عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 15-03-2015, 12:40AM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم






تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -




[77] عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى قال ( إنما جعل الإمام ليؤتم به . فلا تختلفوا
عليه فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد
وإذا سجد فاسجدوا وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعون ) . رواه مسلم



[78] وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ( صلى رسول الله في بيته وهو شاك فصلى جالساً .

وصلى وراءه قوم قياماً فأشار إليهم أن أجلسوا فلما انصرف قال : إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا
ركع فاركعوا وإذا رفع فارفعوا وإذا قال : سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد وإذا صلى
جالساً فصلوا جلوساً أجمعون ) رواه مسلم



موضوعهما:

وجوب متابعة الإمام والنهي عن مخالفته



المفردات

إنما : أداة حصر
ليؤتم به : اللام للتعليل أي لأجل الاقتداء به
فلا تختلفوا عليه : الفاء تفريعية ولا ناهية معمولها تختلفوا أي لا تخالفوه بأفعالكم
فإذا ركع : الفاء فصيحة
فاركعوا : الفاء واقعة في جواب الشرط
ربنا ولك الحمد : الواو هنا عاطفة وفيها معنى الحال أو المعية والتقدير كما قال الحافظ في الفتح :
( ربنا استجب ) أو ( ربنا أطعناك ولك الحمد ) وهي ثابتة في جميع روايات حديث عائشة وبعض
روايات حديثي أنس وأبي هريرة .


شاك : من الشكاية وهي المرض وسببها أنه ركب فرساً فصرعه فانفكت قدمه
فأشار إليهم :
من الإشارة وهو الإيماء ووصفها عبدالرزاق عن هشام بقوله : فأخلف بيده يومئ بها إليهم

وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً : أي على الحال التي عليها إمامكم
أجمعون : بالواو
تأكيد لضمير الفاعل في صلوا



المعنى الإجمالي

ما زال النبي ﷺ يحذر أمته الاختلاف والتفرق والعصيان ويأمرهم بالاتحاد والطاعة لذلك نهى
المأموم عن مخالفة إمامه وأمره باتباعه لأنه قدم لهذا الغرض وهوالاقتداء به في أفعاله ولا
يكون متبوعاً إلا إذا فعل المأموم مثل فعله معقباً بفعله لفعل الإمام



فقه الحديث

أولاً : يؤخذ من قوله ( فلا تختلفوا عليه ) تحريم مخالفة المأموم لإمامه لكن اختلف العلماء في
الاقتداء مع اختلاف النية بعد اتفاقهم على منعه مع اختلاف الأفعال الظاهرة فذهب الشافعي
وأحمد في رواية عنه إلى جواز القدوة مع وجود الاختلاف في النيات ما لم تختلف الأفعال
الظاهرة وذهب المالكية والحنفية والحنابلة في الرواية المشهورة إلى منع اقتداء المفترض بالمتنفل
واستدل لهم بقوله ( فلا تختلفوا عليه ) وإن كان يلزم من استدل بهذه الجملة وترك ما عداها من
النصوص أن يقول بسراية الحكم في كل ما اختلفت فيه نية الإمام والمأموم لكن لم يفعلوا .


والمذهب الأول هو الراجح لموفقته الأدلة أما اقتداء المفترض بالمتنفل فلحديث جابر المتفق
عليه وسيأتي وأما عكسه فلحديث يزيد بن الأسود ومحجن بن الأدرع وقد تقدما في شرح
حديث النهي عن الصلاة بعد الصبح والعصر أي تقدمت الإشارة إليهما .



وأما اقتداء المقيم بالمسافر فلحديث عمران بن حصين رضي الله عنه عند أحمد ولفظه : أن النبي
_ أقام بمكة زمن الفتح ثماني عشرة ليلة يصلي بالناس ركعتين ركعتين إلا المغرب ثم يقول :
( يا أهل مكة قوموا فصلوا ركعتين أخريين فإنا قوم سفر ) .



