عرض مشاركة واحدة
  #29  
قديم 29-10-2010, 03:39AM
الصورة الرمزية أم العبدين الجزائرية
أم العبدين الجزائرية أم العبدين الجزائرية غير متواجد حالياً
مفرغة صوتيات - وفقها الله -
 
تاريخ التسجيل: Dec 2007
المشاركات: 848
افتراضي

تاسعا: لعلك تقول: أنا لم أقصد السكوت عن المبتدعة، ولم أطلب من أحد السكوت عنهم؛ وإنما أردت أن أخفف من حدة الاتهامات الحاصلة بين السلفيين.
وأقول: إن الوا جب عليك وعلى غيرك ممن يتكلم في أمر مثل هذا أن يميز في الحكم بين السلفيين والحزبيين حتى يتبين حكم كل جماعة على حدة، لا سيما وأن الخوارج هذا الزمان اتخذوا التقية والنفاق ديدناً لهم، فتراهم عند الولاة منسجمين معهم والأسرار يعلمها الله.
عاشرا: قلت: ((موقف أهل السنة من العالم إذا أخطأ أنه يعذر؛ فلا يباع، ولا يهجر))، أتيت يا شيخ بتراجم لثلاثة من العلماء السابقين وهم البيهقي، والنووي، وابن حجر، وهؤلاء وقعوا في تأويل بعض الصفات، ولهم مؤلفات عظيمة ومفيدة.
ولذلك رأى أهل السنة والجماعة أن الناس بحاجة إلى الاستفادة من كتبهم في غير ما وقعوا فيه من البدعة، فيحذر طلاب العلم من بدعهم، ويستفاد من كتبهم في غير المجال الذي أخطئوا فيه، أما القول بأنهم عذروا -أي: بأن أهل السنة عذروهم فيما تأولوه من الصفات، وحذروا من إطلاق البدعة عليهم- فلا فيما أعلم.
ثم ضربت مثلا بالشيخ الألباني من المعاصرين، والشيخ الألباني من أهل السنة انفرد بأشياء من قبيل الاجتهادات التي ربما يقال بأنه شذ بها مع أنها مبنية على أدلة اقتنع بها هو، فتمثيلك به تمثيل في غير محله إذ إن الكلام في هجر المبتدع والألباني ليس بمبتدع، وحاشاه أن يبتدع، وهو مساكن للسنة والآثار آناء الليل وآناء النهار، تخريخا، ونقدا، وتصحيحا وتضعيفا، فليتك لم تذكره في بحثك هذا.
ثم أتيت بأقوال لبعض السلف مجملة، ولم تعرج على ما ملئت به الكتب من هجر المبتدع ولا بد أنك قرأت تلك الكتب أو بعضها وهي: الإبانة الكبرى لابن بطة، والإبانة الصغرى له، وشرح السنة للالكائي، وكتاب السنة لابن أبي عاصم، والشريعة الآجري، وغيرها من الكتب التي دونت الآثار عن السلف في هجر المبتدع.
وأقول: يا شيخ إن سكوتك عن تلك الآثار يجعلك محجوبا أمام الله قبل الناس، أنسيت يا شيخ أن إمام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمه الله أمر بهجر حسين بن علي الكرابيسي، وعدم الأخذ عليه، وعدم قراءة كتبه؛ فترك ولم يأته أحد رغم غزارة علمه.
وأمر بهجر سهل بن عبد الله التستري الذي كان يقال له: سهل القصير، وعدم قراءة كتبه فتركه أهل الحديث.
وأبى أن يدخل عليه داود بن علي الظاهري.
وهجر أهل السنة الحسن بن صالح بن حي لما علموا ببدعته.
لا أدري يا شيخ أنسيت هذه الآثار أم تناسيتها؟
وإني لأنصحك يا شيخ، وأنصح نفسي باتباع آثار السلف والسير على نهجهم وعلى طريقتهم، وأنت تعلم يا شيخ أن الخطأ الذي يحصل من أحد الشيوخ في الأحكام الفرعية التي يسوغ فيها الاجتهاد فهذا الذي يعذر فيه قائله، ولا يبدع، ولا يهجر، والخطأ الذي يبدع صاحبه ويهجر هو الذي في العقيدة، ولا نعلم أن السلف عذروا أحدا ابتدع في العقيدة بدعة وعذروه.
