بسم الله الرحمن الرحيم
هذا الحديث خرجه مسلم في صحيحه
فقال حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ كِلَاهُمَا عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَاللَّفْظُ لِقُتَيْبَةَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ
أَيَّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي
الْأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ
وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي أَنْ لَا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ عَامَّةٍ وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ فَيَسْتَبِيحَ
بَيْضَتَهُمْ وَإِنَّ رَبِّي قَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لِأُمَّتِكَ أَنْ لَا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ
عَامَّةٍ وَأَنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ وَلَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا أَوْ قَالَ مَنْ
بَيْنَ أَقْطَارِهَا حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا وَيَسْبِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا
الشرح
هذا من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم أن أراه مازوى أي جمع له من الأرض وهذا لايمكن أن يحدث لأحد الا بأمر الله سبحانه الذي إذا أراد أمرا قال له كن فيكون
ومن مقتضى شهادة أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم تصديقه فيما أخبر فنحن نؤمن أن ملك أمة الاجابة الفرقة الناجية سيبلغ في السعة والفتوحات مازوي وجمع للنبي صلى الله عليه وسلم من الارض في تلك الرؤيا المعجزة التي قد رأى مشارقها ومغاربها فالمد بالفتوحات اعظم مايكون من جهتهما
فهذه بشارة عظيمة بشر بها النبي صلى الله عليه وسلم
قال النووي قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّه قَدْ زَوَى لِي الْأَرْض , فَرَأَيْت مَشَارِقهَا وَمَغَارِبهَا , وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا , وَأُعْطِيت الْكَنْزَيْنِ الْأَحْمَر وَالْأَبْيَض )
أَمَّا ( زُوِيَ ) فَمَعْنَاهُ جُمِعَ , وَهَذَا الْحَدِيث فِيهِ مُعْجِزَات ظَاهِرَة ,
وَقَدْ وَقَعَتْ كُلّهَا بِحَمْدِ اللَّه كَمَا أَخْبَرَ بِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ الْعُلَمَاء : الْمُرَاد بِالْكَنْزَيْنِ الذَّهَب وَالْفِضَّة ,
وَالْمُرَاد كَنْزَيْ كِسْرَى وَقَيْصَر مَلِكَيْ الْعِرَاق وَالشَّام .
فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّ مُلْك هَذِهِ الْأُمَّة يَكُون مُعْظَم اِمْتِدَاده فِي جِهَتَيْ الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب , وَهَكَذَا وَقَعَ .
وَأَمَّا فِي جِهَتَيْ الْجَنُوب وَالشِّمَال فَقَلِيل بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب ,
وَصَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَى رَسُوله الصَّادِق الَّذِي لَا يَنْطِق عَنْ الْهَوَى ,
إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْي يُوحَى . قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَيَسْتَبِيح بَيْضَتهمْ ) أَيْ جَمَاعَتهمْ وَأَصْلهمْ ,
وَالْبَيْضَة أَيْضًا الْعِزّ وَالْمُلْك .
قَوْله ( سُبْحَانه وَتَعَالَى : وَإِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُك لِأُمَّتِك أَلَّا أُهْلِكهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّة )
أَيْ لَا أُهْلِكهُمْ بِقَحْطٍ يَعُمّهُمْ , بَلْ إِنْ وَقَعَ قَحْط فَيَكُون فِي نَاحِيَة يَسِيرَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَاقِي بِلَاد الْإِسْلَام .
فَلِلَّهِ الْحَمْد وَالشُّكْر عَلَى جَمِيع نِعَمه .
وقوله
بعضهم يهلك بعضا وحتى يكون بعضهم يسبي بعضا
قال تعالى وكذلك نولي الظالمين بعضهم بعضا بما كانوا يكسبون
فالله قادر على ان ينتقم من الحاكم الظالم بعصيان شعبة وطلب خلعه والمحكومين اظهروا المعصية من ترك صلاة او ربى منع زكاة فيذيق بعضهم باس بعض
ولكن لايسلط عليهم عدو عليهم عدو يستبيح بيضتهم موضع مجتمعهم واستقرار سلطانهم
وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين وإذا وضع السيف في أمتي لم يرفع عنها إلى يوم القيامة ولا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان وإنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون كلهم يزعم أنه نبي وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي ولا تزال طائفة من أمتي على الحق قال بن عيسى ظاهرين ثم اتفقا لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر
__________________
ماهر بن ظافر القحطاني المشرف العام على مجلة معرفة السنن و الآثار maher.alqahtany@gmail.com
|