عرض مشاركة واحدة
  #25  
قديم 26-10-2010, 12:25AM
الصورة الرمزية أم العبدين الجزائرية
أم العبدين الجزائرية أم العبدين الجزائرية غير متواجد حالياً
مفرغة صوتيات - وفقها الله -
 
تاريخ التسجيل: Dec 2007
المشاركات: 848
افتراضي

صور من تواضع العلماء رحمهم الله تعالى
بعد أن وصف ابن القيم رحمه الله عمل العلماء في اليوم والليلة ذكر أنه لم يشم لهم رائحة وهذا من تواضع هذا الإمام رحمه الله فقال ما نصه :ـ

(....وأما الأبرار المقتصدون فقطعوا مراحل سفرهم بالاهتمام بإقامة أمر الله وعقد القلب على ترك مخالفته ومعاصيه فهممهم مصروفة إلى القيام بالأعمال الصالحة واجتناب الأعمال القبيحة فأول ما يستيقظ أحدهم من منامه يسبق إلى قلبه القيام إلى الوضوء والصلاة كما أمره الله فإذا أدى فرض وقته اشتغل بالتلاوة والأذكار إلى حين تطلع الشمس فيركع الضحى ثم ذهب إلى ما أقامه الله فيه من الأسباب فإذا حضر فرض الظهر بادر إلى التطهر والسعي إلى الصف الأول من المسجد فأدي فريضته كما أمر مكملا لها بشرائطها وأركانها وسننها وحقائقها الباطنة من الخشوع والمراقبة والحضور بين يدي الرب فينصرف من الصلاة وقد أثرت في قلبه وبدنه وسائر أحواله آثارا تبدو على صفحاته ولسانه وجوارحه ويجد ثمرتها في قلبه من الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور وقلة التكالب والحرص على الدنيا وعاجلها قد نهته صلاته عن الفحشاء والمنكر وحببت إليه لقاء الله ونفرته من كل قاطع يقطعه عن الله فهو مغموم مهموم كأنه في سجن حتى تحضر الصلاة فإذا حضرت قام إلى نعيمه وسروره وقرة عينه وحياة قلبه فهو لا تطيب له الحياة إلا بالصلاة هذا وهم في ذلك كله مراعون لحفظ السنن لا يخلون منها شيء ما أمكنهم فيقبصدون من الوضوء أكمله ومن الوقت أوله ومن الصفوف أولها عن يمين الإمام أو خلف ظهره ويأتون بعد الفريضة بالأذكار المشروعة كالاستغفار ثلاثا وقول اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام وقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد لا إله إلا الله ولا نعبد إلاإياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ثم يسبحون ويحمدون ويكبرون تسعا وتسعين ويختمون المائة بلا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير
ومن أراد المزيد قرأ آية الكرسي والمعوذتين عقيب كل صلاة فإن فيها أحاديث رواها النسائي وغيره ثم يركعون السنة على أحسن الوجوه هذا دأبهم في كل فريضة
فإذا كان قبل غروب الشمس توفروا على أذكار المساء الواردة في السنة نظير أذكار الصباح الواردة في أول النهار لا يخلون بها أبدا
فإذا جاء الليل كانوا فيه على منازلهم من مواهب الرب سبحانه التي قسمها بين عباده
فإذا أخذوا مضاجعهم أتوا بأذكار النوم الواردة في السنة وهي كثيرة تبلغ نحوا من أربعين فليأتون منها بما علموه وما يقدرون عليه من قراءة سورة الإخلاص والمعوذتين ثلاثا ثم يمسحون بها رؤوسهم ووجوههم وأجسادهم ثلاثا ويقرأون آية الكرسي وخواتيم سورة البقرة ويسبحون ثلاثا وثلاثين ويحمدون ثلاثا وثلاثين ويكبرون أربعا وثلاثين ثم يقول أحدهم اللهم إني أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليه لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبقيك الذي أرسلت
وإن شاء قال باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه فإن أمسكت نفسي فاغفر لها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين وإن شاء قال اللهم رب السموات السبع ورب العرض العظيم ربي ورب كل شيء فالق الحب والنوى منزل التوراة والإنجيل والفرقان أعوذ بك من شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عني الدين وأغنني من الفقر
وبالجملة فلا يزال يذكر الله على فراشه حتى يغلبه النوم هو يذكر الله فهذا منامه عبادة وزيادة له في قربه من الله
فإذا استيقظ عاد إلى عادته الأولى ومع هذا فهو قائم بحقوق العباد من عيادة المرضى وتشييع الجنائز وإجابة الدعوة والمعاونة لهم بالجاه والبدن والنفس والمال وزيارتهم وتفقدهم وقائم بحقوق أهله وعياله فهو متنقل في منازل العبودية كيف نقله فيها الأمر فإذا وقع منه تفريط في حق من حقوق الله بادر إلى الاعتذار والتوبة والاستغفار ومحوه ومداواته بعمل صالح يزيل أثره فهذا وظيفته دائما
وأما السابقون المقربون فنستغفر الله الذي لا إله إلا هو أولا من وصف حالهم وعدم الاتصاف به بل ما شممنا له رائحة ولكن محبة القوم تحمل على تعرف منزلتهم والعلم بها وإن كانت النفوس متخلفة منقطعة عن اللحاق بهم ففي معرفة حال القوم فوائد عديدة منها أن لا يزال المتخلف المسكين مزريا على نفسه ذاما لها ومنها أن لا يزال منكسر القلب بين يدي ربه تعالى ذليلا له حقيرا يشهد منازل السابقين وهو في زمرة المنقطعين ويشهد بضائع التجار وهو في رفقة المحرمين ومنها أنه عساه أن تنهض همته يوما إلى التشبث والتعلق بساقة القوم ولو من بعيد ومنها أنه لعله أن يصدق في الرغبة واللجاء إلى من بيده الخير كله أن يلحقه بالقوم ويهيئه لأعمالهم فيصادف ساعة إجابة لا يسأل الله فيها شيئا إلا أعطاه ...........)ا.هـ

من كتابه القيم (طريق الهجرتين صـ178ـ189ط.مؤسسة الرسالة )
__________________
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
رد مع اقتباس