد وكل ما قيل في المحبة من تفسير فالمراد به محبة المخلوق للمخلوق أما محبة
الله للعبد فهي صفة من صفاته تحمل على ما تقضيه في اللغة من غير تكييف ولا تمثيل ولا تحريف ولا تأويل
ولا تعطيل .


السرية : الفرقة القليلة تغزو ، سميت بذلك لأن غالب سيرهم يكون بالليل ، إما لأن ذلك أرفق بهم
أو بقصد التخفي لقلتهم ، أما في اصطلاح أهل المغازي والسير ، فهم يطلقون السرية والبعث على
ما لم يخرج فيها النبي ﷺ والغزوة على ما خرج فيها .


وقد يسمون السرية غزوة إذا كثر عدد جيشها وبعد وجههم كما قالوا غزوة مؤتة . والله أعلم .


المعنى الإجمالي :


المحبة دافع يتحكم بإرادة العبد فيضطرها إلى التوجه إلى جهة المحبوب فيحصل المحب على الراحة
بملابسة محبوبه ، والملابسة تحصل بذكر المحبوب والتحدث عن صفاته حتى قيل من أحب شيئاً
أكثر من ذكره ، لهذا تحكمت محبة هذا الصحابي لربه ولصفات ربه التي ملكت عليه قلبه ومشاعره
تحكمت في إرادته حتى جعلته لا يستطيع ترك قراءة سورة الإخلاص التي تشتمل على صفة الله
عز وجل حتى شكاه أصحابه إلى النبي ﷺ لجهلهم بما في قلبه ، ولكنهم ذهبوا شاكين متزمتين
وحاسدين ثم رجعوا حامدين ومُكبرين (أخبروه أن الله تعالى يحبه) .



فقه الحديث :


أولاً : فيه جواز القراءة في الركعة الواحدة بسورتين فأكثر وقد روى البخاري عن ابن مسعود
رضي الله عنه أنه قال : إني لأعرف القرائن ، أي السور التي كان رسول الله ﷺ يقرن بينها في
الركعة ثم عد سوراً ، وروى مسلم عن حذيفة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قرأ في صلاة الليل
بسورة البقرة ثم النساء ثم آل عمران .



ثانياً : فيه فضل سورة الإخلاص وأنها صفة الرحمن ولذلك كانت تعدل ثلث القرآن كما صح عنه
ﷺ فيما رواه الشيخان وغيرهما ، وقد ألف شيخ الإسلام ابن تيمية كتاباً سماه " جواب أهل العلم
والإيمان أن سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن " .



ثالثاً : فيه أن محبة هذه السورة موجبة لمحبة الله لأنها صفة الله ، ومن أحب صفة الله أحبه الله .


رابعاً : قول ابن دقيق العيد يحتمل أن يريد بمحبته قراءة هذه السورة خطأ لأنه لو كانت محبة الله
للعبد هي قراءة هذه السورة لما كان لهذا الصحابي مزية ، بل يلزم من ذلك أن كل من قرأ هذه السورة
يحبه الله ولو كان منافقاً أو كافراً ، فإذا فسرت المحبة بأنها مجرد القراءة لزم منه ذلك .



وقولـه : ويحتمل أن يكون لما شهد به كلامه من محبته لذكر صفات الرب وصحة اعتقاده خطأ أيضاً ،
لأنه تفسير لمحبة الله عز وجل التي هي صفة من صفاته بخلقه سبحانه وتعالى محبة الذكر في قلب العبد ،
فهو تفسير لصفة الله تعالى بفعله في غيره ، والصفة معنى قائم بالذات وخلقه محبة الذكر في قلب العبد
أثر من آثار اسمه الخالق ، واسمه الرحمن وآثار الأسماء ظهور مقتضياتها في غير المسمى بها ، وهو
الله جل شأنه ، فالخلق أثر من آثار اسمه الخالق يطلق على المخلوق وعلى الخلق الذي هو فعل الاسم
المقدس في غيره ، وكذلك يقال في الصفة . فعلم من هذا بطلان ما فسر به ابن دقيق العيد – رحمه الله – .



والذي حمل الشيخ – رحمه الله – على هذه المجازفة هو الفرار من التجسيم لأن إثبات الصفة
يقتضي ذلك على حد زعمه .

والحق ما ذهب إليه السلف الصالح – رحمهم الله – وهو أن إثبات الصفة إثبات وجود لا إثبات كيفية .


قال الإمام مالك – رحمه الله :
" الاستواء معلوم ، والكيف مجهول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة " .


وقال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : " وأما ما سألت عنه من الصفات ، وما جاء منها
بالكتاب والسنة ، فإن مذهب السلف إثباتها وإجراؤها على ظواهرها ، ونفي الكيفية ، والتشبيه عنها " ،
وقد نفاها قوم فأبطلوا ما أثبته الله ، وحققها قوم من المثبتين فخرجوا في ذلك إلى ضرب من التشبيه ، والتكييف ،
وإنما القصد في سلوك الطريقة المستقيمة بين الأمرين ، ودين الله تعالى بين الغالي فيه والمقصر عنه.



والأصل في هذا أن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات ويحتذي في ذلك حذوه ومثاله ،
فإذا كان معلوماً أن إثبات ذات الباري تعالى إنما هو إثبات وجود ، لا إثبات كيفية فكذلك إثبات صفاته
إنما هو إثبات وجود ، لا إثبات تحديد وتكييف . اهـ نقلاً من الحموية .



ولا نبطل بأكثر من هذا فلاستقصاء البحث في ذلك كتب تختص به وهي كتب العقائد ،


#وخلاصة القول أن المحبة صفة من صفات الله – عز وجل – ثابتة بالكتاب والسنة كقوله تعالى :
_ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّا _ (الصف: من الآية4) ، وقال : _ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ _
(التوبة: من الآية108) ، وقال : _ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ _ (التوبة: من الآية4) . إلى غير ذلك ،



ويجب إثباتها ، واعتقاد معناها الذي تقتضيه على وجه الكمال الذي يليق بجلاله تعالى ، والله الموفق
والهادي إلى سبيل الرشاد .





تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحيى النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [2]
[ المجلد الثاني ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam2.pdf








رد مع اقتباس