بسم الله الرحمن الرحيم
تأسيس الأحكام على ما صح عن خير الأنام
بشرح أحاديث عمدة الأحكام
للعلامة : احمد النجمي
- رحمه الله -
[28] عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد فزجره
الناس فنهاهم النبي ﷺ فلما قضى بوله أمر النبي ﷺ بذنوب من ماء فأهريق عليه .
متفق عليه
موضوع الحديث :
كيفية تطهير النجاسة من الأرض
المفردات
أعرابي : نسبة إلى الأعراب وهم سكان البوادي
الطائفة : القطعة من الشيء وطائفة المسجد ناحيته
فزجره الناس : أي انتهروه وأغلظوا له القول
بذنوب : الذنوب الدلو المليئ فإن لم يكن فيها ماء فهي شن ودلو
فأهريق : أصلها أريق أبدلت الهمزة هاء وزيدت همزة أخرى للوصل ومعناه صبوه
المعنى الإجمالي
وصف الله رسوله في كتابه بلين الجانب والرحمة بالمؤمنين وهذه الأوصاف محل اللياقة
برعاية الخلق التي مثلها واقتدى به فيها الصدر الأول من أتباعه حين حكموا معظم أوساط
المعمورة فكر في هذا الحديث ترى رحمة وعلماً وحكمة وحلماً فلو ترك النبي ﷺ
أصحابه حين زجروه وأرادوا ضربه لانتثر بوله في غير موضع في المسجد وانقطع فأضر
بجسمه وكان في ذلك تنفير لكثير من الأعراب عن الإسلام قال تعالى ﷻ وَاعْلَمُوا أَنَّ
فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ (الحجرات:7)
ولكن بحكمة الرسول ﷺ كانت النتيجة بعكس ذلك كله قال تعالى ﷻ فَبِمَا
رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ
وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ (آلعمران:159)
فقه الحديث
أولاً : في الحديث مثال من خلق نبي الرحمة ﷺ إذ نهاهم عن زجره لئلا يضر البول ببنيته إذا انقطع ولئلا يلوث المسجد إذا قام ولتكون النجاسة في محل واحد
ثانياً : فيه مشروعية ارتكاب أدنى المفسدتين لدفع أكبرهما إن كان لا بد من إحداهما
ثالثاً : فيه حسن التعليم وأن يكون برفق ولين ليكون أدعى للقبول وهو من البصيرة
رابعاً : فيه أن تطهير النجاسة إذا وقعت على الأرض بالصب عليها حتى يغلب على الظن طهارة المكان المتنجس وليس في ذلك تحديد على الأصح ولا يشترط حفر الأرض لأن الحديث فيه مرسل فلا يقوى على معارضة الصحاح الموصولة .
خامساً : فيه وجوب تنزيه المساجد عن القاذورات
سادساً : فيه أن البول نجس والله أعلم
المصدر :
تَأْسِيسُ الأَحْكَامِ
عَلَى مَا صَحَّ عَنْ خَيْرِ الأَنَامِ
بِشَرْحِ أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الأَحْكَامِ
تَأْلِيف
فَضِيلةُ الشَّيخِ العلَّامَة
أَحْمَدُ بن يحيى النجميَ
[المجلد الاول / ص69-70]