الحادي عشر: أنت قلت: ((إن السلفيين انقسموا إلى قسمين من أجل رجلين))، والذي يظهر أنك تقصد بالرجلين هم الشيخ ربيعا بن هادي المدخلة، وأبا الحسن السليماني المأربي.
وأنا أقول لك: إن المسألة مسألة حق ينصر ويؤيد، وباطل يشجب ويبين بطلانه، وهذا اتهام منك للسلفيين من علماء وطلاب علم اتهام منك لهم بالعمالة والعصبية الممقوتة، العصبية التي نجاهم الله منها بقوله- جل من قائل-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}[المائدة:8].
وفي حديث عبادة المتفق عليه: ((وأن نقول بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم)).
هذا وأمثاله هو الذي حتم علينا أن نقول الحق، وإن ترتب على قوله غضب بعض الأطراف.
أتراني يا شيخ عبد المحسن نسير على منهج أهل الجاهلية الذين يقول بعضهم:
وهل أنا إلا من غزية إن غوت *** غويت وإن ترشد غزية أرشد
ويقوله بعضهم لمسيلمة حين سأله: صاحبك يأتيك في نور أو في ظلمة؟ قال: في ظلمة، فقال له: والله إنك لكذاب ولكذاب ربيعة أحب إلينا من صادق مضر.
أترانا مثل هؤلاء الأجلاف الضالين، وقد أنار الله قلوبنا بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم؟ تبا لمن فعل ذلك وسحقا، ثم تبا له وسحقا.
ثم إن الرجلين الذين انقسم أهل السنة من أجلهما -حسب قولك- يستحيل أن يكونا جميعا على حق، ويكون كل منهما ضد الآخر، ويلزم من ذلك أن يكون أحدهما على حق والآخر على باطل، والباطل الذي مع الآخر إما أن يكون باطلا محضا، أو باطلا مشوبا بحق، ومعلوم أن الله تعالى أمرنا باتباع الحق ونصره ونصر أهله: { اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [الأعراف: 3].
وقال- جل من قائل-: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [لأنعام: 153].
وقال كليم: ((انصر أخاك ظالما أو مظلوما. فقال: هذا إذا كان مظلوما، فكيف أنصره إذا كان ظالما؟ قال: تردعه عن ظلمه)).
فالله أمرنا باتباع شرعه؛ لأن فيه الحق الصافي الخالص من اللبس ذلك ؛ لأن الله ذم الباطل وأهله، ونهانا عن لبس الحق بالباطل، وعن كتمان الحق، فقال: {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [لبقرة: 42].
وقال تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [آل عمران: 71].
ومن درس ما عليه الرجلان تبين له ما يأتي:
أولا: إن الشيخ ربيعا معروف بدعوته إلى السنة، مع معرفته التامة لها، وجهاده من زمن طويل من أجلها.
ثانيا: أن الشيخ ربيعا قد ألف مؤلفات معظمها في الرد على من خالفوا السنة دفاعا عنها وجهادا في سبيلها، ولم نعلم أنه خالف الأدلة في مسالة واحدة، وقد شهد له الألباني رحمه الله بذلك.
أما أبو الحسن فهو شاب غرير ألف كتابا أو كتابين لم يتمحض فيها للحق ويمشي فيها مع الأدلة، بل لوحظت عليه ملاحظات هذا من حيث وضع كل منهما العام.
أما من حيث الوضع الخاص الذي بدأ قبل سنتين؛ فإنا نجد أن أبا الحسن يشكك في حجية خبر الآحاد إذا صح على القواعد الاصطلاحية، وهذه مخالفة لأهل السنة والجماعة، وأخذ بقول المعتزلة ومن نحا نحوهم.
