عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-04-2012, 01:53AM
أبو حمزة مأمون
عضو غير مشارك
 
المشاركات: n/a
افتراضي تحقيق الكلام في حديث الدرمكة البيضاء من المبادر بالسؤال أرسول الله أم ابن صياد الكاذب

بسم الله الرحمن الرحيم
تحقيق الكلام في حديث الدرمكة البيضاء من المبادر بالسؤال أرسول الله أم ابن صياد الكاذب المبطل؟
(للشيخ ماهر القحطاني حفظه الله).

ففي قراءتنا الأسبوعية لصحيح الإمام مسلم بن الحجاج أشكل على أهل الحلقة من المبادر في حديث (الدرمكة البيضاء) والقائل ما تربة الجنة هل هو رسول الله صلى الله عليه وسلم أم ابن صياد فقد جاءت روايتان متعارضتان سأل بعض الطلاب كيف يمكن علاج التعارض بينهما وهما مارواه مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة وبوب عليه النووي باب ذكر ابن صياد الحديث رقم (5212) والذي قال مسلم حدثنا نصر بن علي الجهضمي، حدثنا بشر يعني ابن مفضل، عن أبي مسلمة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن صائد: «ما تربة الجنة؟» قال: درمكة بيضاء، مسك يا أبا القاسم قال: «صدقت»
ويعارضه الحديث الذي بعده
وهو الذي قال فيه مسلم برقم (5213) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو أسامة، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، أن ابن صياد، سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن تربة الجنة؟ فقال: «درمكة بيضاء مسك خالص»
فوقفت في الدرس وقفة المتأمل وغضضت الطرف عن الأولى رجاء أن تفهم من الثانية فاستشكل بعض الطلبة وطلب معرفة الجمع فظننت أن فيه قلب حصل في الأولى ثم أعدت الكرة فقلت نظرة إلى ميسرة لجمع الطرق ما دام أن المخرج واحد فلا بد أن إحداهما أرجح من الأخرى ثم قلت عادة مسلم أن يبدأ بالأقوى في الصحة ثم الأقل رتبة وهكذا ...
فقلت مبدئياً ترجح الرواية الأولى وهي أن السائل لابن صياد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن طريقة مسلم ونهجه في صحيحه يترجح معها ذلك الاختيار ثم جاءني بعض الطلبة برواية في مسند أحمد فقلت لا يكفي حتى نجمع الطرق فقد قيل الحديث إذا لم تجمع طرقه لم يبين لك خطؤه.

الدراسة والمقارنة:
في الحديث الأول والذي كان فيه السائل رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن صياد (ما تربة الجنة) فأجابه : (درمكة بيضاء).
خرجه مسلم في صحيحه ورجاله:
1 – (نصر بن علي الجهضمي) قال أحمد لا بأس به وقال أبو حاتم ثقة وقال النسائي ثقة وقال ابن خراش ثقة.
قال ابن حجر(مرجحاً حاله جمعاً بين الأقوال) : ثقة ثبت.
2 – (بشر بن المفضل) قال عنه الإمام أحمد إليه المنتهى في التثبت في البصرة وقال أبو حاتم ثقة وقال محمد بن سعد ثقة وكذا النسائي وأبو زرعة وقال العجلي ثقة ثبت في الحديث.
(ورجح ابن حجر حاله فقال) : ثقة ثبت.
3 – (أبو مسلمة) وهو سعيد بن يزيد بن مسلمة الأزدي من دون الوسطى من التابعين قال عنه ابن معين ثقة وكذا قال النسائي والعجلي ومحمد بن سعد والبزار والدارقطني وقال ابن حجر في التقريب (مرجحاً حاله) ثقة.
4 – (أبو نضرة) وهو المنذر بن مالك بن قطعة العبدي العوفي وهو من الوسطى من التابعين قال الإمام أحمد ثقة وكذا ابن معين وكذا أبو زرعة والنسائي ومحمد بن سعد وابن حبان فكلهم حكم عليه أنه من الثقات وقال ابن حجر في التقريب ثقة.
فالحديث صحيح السند وهو أقوى رتبة في الصحة من الذي بعده والمخرج واحد وهو من طريق أبي نضرة عن أبي سعيد.
فقد خالف أبا مسلمة (الثقة) وهو سعيد بن يزيد الأموي (الجريريُ) وهو سعيد بن إياس الجريري والذي قال عنه أبو حاتم الرازي ( حسن الحديث) تغير حفظه قبل موته وقال النسائي ثقة أنكر أيام الطاعون وقال محمد بن سعد ثقة واختلط آخر عمره وكذا قال العجلي وقال ابن عدي مستقيم الحديث حجة قبل الاختلاط فقال ابن حجر مرجحاً حاله ثقة اختلط قبل موته.
قلت فإذا كان ذلك كذلك فتقدم رواية أبي مسلمة سعيد بن يزيد الأزدي والذي وثقه ابن معين ولم يختلط عليه ولا سيما أن مسلم جعل هذه الرواية قبله (وأبو أسامة) وإن كان ثقة لكن محمد بن سعد قال يدلس ويبين تدليسه.
فالأرجح الرواية الأولى وهي التي خرجها مسلم فقال حدثنا نصر بن علي الجهضمي، حدثنا بشر يعني ابن مفضل، عن أبي مسلمة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن صائد: «ما تربة الجنة؟» قال: درمكة بيضاء، مسك يا أبا القاسم قال: «صدقت»
.
فالصحيح الراجح الرواية الأولى وهي في كتاب الفتن وأشراط الساعة حدثنا نصر بن علي الجهضمي، حدثنا بشر يعني ابن مفضل، عن أبي مسلمة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن صائد: «ما تربة الجنة؟» قال: درمكة بيضاء، مسك يا أبا القاسم قال: «صدقت»

