بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -
[31] عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي ﷺ أنها قالت كان النبي ﷺ إذا
اغتسل من الجنابة غسل يديه ثم توضأ وضوءه للصلاة ثم يخلل بيديه شعره حتى إذا
ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات ثم غسل سائر جسده وكانت تقول
كنت أغتسل أنا ورسول الله ﷺ من إناء واحد كلانا جنب . متفق عليه
[32] عن ميمونة رضي الله عنها زوج النبي ﷺ قالت وضعت للنبي ﷺ وضوء
الجنابة فأكفأ بيمينه على يساره مرتين أو ثلاثاً ثم غسل فرجه ثم ضرب يده بالأرض أو
الحائط مرتين أو ثلاثاً ثم تمضمض واستنشق وغسل وجهه وذراعيه ثم أفاض على رأسه
الماء ثم غسل جسده ثم تنحى فغسل رجليه فأتيته بخرقة فلم يردها وجعل ينفض الماء
بيده . متفق عليه
موضوع الحديثين :
صفة غسل الجنابة
المفردات :
غسل يديه : المراد كفيه وهذا الغسل غير الغسل الذي بعد الاستنجاء فذاك خاص بالشمال
لإزالة ما عليها من الرطوبة
يخلل : التخليل إنفاذ الأصابع مبلولة بين الشعر لإدخال الماء فيه
الضمير في بشرته : يعود على الشعر
أفاض : أي أسال
سائر : باقي
وضوء الجنابة : قال ابن دقيق العيد الوضوء بفتح الواو وهل هو اسم لمطلق الماء أو
للماء مضافاً إلى الوضوء ؟ وقد يؤخذ من هذا اللفظ أنه اسم لمطلق الماء فإنها لم
تضفه إلى الوضوء بل إلى الجنابة . قلت : قد قيل أن الوضوء مأخوذ من الوضاءة التي
هي النظافة أو الحسن كأنه لما كان سبباً لها سمي باسمها وعلى هذا لا يكون غريباً في
اللغة تسمية الماء المعد للغسل وضوءاً لأنه يجلب الوضاءة أكثر مما يجلبها الوضوء
أكفأ: أي أمال الإناء أو أصغاه
تنحى : أي تباعد عن موضعه الأول
أفاض الماء :أساله أو أفرغه
المعنى الإجمالي :
لحديثي عائشة وميمونة رضي الله عنهما أن النبي ﷺ كان إذا اغتسل من الجنابة يبدأ
بغسل كفيه قبل الاغتراف ثلاث مرات ثم يغسل فرجه بشماله ثم يدلكها بالتراب
ويغسلها مرتين أو ثلاثاً ثم يمضمض ويستنشق ويغسل وجهه ويديه كما يتوضأ للصلاة ثم
يحثي على رأسه الماء ويخلله بأصابعه حتى يروي بشرة رأسه ثم يغسل سائر جسده ثم
يتنحى عن موضع مغتسله ويغسل رجليه وإن شاء غسلهما في المغتسل وأنه عرضت عليه
ميمونة المنديل فرده وكان يغتسل مع عائشة من الجنابة من إناء واحد يغترفان منه جميعاً
حتى تختلف أيديهما فيه
فقه الحديثين :
أولاً : يؤخذ من هذين الحديثين صفة الغسل الكامل وعلى الكمال والاستحباب
حمل الجمهور غالب الأفعال الواردة في هذين الحديثين لكن اختلفوا في وجوب
مسائل من ذلك :
الأولى : اختلفوا في المضمضة والاستنشاق فقال بوجوبهما أبو حنيفة وقال الجمهور بالسنية
الثانية : اختلفوا في وجوب التدليك فأوجبه مالك والجمهور على استحبابه .
الثالثة والرابعة : اختلفوا في وجوب الترتيب والمولاة فقال بوجوبهما بعضهم مستدلين بحديث
أم سلمة رضي الله عنها ( إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضين عليك
الماء فإذا أنت قد طهرت ) لأن ثم تقتضي الترتيب ومذهب الجمهور سنيتهما ويترجح القول
بسنية المولاة بحديث ميمونة ( ثم تنحى فغسل رجليه ) حيث أخر غسل الرجلين عن
سائر الجسد
أما سائر ما ذكر فيهما فهو مسنون وهو غسل الكفين والاستنجاء ودلك الشمال بالأرض
مع غسلها لإذهاب الرطوبة والرائحة وتقديم أعضاء الوضوء ما عدا القدمين والتثليث في
الغسلات وتخليل الشعر والبدأ بالميامن وغسل القدمين بعد التنحي عن المغتسل وقال
قوم بغسلها قبل الشروع حملاً للوضوء المذكور على حقيقته .
هذا هو الغسل الكامل أما المجزئ فهو غسل جميع البدن على أي كيفية كانت ولو
انغمس في ماء بنية الغسل أجزأه عند قوم وقال آخرون هو ما تضمنه حديث أم سلمة
رضي الله عنها .
ثانياً : يؤخذ من قول عائشة كنت أغتسل أنا ورسول الله ﷺ من إناء واحد كلانا جنب
جواز اغتسال الرجل مع امرأته ونظر كل منهما إلى عورة الآخر.
ثالثاً : يؤخذ من قول ميمونة فأتيته بخرقة فلم يردها أن التمندل خلاف الأولى والله أعلم .
َالمصدر :
َ
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحيى النجميَ
[المجلد الاول / ص77-80]
متن أحاديث عمدة الأحكام
من كلام خير الانام [1]
[ قراءة صوتية للمتن ]
http://subulsalam.com/site/audios/Mo...l-ahkam-01.mp3
التعديل الأخير تم بواسطة ام عادل السلفية ; 01-02-2015 الساعة 04:47PM
|