عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 03-04-2015, 06:51PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم






تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام


للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله.-




تكملة الدرس السابق :

هذا ما كتبته وكنت أعتقده برهة من الزمن ، ثم ترجح لدي بعد ذلك الاعتداد لأمور :
أحدها : مارواه الدارمي في سننه بقوله أخبرنا مسدد ، حدثنا يزيد بن زريع. ، حدثنا حميد الطويل ،
حدثنا بكر بن عبد الله المزني ، عن حمزة بن المغيرة ، عن أبيه ، أنه قال : فانتهينا إلى القوم وقد قاموا
يصلي بهم عبد الرحمن ابن عوف وقد ركع بهم ، فلما أحس النبي ﷺ ذهب يتأخر ، فأومأ إليه بيده
فصلى بهم فلما سلم قام النبي صلى وقمت فركعنا الركعة التي سبقتنا .


والحديث رجاله كلهم ثقات أئمة مخرج لهم في الصحيحين إلا حمزة بن المغيرة فإنه من رجال مسلم ،
فإن قيل حميد الطويل مدلس .



فالجواب : أنه قد صرح بالتحديث في هذا الحديث ، فإذا ضممنا إلى هذا الحديث حديث عروة
بن المغيرة بن شعبة في القصة نفسها حيث قال – أي المغيرة بن شعبة - : ثم أقبل فأقبلت معه يعني
النبي ﷺ حتى نجد الناس قد قدموا عبد الرحمن بن عوف فصلى لهم ، فأدرك الرسول ﷺ إحدى
الركعتين فصلى مع الناس الركعة الآخرة ، فلما سلم عبد الرحمن بن عوف قام رسول الله ﷺ يتم صلاته ،
ورواه الدارمي من طريق فيها عبد الله بن صالح كاتب الليث ، وهو صدوق ثبت في كتابه إلا أنه أكثر
الغلط ، وفي روايته : فصلى بهم عبد الرحمن ركعة من صلاة الفجر قبل أن يأتي رسول الله ﷺ ، ثم
جاء رسول الله ﷺ فصف مع الناس وراء عبد الرحمن في الركعة الثانية .

وأخرجه أبو داود من طريق
أحمد بن صالح المصري ، عن ابن وهب وأحمد بن صالح من رجال البخاري ، وفي روايته : فوجدنا
عبد الرحمن قد ركع بهم ركعة من صلاة الفجر ، فإذا ضممنا هذه الأحاديث بعضها إلى بعض ، تكون لنا
منها دليل على الاعتداد بالركعة لمن لحق الركوع .



وجه الاستدلال :

وجه الاستدلال منها أن هذه الأحاديث كلها متفقة أن عبد الرحمن بن عوف والناس صلوا ركعة قبل
مجيء النبي ﷺ ، وأن النبي ﷺ أدرك الركعة الثانية معهم ، أما على أي حال أدركهم في الركعة
الثانية فهذا لم يذكر إلا في رواية حمزة عند الدارمي فقد ذكر فيها أن النبي ﷺ أدركهم في الركوع
وأنه لم يقض إلا ركعة واحدة وسنده صحيح على شرط مسلم ، فتبين أنه اعتد بها وهذا مما فتح الله
به عليَّ ، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .


الأمر الثاني : تبين لي أخيراً أن أبا بكرة رضي الله عنه إنما ركع قبل أن يصل إلى الصف حرصاً على أن
يلحق الركوع مع النبي ﷺ ولو لم يكن يحتسب تلك الركعة التي لحق ركوعها ما حرص على
الركوع ذلك الحرص ، ولهذا فقد قال أبو بكر البيهقي في كتابه السنن الكبرى ، باب : من ركع دون الصف ،
وفي ذلك دليل على إدراك الركعة ولولا ذلك ما تكلفوه .



الأمر الثالث : أخرج البيهقي بسند صحيح وهو مرسل عن عبد العزيز بن رفيع عن رجل عن النبي ﷺ
قال : " إذا جئتم والإمام راكع فاركعوا وإن كان ساجداً فاسجدوا ، ولا تعتدوا بالسجود إذا لم يكن معه الركوع " .


‎ وأخرج عن عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر وزيد بن ثابت الاعتداد بالركعة لمن لحق الركوع وأخرج عن
مالك بلغه أن أبا هريرة كان يقول من أدرك الركعة فقد أدرك السجدة ، ومن فاتته قراءة أم القرآن فقد
فاته خير كثير .




الأمر الرابع : أن الاعتداد يناسب يسر الشريعة وسماحتها ، فقد يقال أنه يُعفى عن المسبوق في قراءة
الفاتحة تيسيراً عليه ، وقد كان هذا الترجيح بعد استخارة تبعها مواصلة أبحاث ، ولله الحمد والمنة وهو
الهادي إلى سواء السبيل .



رابعاً : يؤخذ من قوله : " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " أن من لم يقرأ بفاتحة الكتاب فلا صلاة
له ويعارضه حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي. الله عنه أن رجلاً أتى النبي صلى فقال : إني لا أستطيع
أن أتعلم شيئاً من القرآن فعلمني ما يجزئني في صلاتي ، قال : " قل سبحان الله والحمد لله .. الخ "
رواه أحمد وأبو داود والنسائي عن إبراهيم السكسكي وابن حبان والحاكم من طريق أبي خالد الدالاني وقد
وثقه أبو حاتم ، وقال النسائي : لا بأس به .


وقال إبراهيم السكسكي : ضعفه شعبة . وقال ابن عدي استشهد به البخاري . وقال ابن القطان :
ضعفه قوم فلم يأتوا بحجة . وله شاهد ضعيف عند الطبراني ، وعلى هذا فالحديث فيه ضعف مقارب
ويصح أن يكون من ما لا بأس به غير أنه لا يقوى على معارضة الأحاديث الصحيحة ، اللهم إلا أن يقال
أنه محمول على الحالة الراهنة ، بمعنى أنه لا يستطيع التعلم في تلك الساعة لعسر فهمه وضعف حفظه ،
فأرشده النبي ﷺ إلى هذا الذكر حتى يتعلم ، وبهذا يحصل التوفيق بين الأدلة . والله أعلم .




تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحيى النجميَ


تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [2]
[ المجلد الثاني ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam2.pdf










رد مع اقتباس