بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين أما بعد
فأقول بل التحقيق في حكم النذر ماقاله ابن دقيق العيد في كتاب الإحكام واختاره العلامة الألباني من فقهاء الحديث المعاصرين
وهو أن النذر يكون مكروها إذا كان نذرا معلقا وأما المطلق فليس بمكروه بل يجري مجرى الصدقة فهو مشروع
ويدل على ذلك قوله تعالى وماأنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه
وهذا حث على الانفاق في سبيل الله والنذر وترغيب فيه لأنه عبادة في الأصل
والعبادة لاتكون مكروهة مطلقا إلا إذا اقترنت بها مخالفة كإفراد يوم عاشوراء فالافراد مكروه لأنه تشبه باليهود وأما إذا فعلت على الوجه المطلوب فهي مشروعة بل مستحبة
وذلك إذا صام المكلف يوما قبل عاشوراء انتفت علة التشبه باليهود فصار صيامه مستحبا
فخرج مسلم في صحيحه وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ يَعْنِي يَوْمَ عَاشُورَاءَ
قلت يعني مع العاشر لمخالفة اليهود فخرج بذلك عن حد الكراهية والتي تحصل بمشابهتهم
وكذلك في النذر
فإن النذر المكروه هو الذي وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه يستخرج به من البخيل
وهو المعلق فيقول إذا شفيت ابنتي فلله علي نذر أن أتصدق
فهذا بخل بالعبادة لأنه يطلب المعاوضة فيها مع الرب فإنه لن ينفق النذر ويوفي به حتى يعافي الله له ابنته
فهذا الذي يستخرج به من البخيل أو يجد ثقلا في الصدقة فيشدد على نفسه بالزامها بالنذر ولولاه ماتصدق
فهذه صورة أخرى للبخل
وأما من أخرج النذر سمحة به نفسه من جنس اخراج الصدقة فهذا الذي أثنى عليه الرب وليس ببخيل فقد نوع عبادة الانفاق فتارة صدقة وتارة نذر من جنسه سمحة به نفسه وهو النذر المطلق وهو المشروع الذي خرج عن حد الكراهية والله أعلم
__________________
ماهر بن ظافر القحطاني المشرف العام على مجلة معرفة السنن و الآثار maher.alqahtany@gmail.com
|