لأن رواية أبي مسلمة أرجح من رواية الجريري المختلط
وقد جاءت في مسند أحمد روايات من طريق الجريري كنت قد وهمت فظننت أنها موافقة لما وهم فيه كما في الرواية التي في مسلم فذكر أن السائل ابن صياد ثم تنبهت بعد ما اطلعت على تذكير وتنبيه من بعض الطلاب في الحلقة فتأملت الروايات وإذا بها على الجادة
موافقة لرواية أبي مسلمة عن ابي نضرة عن أبي سعيد الخدري
فقمت بحذفها من الرسالة وأعدت بيان حالها فأعدتها :

الأولى : خرج أحمد في مسنده قال خرج أحمد في مسنده قال حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ ابْنَ صَائِدٍ عَنْ تُرْبَةِ الْجَنَّةِ فَقَالَ دَرْمَكَةٌ بَيْضَاءُ مِسْكٌ خَالِصٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَ

الثانية : خرج أحمد في مسنده حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ ابْنَ صَائِدٍ عَنْ تُرْبَةِ الْجَنَّةِ فَقَالَ دَرْمَكَةٌ بَيْضَاءُ مِسْكٌ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَ

الثالثة : رَحِمَهُ اللَّهُ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ ابْنَ صَائِدٍ عَنْ تُرْبَةِ الْجَنَّةِ فَقَالَ دَرْمَكَةٌ بَيْضَاءُ مِسْكٌ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَ

الرابعة : وخرج أيضا في مسنده فقال حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ ابْنَ صَائِدٍ عَنْ تُرْبَةِ الْجَنَّةِ فَقَالَ دَرْمَكَةٌ بَيْضَاءُ مِسْكٌ خَالِصٌ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَ

وكلها صحيحه إلى الجريري
فرواها كلا من عفان ويونس بن محمد وروح عن حماد بن سلمة عن أبي نضرة عن أبي سعيد وكلهم ثقات على أن السائل النبي صلى الله عليه وسلم لابن صياد
وحماد سمع من الجريري قبل الاختلاط وقيل ايضا بعد الاختلاط ولكن يبدو أن هذا مماسمعه قبل الاختلاط فرواه لحماد في تلكم الروايات على السلامة على السلامة لما تقدم من ترجيح رواية أبي مسلمة عن أبي نضرة عن أبي سعيد على رواية الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد به
وأما أبو أسامة عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد بأن السائل ابن صياد للنبي صلى الله عليه وسلم فشاذ مقلوب
فلا يؤخذ به فروايته مرجوحة فمن لم يتميز خبره روى قبل الاختلاط أو بعده تركت روايته فقدمت رواية أبي مسلمة والذي خالفه فيها في أبي نضرة وهو أرجح لأنه لم يختلط كالجريري
فهلاء رووا عن الجريري كرواية أبي مسلمة وأن السائل لابن صياد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي الرواية الأرجح
قال صاحب الكواكب النيرات
عن الجريري سعيد ابن إياس
وممن سمع منه قبل التغيير
شعبة وسفيان الثوري والحمادان وإسماعيل بن علية ومعمر وعبد الوارث بن سعيد ويزيد بن زريع ووهيب بن خالد وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي

وذلك لأن هؤلاء كلهم سمعوا من أيوب السختياني

وقد قال أبو داود فيما رواه عنه أبو عبيد الآجري كل من أدرك أيوب فسماعه من الجريري جيد

وممن سمع منه بعد التغيير محمد بن أبي عدى وإسحاق الأزرق ويحيى بن سعيد القطان ولذلك لم يحدث عنه شيئا
فرجعت إلى من روى وأدرك أيوب السختياني فلم يكن أبو أسامة منهم والظاهر أنه سمع عنه بعد الاختلاط فرواية حماد الموافقة لأبي مسلمة هي الأرجح
وهي أن السائل رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال مسلم حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا بِشْرٌ يَعْنِي ابْنَ مُفَضَّلٍ عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِابْنِ صَائِدٍ مَا تُرْبَةُ الْجَنَّةِ قَالَ دَرْمَكَةٌ بَيْضَاءُ مِسْكٌ يَا أَبَا الْقَاسِمِ قَالَ صَدَقْتَ
ونشكر من نبهنا على ما في روايات أحمد وما حصل فيها من وهم ومانقله عن البعض من حال أبي اسامة وحماد في روايته وقد رجعنا بعد ذلك للكواكب النيرات والى روايات مسند أحمد فوجدناه صحيحا وتمت الزيادة والتعديل
وقد تفضل الله علينا بمنته أننا ذكرنا في الدرس أنه ابتداءا ترجح رواية ابي مسلمة عند مسلم لأن هذا نهجه يبدأ بالأقوى ثم الأضعف من الرويات وعزز ذلك بما ذكرنا من تقديم رواية أبي مسلمة عن أبي نضرة عن أبي سعيد والتي كان السائل فيها عن تربة الجنة الرسول صلى الله عليه وسلم
فقدمت
على رواية الجريري المختلط عن أبي نضرة عن أبي سعيد والذي كان السائل فيها ابن صياد فالحمدلله على فضله والشكر له على توفيقه وامتنانه



وكتب أبو عبد الله ماهر القحطاني
رد مع اقتباس