عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 12-10-2011, 09:41AM
أبو همام فوزي أبو همام فوزي غير متواجد حالياً
عضو مشارك - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
الدولة: لـيـبـيـا
المشاركات: 114
افتراضي

وكذلك لم ترد في حديث الترجمة لا من الوجه المذكور أولاً، ولا من الطريق الأخرى عند الشيخين وغيرهما.
نعم، في رواية لأحمد (1/198) من طريق ابن أبي نجيح أن أباه حدثه أنه أخبره من سمع عبد الرحمن بن أبي بكر يقول: قال رسول الله r... فذكره نحوه.
إلا أنه قال:  فأهلا وأقبلا، وذلك ليلة الصدر ، لكن الواسطة بين أبي نجيح
وعبد الرحمن لم يُسَمَّ، فهو مجهول، فزيادته منكرة، وإن سكت الحافظ في "الفتح" (3/479) على زيادته التي في آخره:  وذلك ليلة الصدر ، ولعل ذلك لشواهدها. والله أعلم.
وجملة القول أنه لا يوجد ما ينفي قول ابن القيم انه لم يعتمر بعد الحج أحد ممن كان مع النبي r سوى عائشة،ولذلك لما نَقَـل كلامه مختصراً الحافظ في"الفتح"لم يتعقبه إلا بقوله (3/478): (وبعد أن فعلته عائشة بأمره دل على مشروعيته)!
ومن تأمل ما سقناه من الروايات الصحيحة، وما فيها من بيان سبب أمره  إياها بذلك؛ تجلى له يقيناً أنه ليس فيه تشريع عام لجميع الحجاج،ولو كان كما توهم الحافظ لبادر الصحابة إلى الإتيان بهذه العمرة في حجته r وبعدها، فعدم تعبدهم بها، مع كراهة من نص على كراهتها من السلف كما تقدم لأكبر دليل على عدم شرعيتها. اللهم إلا من أصابها ما أصاب السيدة عائشة - رضي الله عنها - من المانع من إتمام عمرتها.والله - تعالى – ولي التوفيق.
وإن مما ينبغي التنبه له أن قول ابن القيم المتقدم: (إنما كانت عُـمَرُهُ كلها داخلاً إلى مكة)،
لا ينافيه اعتماره r من (الجعرانة)، كما توهم البعض؛ لأنها كانت مَرْجِعُه من الطائف، فنزلها، ثم قَسَمَ غنائم حُنَيْن بها، ثم اعتمر منها.
2 - عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي r قال لها:
 طوافك بالبيت، وبين الصفا والمروة يكفيك لحجك وعمرتك .
صحيح. "الصحيحة" برقم (1984).
* فائدة:
قلتُ: فالعمرة بعد الحج إنما هي للحائض التي لم تتمكن من الإتيان بعمرة الحج بين يدي الحج، لأنها حاضت، كما علمت من قصة عائشة هذه، فمثلها من النساء إذا أهلت بعمرة الحج كما فعلت هي - رضي الله عنها -، ثم حال بينها وبين إتمامها الحيض، فهذه يشرع لها العمرة بعد الحج، فما يفعله اليوم جماهير الحجاج من تهافتهم على العمرة بعد الحج، مما لا نراه مشروعاً؛ لأن أحداً من الصحابة الذين حجوا معه  لم يفعلها.
بل إنني أرى أن هذا من تشبه الرجال بالنساء، بل الحُيَّضِ منهن! ولذلك جريت على تسمية هذه العمرة بــ (عمرة الحائض) بياناً للحقيقة.

باب/ كيفية الاستفادة من لحوم الهدايا والضحايا في منى.
عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال:
 كنا نتزوّدُ لحوم الأضاحي على عهد رسول الله r إلى المدينة .
صحيح. "الصحيحة" برقم (805).
* تنبيه:
لقد شاع بين الناس الذين يعودون من الحج التذمر البالغ مما يرونه من ذهاب الهدايا والضحايا في مِنَى طُعْماً للطيور وسباع الوحوش، أو لقماً للخنادق الضخمة التي تحفرها الجرافات الآلية ثم تقبرها فيها، حتى لقد حمل ذلك بعض المفتين الرسميين على إفتاء بعض الناس بجواز - بل وجوب - صرف أثمان الضحايا والهدايا في مِنَى إلى الفقراء، أو يشتري بها بديلها في بلاد المكلفين بها، ولست الآن بصدد بيان ما في مثل هذه الفتوى من الجَوْر، ومخالفة النصوص الموجبة لِمَا استيسر من الهدي دون القيمة، وإنما غرضي أن أنبه أن التذمر المذكور يجب أن يُعلَم أن المسؤول عنه إنما هم المسلمون أنفسهم، لأسباب كثيرة لا مجال لذكرها الآن، وإنما أذكر هنا سبباً واحداً منها؛ وهو عدم اقتدائهم بالسلف الصالح - رضي الله عنهم - في الانتفاع من الهدايا بذبحها وسلخها وتقطيعها، وتقديمها قِطَعاً إلى الفقراء، والأكل منها، ثم إصلاحها بطريقة فِطْرية؛ كتشريقه وتقديده تحت أشعة الشمس بعد تمليحه، أو طبخه مع التمليح الزائد ليصْلُح للادخار، أو بطريقة أخرى علمية فنية إن تيسرت، لو أن المسلمين صنعوا في الهدايا هذا وغيره مما يمكن استعماله من الأسباب والوسائل؛ لزالت الشكوى بإذن الله، ولكن إلى الله المشتكى من غالب المسلمين الذين يحجون إلى تلك البلاد المقدسة وهم في غاية من الجهل بأحكام المناسك الواجبة؛ فضلاً عن غيرها من الآداب والثقافة الإسلامية العامة. والله المستعان.
رد مع اقتباس