ثانيا: يرى حمل المجمل على المبين في كلام العلماء، وهذه مخالفة لما عليه السلف أيضا في أنه لا يحمل المجمل على المبين إلا في كلام المعصوم صلى الله عليه وسلم.
ثالثا: يزدري ويحتقر أهل السنة، ويلمع ويعظم المبتدعة، فهو يقول في أهل السنة: (غوغائيين)، و(أقزام)، و(قواطع صلصة)، و(صغار)، وغير ذلك من ألفاظ التحقير. أما المبتدعة فهم عنده جبال، ولما قيل له عن المغراوي قال: كيف أزيل الجبل الأشم؟
رابعا: أنه يعتذر للمبتدعة؛ فمثلا سيد قطب الذي قرر في مقدمة سورة الحجر أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم قد ارتدت عن الدين كلها، وأنه لا يوجد فيها دولة مسلمة، ولا مجتمع مسلم قاعدة التعامل فيه شريعة الله، قال ذلك في (ج 4/ 2122)، وقرر في سورة يونس أن مساجد المسلمين معابد وثنية، وفسر سورة الإخلاص بوحدة الوجود.
خامسا: يعتذر للمغراوي التكفيري.
سادسا: ينزل على المبتدعة، ويتلقاه المبتدعة في كل مكان ينزل فيه، ولا يأنس إلا إليهم.
سابعا: سئل عن الإخوان المسلمين: هم من أهل السنة والجماعة؟ قال: نعم.
ثامنا: شهد رجال من أهل العلم الموثوق بعلمهم أنهم جربوا عليه الكذب في أشياء كثيرة.
هذه حال أبي الحسن فكيف نقول: انقسم أهل السنة إلى قسمين من أجل رجلين؟ ومفهوم هذا الكلام الذي قلته لي في المكالمة أن الرجلين كلاهما مع أهل السنة، فهل يصح أن نقول أن أبا الحسن من أهل السنة مع ما عنده من الفواقر؟!! الجواب: لا.
وهل يصح أن أتباعه من أهل السنة؟!! الجواب: لا.
وإن كنت تعتقد أن أبا الحسن وأتباعه من أهل السنة فنحن نأسف لذلك، وننصحك بالتراجع عن مثل هذا القول.
قلت في (ص 44): ((فتنة التجريح والهجر من بعض أهل السنة في هذا العصر حصل في هذا الزمان انشغال أهل السنة ببعض تجريحا وتحذيرا وترتب على ذلك التفرق والاختلاف والتهاجر...)) إلخ.
إلى أن قلت: ((ويعود ذلك إلى سببين:
أحدهما: أن من أهل السنة في هذا العصر من يكون ديدنه وشغله الشاغل تتبع الأخطاء والبحث عنها سواء كانت في المؤلفات أو الأشرطة، ثم التحذير ممن حصل منه شيء من ذلك)).
وأقول: إن هذا منقبة، وليست مذمة؛ فلقد كانت حماية السنة منقبة عند السلف، نعم عند الشباب السلفي غيرة؛ إذا وجدوا مخالفة للسنة في مؤلف أو في شريط، أو رأوا من أهل السنة من يمشي مع المبتدعة بعد النصح أنكروا ذلك ونصحوه أو طلبوا من بعض المشايخ نصحه، فإذا نصح ولم ينتصح هجروه وهذه منقبة لهم، وليست مذمة لهم.
ثم قلت: ((ومن هذه الأخطاء التي يجرح بها الشخص ويحذر منه بسببها تعاونه مع إحدى الجمعيات بإلقاء المحاضرات أو المشاركة في الندوات، وهذه الجمعية قد كان الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ محمد بن عثيمين-رحمهما الله- يلقيان عليها المحاضرات عن طريق الهاتف، ويعاب عليها دخولها في أمر قد أفتاها به هذان العالمان الجليلان)). اهـ
وأقول: هذه الجمعية هي جمعية إحياء التراث في الكويت يرأسها عبد الرحمن عبد الخالق وعنده دخائل وعليه ملاحظات.
