
03-03-2015, 06:35PM
|
عضو مشارك - وفقه الله -
|
|
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
|
|
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[66] عن أبي جحيفة وهب بن عبدالله السوائي رضي الله عنه قال : أتيت النبي ﷺ
وهو في قبة له حمراء من أدم قال : فخرج بلال بوضوء فمن ناضح ونائل فقال : فخرج
النبي ﷺ وعليه حلة حمراء كأني أنظر إلى بياض ساقيه قال : فتوضأ واذن بلال
قال : فجعلت أتتبع فاه ههنا وههنا يقول يميناً وشمالاً حي على الصلاة حي على الفلاح ثم
ركزت له عنـزة فتقدم وصلى الظهر ركعتين ثم لم يزل يصلي ركعتين حتى رجع إلى المدينة
موضوع الحديث :
يتكون الحديث من قصة تدخل في أبواب أخرى متفرقة من الأحكام منها الأذان ودخول
الحديث فيه من ناحية الالتفات عند الحيعلتين وهذه هي المناسبة بينه وبين الباب
المفردات
القبة : البناء المخروط الذي يكون أعلاه ضيق وأسفله واسع
حمراء : صفة للقبة
الأدم : جمع أديم وهو الجلد المدبوغ
ناضح : الناضح الآخذ من ماء وضوء رسول الله _ الذي يتساقط من أعضائه
والنائل : هو الذي يأخذ من بلل يد صاحبه
الحلة : إزار ورداء من البرود اليمنية وحمراء صفة للحلة
أتتبع فاه : أي ببصري أي أنظر إليه وهو يلوي عنقه يميناً وشمالاً عند الحيعلتين
المعنى الإجمالي
لقد ترك الوازع الإيماني الصحابة رضي الله عنهم يلقون النبي ﷺ بقلوب واعية وآذان
مصغية وأبصار تلحظ لحظ الحريص المتلهف إلى تسجيل كل ما رآه وسمعه على صفحات
قلبه ثم الاحتفاظ به كنـزاً يرجع إليه ويحذوه عند الحاجة ومن هذا تسجيل أبي جحيفة لنا
كل ما رآه وسمعه كصفة قبته وخروج بلال بالماء له وخروجه في الحلة الحمراء وتزاحم
الصحابة رضي الله عنهم على ما تساقط من أعضائه ﷺ من الماء يتمسحون به للتبرك
والتفات بلال عند الحيعلتين من أذانه إلى جهة اليمين والشمال وركز العنـزة لجعلها سترة
له ﷺ وصلاته قصراً إلى أن رجع إلى المدينة
فقه الحديث
أولاً : فيه مدى ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من الإجلال والتعظيم للنبي ﷺ
حيث كان ذلك مثار العجب من بعض المشركين يوم الحديبية إذ قال : والله يا قوم لقد قدمت
على كسرى وقيصر فلم أر أحداً منهم يعظمه قومه ما يعظم أصحاب محمد محمداً والله
ما يتركون له بصاقة ولا نخامة تسقط على الأرض إلا تدلكوا بها وإن توضأ كادوا يقتتلون
على وضوئه وإن أمر ابتدروا أمره .. الحديث .
ثانياً : قال ابن دقيق العيد : يؤخذ من الحديث التماس البركة بما لا بسه الصالحون بملابسته
فإنه ورد في الوضوء الذي توضأ به النبي ﷺ ويعدى بالمعنى إلى سائر ما يلابسه الصالحون .
انتهى .
قلت: وهذا باطل لأمور :
( أحدها ) أن هذا خاص بالنبي ﷺ لأنه لم ينقل عن أحد
من الصحابة أنه فعل ذلك بأبي بكر ولا عمر ولا سائر العشرة المشهود لهم بالجنة وهذا
إجماع منهم على الخصوصية
( ثانياً ) التعدية تحتاج إلى دليل ولا دليل
( ثالثاً ) أن التبرك بالصالحين أقرب الذرائع إيصالاً إلى الشرك وبهذا توصل إبليس إلى
إدخال الشرك على بني آدم في كل قرن . والله الهادي إلى سبيل الرشاد .
ثالثاً : يؤخذ من قوله ( حلة حمراء ) جواز لبس الأحمر وعارضته أحاديث النهي عن الحمرة
وعن لبس المعصفر إن صحت . وجمع بينهما ابن القيم بأن النهي عنه إنما هو عن ما كان
أحمر بحتاً وأن هذا الحديث وحديث البراء فيما كان مخططاً بالحمرة مع ألوان غيرها
رابعاً : في قوله ( فمن ناضح ونائل ) دليل على طهارة الماء المستعمل وقد تقدم
خامساً : في قوله ( فجعلت أتتبع فاه ههنا وههنا حي على الصلاة حي على الفلاح ) دليل على
استحباب التفات المؤذن عند الحيعلتين من الأذان يميناً وشمالاً بوجهه
سادساً : في قوله ( فركزت له عنـزة ) استحباب الصلاة إلى السترة
سابعاً : في قوله ( ثم صلى الظهر ركعتين ثم لم يزل يصلي ركعتين حتى رجع إلى المدينة ) سنية
القصر في السفر ومواظبة النبي ﷺ عليه . والله أعلم
ثامناً : يؤخذ من قوله ( كأني أنظر إلى بياض ساقيه ) أن أزرة النبي ﷺ كانت إلى
نصف الساق .
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحيى النجميَ
[ المجلد الأول : ص / 157 - 159]
تأسيس الأحكام بشرح أحاديث عمدة الأحكام [1]
[ المجلد الأول ]
http://subulsalam.com/site/kutub/Ahm...ssisAhkam1.pdf
|