بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
【 باب فضل صلاة الجماعة ووجوبها】
[59] عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما : أن رسول الله ﷺ قال : ( صلاة الجماعة
تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة ) متفق عليه
موضوع الحديث :
المفاضلة بين صلاة المنفرد والصلاة في الجماعة
المفردات
الفذ : هو الفرد
الدرجة : هي المرتبة في العلو
المعنى الإجمالي
يقدر الشارع لكل عمل قدره فيجعل صلاة الجماعة تزيد على صلاة الفذ أي المنفرد بسبع
وعشرين درجة وإنما كان هذا الفضل والتضعيف في صلاة الجماعة بسبب ما تحتوي عليه
من الشعائر الإسلامية باجتماع القلوب والأبدان على فعلها ثم الاتباع لقائد واحد يتقدمهم
فيها لأن هذه المظاهر من الإسلام بالمكان اللائق به ولما تحويه أيضاً من التمرين على
الطاعة بالاتباع والتمرين على التواضع باستواء مقام الشريف والوضيع كما أن فيها إغاظة
العدو بإظهار المجامع أمامهم
فقه الحديث
أولاً : في الحديث دليل لمن قال بصحة صلاة الفذ وهم الجمهور وخالف في ذلك الظاهرية
فقالوا ببطلان صلاة من صلى في بيته بدون عذر مستدلين بحديث ابن عباس : أن النبي
ﷺ قال : ( من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر ) أخرجه أبو داود من
طريق فيها أبو جناب يحيى بن أبي حية الكلبي وهو ضعيف وأخرجه ابن حزم في المحلى
من طريق سليمان بن حرب عن شعبة عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن
عباس مرفوعاً قال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي : وتابع سليمان بن حرب على
رفعه هشيم وقراد أبو نوح عند الدارقطني والحاكم وهما ثقتان ورواه غندر وجماعة من
أصحاب شعبة موقوفاً على ابن عباس لكن الرفع زيادة علم فيؤخذ به لثقة من رفعه . أهـ .
فقد صح الحديث بلا ريب غير أن الجمهور يحملون النفي في هذا الحديث على الكمال
لحديث ابن عمر هذا فإن المفاضلة لا تكون إلا بين شيئين كل منهما له أصل في الفضيلة
وإنما تكون المفاضلة فيما زاد على الأصل
وممايدل على صحة صلاة المنفرد حديث محجن بن الأدرع الذي تقدم في شرح حديث
النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر وحديث يزيد بن الأسود الذي تقدم هناك
ثم اختلفوا في حكم الحضور هل هو فرض عيني وبه قال عطاء والأوزاعي وأحمد بن
حنبل وابن خزيمة وابن حبان وابن المنذر أو فرض كفاية وإليه ذهب جمهور المتقدمين من
الشافعية وكثير من الحنفية والمالكية أو سنة مؤكدة وإليه ذهب أبو حنيفة وزيد بن علي
والمؤيد وبعض الشافعية
والذي ترجح لي بعد جمع الأدلة والتأليف بينها : أن صلاة الجماعة واجبة على الأعيان يأثم
تاركها بدون عذر وصلاته صحيحة والله أعلم
ثانياً : قال في هذا الحديث ( بسبع وعشرين درجة ) وفي حديث أبي هريرة ( خمسة وعشرين
ضعفاً ) ولهذا سلك العلماء في توجيه اختلاف العددين مسالك متعددة وكلها تخمينات بلا
دليل وأحسن ما قيل في ذلك : أن هذا مما تقصر عنه فهوم البشر وما كان كذلك فالذي
يلزمنا فيه التصديق والامتثال وبالله تعالى التوفيق .
َ
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
[ المجلد الأول : ص / 142-144 ]
TarbiaTasfia@