{ تكملة }
أقول: كان عليه أن يتثبت قبل الهدم، فيسأل عن ذلك أهل العلم؛ إن كان يجوز له الطعن في عبد الله بن الزبير واتهامه بالكذب على رسول الله r! وقد تبين لعبد الملك صدقُه
- رضي الله عنه - بمتابعة الحارث إيّاه؛ كما تابعه جماعة كثيرة عن عائشة - رضي الله عنها -، وقد جمعت رواياتهم بعضها إلى بعض في هذا الحديث، فالحديث مستفيض عن عائشة، ولذلك فإني أخشى أن يكون عبد الملك على عِلْم سابق بالحديث قبل أن يهدم البيت، ولكنه تظاهر بأنه لم يسمع به إلاّ من طريق ابن الزبير، فلما جابهه الحارث ابن عبد الله بأنه سمعه من عائشة أيضاً؛ أظهر الندم على ما فَعَل، ولاتَ حين مَنْدَم.
هذا؛ وقد بلغنا أن هناك فكرة أو مشروعاً لتوسيع المطاف حول الكعبة، ونقل مقام إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - إلى مكان آخر، فأقترح بهذه المناسبة على المسؤولين أن يبادروا إلى توسيع الكعبة قبل كل شيء، وإعادة بنائها على أساس إبراهيم - عليه السلام ؛ تحقيقاً للرغبة النبوية الكريمة المتجلية في هذا الحديث، وإنقاذاً للناس من مشاكل الزحام على باب الكعبة الذي يُشاهد في كل عام، ومن سيطرة الحارس على الباب، الذي يمنع من الدخول من شاء ويسمح لمن شاء؛ من أجل دريهمات معدودات ( 1 )!
باب/ مشروعية زيارة قبر النبي r
1 - عن عاصم بن حُميد السَّـكونيّ - رحمه الله - :
أن معاذاً لما بعثه النبي r إلى اليمن، خرج معه النبي يوصيه، ومعاذ راكب، والرسول r يمشي تحت راحلته، فلما فرغ قال: يا معاذ! إنك عسى أنْ لا تلقاني بعد عامي هذا، (أ) ولعلك أن تمر بمسجدي (هذا أ) وقبري .
صحيح، "الصحيحة" برقم (2497).
* (تنبيه):
هذا الحديث استدل به الدكتور البوطي في آخر كتابه "فقه السيرة" على شرعية زيارة قبره
r التي زعم أن ابن تيمية ينكرها!
ونحن وإنْ كنّا لا نخالفه في هذا الاستدلال، فإنه ظاهر، ولكنّا ننبه القراء بأنّ هذا الزعم باطل وافتراء على ابن تيمية - رحمه الله - فإن كتبه طافحة بالتصريح بشرعيتها، بل وتوسع في بيان آدابها، وإنما ينكر ابن تيمية قَصْدَها بالسفر إليها؛ المعنيّ بحديث: لا تُـشَـدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد.. . الحديث؛ كما كنتُ بيّنتُ ذلك، وبسطتُ القول فيه من أقوال ابن تيمية نفسه في ردي على البوطي المسمى: "دفاع عن الحديث النبوي"، فما معنى إصرار الدكتور على هذه الفِرْية حتى الطبعة الأخيرة من كتابه؟!
الجواب عند القراء الألبَّاء.
|