ومن كلامه ولمزه للسلفيين قوله: ((فإنه ما زال المسلمون إلى يومنا هذا يطلع عليهم بين الحين والآخر من يزعم نصر الدين، وقول كلمة الحق، فيترك أهل الأوثان والشرك والإباحية والكفر، ويعمل قلمه في المسلمين، بل وجدنا منهم من لا هم له إلا مشاغلة الدعاة إلى الله والتعرض لهم بالسب والتشهير، وتأليف الرسائل في بيان مثالبهم...)) إلخ.
وهذا طعن في السلفيين وعيب لهم وذم لطريقتهم في الإنكار على المبتدعة، ويقصد بالدعاة إلى الله، في قوله: ((بل وجدنا منهم من لا هم له إلا مشاغلة الدعاة إلى الله)) يقصد الإخوانيين، والسروريين، والقطبيين، والتكفيريين، والخوارج الذين يعدون العدة للخروج.
وقد كانوا ينكرون إذا قلنا مثل هذا، أما الآن فقد فضحهم الله بما حصل من التفجيرات والاكتشاف للذخائر والمؤن التي يعدونها للخروج، بل إن عبد الرحمن عبد الخالق من كلامه ما يدل على أنه تكفيري هو نفسه؛ قوله في تكملة هذا المقطع الذي ابتدأ من نقله: ((وهذا من أكبر الآثام، ومن أكبر النواقض لأصل الإيمان ا لأصيل، وهو أصل الولاء))، فهو يزعم أن الكلام في المبتدعة ناقض للإسلام، وهذه طريقة التكفيريين. وهذا الذي نقلته قد نقلته من كتاب (القدوات الكبار بين التعظيم والانبهار) تأليف محمد موسى الشريف (ص 66-67)، وقد عزا هذا المقطع الذي نقلت بعضه إلى رسالته (الولاء والبراء) له -يعني لعبد الرحمن عبد الخالق-.
وأخيرا يا شيخ عبد المحسن أقول: إن محاضرة الشيخ ابن باز، وابن عثيمين، في هذه الجمعية في زمن قديم لا يزكي هذه الجمعية فلعلهما حاضرا قبل أن يعلما أن فيهما ما يخل، وبالله التوفيق.
وأنت ترى عدم الامتحان للأشخاص، وتزعم أنه بدعة، واعلم- علمك الله- أن النبيصلى الله عليه وسلم امتحن الجارية بقوله لها: ((أين الله؟ قالت: في السماء. قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله. قال: أعتقها فإنها مؤمنة)).
وقال بعض السلف: ((علامة أهل البدعة الوقيعة في أهل الأثر)).
وقالوا: ((إذا رأيت الكوفي يقع في سفيان الثوري فاعلم أنه شيعي، وإذا رأيت المروزي يقع في عبد الله بن المبارك فاعلم أنه جهمي)).
وقالوا: ((من أخفى عنا بدعته لم تخف علينا ألفته))، أي أنه يعلم بذلك أنه مبتدع بمن يصاحب ومن يألف؛ لأنه لا يصاحب ويألف إلا من رضي طريقتهم.
وأخيرا: هذه نصيحة مختصرة من أخ لأخيه أحببت تنبيهكم فيها على بعض الأمور، وأسأل الله- جل شأنه- أن يصلح أحوال الجميع، وأن يسددنا إلى ما فيه الخير في الدنيا والآخرة، إنه سميع قريب.
ونسأل الله أن يعصمنا من العصبية الممقوتة، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه ومقصودا بها رضاه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.


كتبه
أحمد بن يحيى النجمي
-رحمه الله-


المصدر: الفتاوى الجلية عن المناهج الدعوية (الطبعة الثانية): 1 / 220-235.

انتظرو المزيد

__________________
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
رد مع اقتباس
[ أم العبدين الجزائرية ] إنَّ عُضْواً يشْكُرُكَ : [ جَزَاك اللهُ خَيْرًا عَلَى هَذِهِ الُمشَارَكَةِ الُممَيَّزَة ].