غير أنه من رواية علي بن زيد بن جدعان قال فيه أحمد وابو زرعة ليس بالقوي وقال ابن خزيمة :
سيء الحفظ وقال يعقوب بن شيبة ثقة وقال الترمذي صدوق إلا أنه ربما رفع الشيء الذي يوقفه
غيره . قلت : القاعدة الاصطلاحية أن من كان ضعفه من قبل حفظه كهذا يتوقف فيما تفرد
به إلى أن يوجد له شاهد فيرفعه إما إلى الحسن لغيره وإما إلى درجة الصحيح لغيره وقد وجد
لهذا الحديث شاهد عن عمر أنه كان إذا قدم مكة صلى ركعتين ثم قال : يا أهل مكة أتموا
فإنا قوم سفر .
وسنده من أصح الأسانيد فصح الحديث ولزم القول به



أما عكسه ففيه أثر عن ابن عباس عند أحمد : أنه سئل ما بال المسافر يصلي ركعتين إذا انفرد
وأربعاً إذا أتم بمقيم ؟ قال تلك السنة . قال الشوكاني : أورد الحافظ هذا الحديث في التلخيص
وسكت عليه . انتهى



أما أنا فلا أملك وسائل تمحيصه في الحالة الراهنة وإذا صح لزم القول به لأن الاتمام هو الفرض
الأصلي .



أما اقتداء المتوضئ بالمتيمم فلحديث عمرو بن العاص في تيممه في غزوة ذات السلاسل بعذر
البرد وصلاته بأهل سريته . الحديث أخرجه أبو داود والحاكم وذكره البخاري معلقاً بصيغة التمريض
لأنه اختصره . انتهى . ومما يؤيده الأثر المروي عن ابن عباس



وأما اقتداء القاضي بالمؤدي وعكسه فلم أر فيه شيئاً
وبالجملة فهذه الأحاديث تعطي طالب الحق المعافى من مرض التقليد دلالة واضحة أن اختلاف
النيات لا يمنع القدوة أيا كان نوعه ومن الممكن أن نستدل على ذلك من نفس الحديث
لأن قوله : فإذا ركع فاركعوا .. إلخ تفسير لما منعت فيه المخالفة وتأكيده للنهي عن المخالفة
بالأمر بالمتابعة والله أعلم



ثانياً : يؤخذ من قوله ( فإذا ركعوا فاركعوا ) أن نقل المأموم لا بد أن يكون عقب نقل الإمام
من غير مهلة ولا يجوز أن يتقدمه أو يساويه . وهل يشرع في النقل بعد شروع الإمام فيه أو بعد
فراغه منه ؟ ربما ترجح الثاني للحديث الذي بعد هذا والله أعلم



ثالثاً: قوله ( إذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعون ) ظاهره وجوب متابعة المأموم للإمام في
الجلوس مع القدرة على القيام وقد عورض هذان الحديثان بحديث عائشة في الصحيحين في
صلاته ﷺ بالناس في مرض موته وهو قاعد وأبو بكر إلى جنبه قائم والناس وراءه وللعلماء في
العمل بهذه الأحاديث ثلاثة مسالك :



(أولها ) مسلك الجمع وهو حمل الأمر بالجلوس على ما إذا ابتدأ الصلاة جالساً في مرض يرجى
برؤه كما جرى في مرضه الأول وحمل وجوب القيام على ما إذا ابتدأ الصلاة قائماً ثم طرأ عليه
الجلوس أو كان في مرض لا يرجى برؤه كما جرى في مرض موته ﷺ وبهذا قال أحمد رحمه
الله وجماعة من محدثي الشافعية كابن خزيمة وابن حبان وابن المنذر رحمهم الله .



( الثاني ) مسلك النسخ وهو القول بوجوب القيام خلف الإمام القاعد لأن تقريره _ للصحابة على
القيام في مرض موته نسخ الحكم الأول وبهذا قال الشافعي وأبو حنيفة وأبو يوسف والأوزاعي
رحمهم الله



( الثالث ) مسلك الخصوصية وهو مذهب المالكية وهو أنه لا يجوز لأحد أن يؤم جالساً غير
النبي ﷺ واستدلوا بأثر مرسل من طريق الجعفي وهو متروك ومن طريق مجالد وقد تكلموا
فيه وهو مع أن روايه متكلم فيه مرسل معارض بفعل الصحابة الذين أموا جالسين والأصل
عدم الخصوصية وحكى الحافظ في الفتح أن ابن العربي المالكي قال : لا جواب لأصحابنا
يخلص عند السبك واتباع السنة أولى والتخصيص لا يثبت بالاحتمال .

إذا علم هذا فالجمع
أقوى هذه الثلاثة المسالك من جهة النظر لأنه لا يرجع إلى النسخ إلا بعد تعذره وقد حصل
والله أعلم أهـ .




تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحيى النجميَ

[ المجلد الأول : ص / 186 - 190]

تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [1]
[ المجلد الأول ]

http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam1.pdf








رد مع اقتباس