عرض مشاركة واحدة
  #27  
قديم 30-01-2015, 05:17PM
ام عادل السلفية ام عادل السلفية غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 2,159
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم



تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام

للعلامة : احمد النجمي
-رحمه الله -



[29] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول : ( الفطرة خمس :
الختان والاستحداد وقص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط )



موضوع الحديث :
إزالة الزوائد التي يستقبح الإنسان بطبيعته تركها



المفردات
الفطرة : هي الجبلة أو الخلق وذلك أن الله عز وجل خلق الخلق وجبلهم على استحسان
الحسن واستقباح القبيح ومن القبيح الذي تستقبحه العقول السليمة وتستوخمه الطباع المستقيمة
زيادة هذه الأشياء عن حدودها المحددة لها شرعاً ومن هنا تعلم أن الذين يحفون اللحى
ويعفون الشوارب معاكسون للفطرة مخالفون للشريعة عاصون لله ورسوله متعرضون للقذارة
والوسخ مغيرون لخلقهم ومشوهون لزينتهم التي منحهم الله إياها مع زعمهم أو زعم آخرين
منهم يحفون الجميع أنهم لا يحملهم على ذلك إلا طلب النظافة كأنهم يعتقدون
أن النبي ﷺ لم يكن نظيفاً حين أعفى لحيته

فإن قلت : نرى فاعلي هذه البدع يستحسنونها فكيف لا تستقبح فطرهم هذا ؟ فالجواب
أن القلوب ما دامت نظيفة من درن المعاصي تكون مضيئة جذابة فترى الحق حقاً والباطل
باطلاً ومتى اتسخت بالمعاصي عميت كالحديد إذا علاه الذحل فحينئذ تنعكس أمامها
الحقائق فترى الحق في صورة الباطل والباطل في صورة الحق ويكون المعروف عند
اصحابها منكراً والمنكر معروفاً والدليل على ذلك ما روى حذيفة بن اليمان رضي الله عنه
قال : قال رسول الله ﷺ ( تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عوداً عوداً
فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى
تعود القلوب على قلبين قلب أسود مرباد كالكوز مجخياً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً
إلا ما أشرب من هواه وقلب أبيض فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض [رَبَّنَا لا
تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ] (آل عمران:8)
ومعذرة من الإطالة فالمقام مقام بيان والحاجة داعية والله الموفق .

الاستحداد :
استعمال الحديد لإزالة العانة

والختان : مصدر من ختن بمعنى قطع وهو بكسر الخاء وتخفيف المثناة
وتقليم الأظافر : أي قصها مأخوذ من القلم الذي هو القطع


المعنى الإجمالي
أخبر النبي ﷺ أن هذه الخصال من الغرائز التي جبل عليها العبد أي على استحسان
فعلها واستقباح تركها



فقه الحديث
في الحديث خمس مسائل أربع متفق على سنيتها وهي الاستحداد وقص الشارب
وتقليم الأظافر ونتف الإبط .

والخامسة مختلف في وجوبها وسنيتها وهي الختان فعند مالك وأبي حنيفة أنه مسنون وذهب
الشافعي وأحمد إلى وجوبه إلا أن الشافعي يرى الوجوب على الرجال والنساء وأحمد يرى
الوجوب على الرجال دون النساء مستدلاً بحديث ( الختان سنة للرجال مكرمة للنساء ) وهو
حديث ضعيف قال الشوكاني بعد أن بين ضعف الأحاديث الدالة على الوجوب والحق أنه لم
يقم دليل صحيح على الوجوب والمتيقن السنية لحديث( خمس من الفطرة ) والواجب الوقوف
على المتيقن حتى يقوم دليل يوجب الانتقال عنه ومقصود الشوكاني أنه لم يرد دليل صريح
في الوجوب وهو صحيح أما الصحيح غير الصريح فهو موجود

المسألة الثانية : الاستحداد وهو الأفضل ويجوز بكل ما يحصل به المقصود وهو الإزالة
كالنتف والنورة وقد روي أن النبي ﷺ تنور

والعموم دال على مشروعية الاستحداد للرجال والنساء وحكى الحافظ في الفتح أن بعض
العلماء كرهه للنساء بزعمه أنه يقوي الشعر غير أن الحديث بلفظ ( تستحد المغيبة وتمتشط
الشعثاء ) يرد ذلك لأنه صريح في مشروعية الاستحداد للنساء

المسألة الثالثة : قص الشارب وقد جاء بلفظ الأمر ( قصوا ) وفي رواية ( جزوا ) وفي رواية
(احفوا) والكل جائز لكن اختلفوا في أيها أفضل القص أم الإحفاء والأحسن القول بالتخيير
ويمكن أن يقال لما كان القص يصدق على التقصير والاستئصال جاءت رواية الإحفاء فعينته للاستئصال

المسألة الرابعة : قص الأظفار لئلا تفحش وتجتمع تحتها الأوساخ
المسألة الخامسة : نتف الإبط والحكمة في تعيين الشارع النتف فيه لأنه يضعف الشعر
فناسب أن يؤمر به هنا من أجل أن الإبط منفذ من منافذ الجسم تخرج منه الروائح الكريهة
وكثرة الشعر تزيد الروائح وقلته تخففها





المناسبة
قد يظهر في المناسبة بين الباب والحديث خفاء وبيانه أن الباب معقود لإزالة النجاسات
فناسب أن يدخل فيه هذا الحديث الذي يتضمن إزالة الفضلات الموجبة للوساخة
والتقذر بجامع القذارة . قاله شيخنا حافظ بن أحمد الحكمي رحمه الله .



المصدر :

تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ

تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحيى النجميَ

[المجلد الاول / ص71-74]




رد مع اقتباس