
10-02-2015, 04:51PM
|
عضو مشارك - وفقه الله -
|
|
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
|
|
بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
باب الحيض
الحيض :هو سيلان الدم من المرأة من موضع مخصوص في أوقات معلومة
والاستحاضة : هي جريان الدم من المرأة من موضع مخصوص في أوقات غير معلومة
[41] عن عائشة رضي الله عنها : أن فاطمة بنت أبي حبيش (رضي الله عنها سألت النبي
ﷺ فقالت إني استحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة ؟ قال ( لا إنما ذلك عرق ولكن
دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ثم اغتسلي وصلي ) وفي رواية ( وليست
بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة فيها فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم
وصلي ) متفق عليه
موضوع الحديث :
الاستحاضة ومتى يجب فيها ترك الصلاة والصوم
المفردات
فلا أطهر : كناية عن عدم انقطاع الدم وهو طهر لغوي
أن ذلك عرق : بكسر العين ويسمى العاذل أي انقطع
أقبلت : أي جاءت ويعرف إقبال الحيضة وإدبارها بأحد المعرفات الثلاث الآتية
والله أعلم
المعنى الإجمالي
استفتت فاطمة بنت أبي حبيش رسول الله ﷺ عن حكم الاستحاضة هل يلزم فيها
ترك الصلاة كالحيض أم لا فأفتاها بوجوب الصلاة عليها في دور الطهر الذي كان يعتادها
في أيام الصحة ووجوب ترك الصلاة عليها في دور الحيض الذي كان يعتادها في أيام
الصحة
فقه الحديث
اعلم أن مسألة المستحاضة من عويص مسائل الفقه ومشكلاته وقد أطال الفقهاء فيها
الكلام وأكثروا الفرضيات النادرة الوقوع وأنا مبين أصول هذه المسألة وما قام عليه الدليل
منها حسب استطاعتي والله المعين فأقول :
أولاً : أن المستحاضة توافق الطاهر في أربعة أمور ثلاثة متفق عليها وهي : الصلاة والصوم
والاعتكاف بشرط أن تضع المستحاضة تحتها إناء لما سقط من الدم كما روى ذلك
البخاري عن عائشة . ويلحق بالاعتكاف الطواف بجامع المكث والرابع : مختلف فيه
وهو الجماع فأجازه الجمهور وهو رواية عن أحمد في الرواية المشهورة عنه : لا يأتيها إلا
أن يخاف العنت
وقد روى أبو داود بسند رجاله كلهم ثقات عن عكرمة قال : كانت أم حبيبة تستحاض فكان
زوجها يغشاها . وإعراض أحمد عن المعلى لكونه ينظر في الرأي لا يقدح في عدالته وأخرج
أبو داود أيضاً عن عكرمة عن حمنة مثله بسند صالح .
فلذا يترجح مذهب الجمهور وإذا حلت لها الصلاة والصوم والاعتكاف فالوطء من باب
أولى والله أعلم
ثانياً : وتخالفها في ثلاثة أمور :
أحدها : الوضوء لكل صلاة وهو مذهب الجمهور لما أخرجه البخاري من رواية أبي معاوية
الضرير ( ثم توضئي لكل صلاة ) وقد تابعه كما قال ابن حجر حماد بن زيد وحماد بن
سلمة ويحيى بن سليم
والثاني : أنها لا تتوضأ إلا بعد دخول الوقت
والثالث : أنها تستنجي قبل الوضوء ويستحب لها أن تحشو فرجها بقطنة وأن تستثفر
ثالثاً : يؤخذ من قوله ﷺ ( إنما ذلك عرق ) أن الاستحاضة مرض وأن من غلبه الدم
من جرح أو انبثاق عرق أو كان به سلس يصلي كيفما استطاع ويعفى عما خرج منه
في أوان الصلاة
رابعاً : يؤخذ من وله ﷺ ( ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها )
إرجاع المعتادة إلى عادتها السابقة وهو مذهب أبي حنيفة وقال مالك والشافعي وأحمد تعمل
بالتمييز إن كانت من أهل التمييز وحجتهم الرواية الأخرى في هذا الحديث وهي قوله
ﷺ ( وليست بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك
الدم وصلي ) لأن هذه الرواية محتملة لأن يكون المعرف بإقبال الدم وإدباره هو التمييز
بالصفة واستدل لهم أيضاً بما روى أبو داود والنسائي عن فاطمة بنت أبي حبيش مرفوعاً
( إن دم الحيض أسود يعرف ) بكسر الراء أي تكون له رائحة كريهة في رواية ( يعرف ) بفتح
الراء أي يفهم لكنه من رواية عدي بن ثابت عن أبيه عن جده وقد ضعف أبو حاتم هذا
الحديث بجهالة جد عدي قاله الشوكاني .
قلت : رأيت الحديث عند أبي داود من طريق ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن فاطمة
بنت أبي حبيش إلا أن في سنده محمد بن عمرو وقد أخرج له البخاري ومسلم في
الاستشهاد ومن هنا يعلم أن للحديث أصل .
أما من ليست لها عادة ولا هي من أهل التمييز فهي تعمل على العادة الغالبة في النساء لحديث
حمنة بنت جحش ( تحيضي ستاً أو سبعاً في علم الله كما تحيض النساء وكما يطهرن
لميقات حيضهن وطهرهن ) رواه أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح ثم نقل عن الإمامين
في هذا الشأن وهما محمد بن إسماعيل البخاري وأحمد بن حنبل مثل قوله سواء وترك
بعضهم هذا الحديث من أجل عبدالله بن محمد بن عقيل لأنه مختلف في الاحتجاج به
وقال به أحمد فيمن ليست لها عادة ولا هي من أهل التمييز
خامساً : يؤخذ من قوله ﷺ ( ثم اغتسلي وصلي ) أن المستحاضة لا يجب عليها
إلا غسل واحد وفي ذلك خلاف سأبينه في الحديث الآتي إن شاء الله وهو الموفق والمعين
وبه الثقة .
متن أحاديث عمدة الأحكام من كلام خير الأنام [1]
http://subulsalam.com/site/audios/Mo...l-ahkam-01.mp3
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحي النجميَ
[المجلد الاول / ص100-103]
|