
25-10-2010, 12:04AM
|
 |
مفرغة صوتيات - وفقها الله -
|
|
تاريخ التسجيل: Dec 2007
المشاركات: 848
|
|
المقصود أنهم أصيبوا بسبب الخلل الذي وقع منهم في موقف عظيم لابد منه في سياسة الجهاد من حفظ الثغور وحفظ المنافذ التي ينفذ منها العدو ، فحفظ الثغور التي يدخل منها العدو على المسلمين وحفظ المنافذ التي يدخل منها العدو على الجيش وقت اللقاء لابد فيه للجيش بأن يكون عنده عناية بذلك وعنده حذر وعنده حرص على سد كل ثغر يمكن أن ينفذ منها العدو على المسلمين ليضرهم أو يأتيهم من خلفهم ، ولما استنكر المسلمون هذا الأمر وهذا الحدث المؤلم من الجراح والقتل وقالوا لماذا أصبنا؟ ولماذا جرى هذا؟ وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفيهم خيرة الله من عباده بعد الأنبياء أنزل الله تعالى : أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قد أصبتم مثليها يعني يوم بدر قتلوا سبعين من الكفار وأسروا سبعين وحصلت جراحات في الكفار كثيرة قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا يعني استنكرتم من أين أصبنا كما قال تعالى : قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ[21] وهذا يفيد أن معصية بعض الجيش وإخلال بعض الجيش بالأسباب مصيبة للجميع فأصيبوا بسبب بعضهم ، وهكذا الناس إذا رأوا المنكرات وشاعت ولم تغير عمت العقوبات ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه)) أخرجه الإمام أحمد رحمه الله بإسناد صحيح عن الصديق رضي الله عنه ، والمقصود أن الواجب على الأمة التآمر بالمعروف ، والتناهي عن المنكر ، والتعاون على البر والتقوى والصدق في ذلك في كل بلد وفي كل قرية وفي كل قبيلة عليهم أن يتناصحوا ويتواصوا بالحق والصبر عليه ويتعاونوا على البر والتقوى ويأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر حتى لا تصيبهم كارثة بسبب ذنوبهم وأعمالهم ، يقول سبحانه : وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خَسِرَ أي : جنس الإنسان إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ[22] هؤلاء هم الرابحون وهم المنصورون فلابد من هذه الصفات الأربع : الإيمان الصادق ، والعمل الصالح ، والتواصي بالحق ، والتواصي بالصبر في الجهاد وغيره .
وفي المدن والقرى وفي القبائل لابد من هذه الخصال الأربع ، فمن أراد نصر الله والسلامة لدينه وأراد حسن العاقبة فليتق الله وليصبر على طاعة الله وليحذر محارم الله أينما كان ، هذا هو سبب نصر الله له وهو من أسباب نجاته في الدنيا والآخرة ، فالرجل في بيته وفي المسجد وفي الطريق وفي السيارة والطائرة والقطار وفي محل البيع والشراء وفي الجهاد وفي كل مكان ، يجب عليه أن يتقي الله وأن ينصر دين الله بقوله وعمله وفي جهاده وفي جميع شئونه ، وهكذا المرأة في بيتها وفي كل مكان عليها أن تتقي الله وأن تنصر دين الله بقولها وعملها حسب الطاقة لقول الله سبحانه : فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [23]وقوله سبحانه : لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا[24] وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم ))متفق على صحته ، فالمرأة تبذل النصيحة مع الزوج ومع الأولاد ومع من في البيت من أقارب وخدم ومع الجيران ومع الزميلات ومع الجليسات ترجو بذلك ما عند الله من المثوبة ، وأن ينفع بها عباده ، وكل واحد من الرجال عليه أن يتقي الله وينصر دينه في قوله وعمله ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر عن صدق وإخلاص ورغبة ورهبة كما قال سبحانه في سورة الأنبياء عن عباده الصالحين : إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ[25] وقال في سورة المؤمنون : إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ[26] فهذه أسباب النصر ، هذه أسباب حماية الله لعباده من كل سوء وأسباب نصره لهم ، وهي من أعظم الأسباب في دخول الجنة والنجاة من النار ، ولابد مع هذا كله من الحرص على الأسباب الدينية والحسية التي يعلم أنها من أسباب النصر لقوله تعالى : وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ[27] ويقول سبحانه : وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ[28] الآية ، ويقول عز وجل : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ[29] وهذا هو الواجب على المؤمنين أن يأخذوا حذرهم من عدوهم عند القتال ، وأن يعدوا له ما استطاعوا من قوة من السلاح والعدد ، والحرس الجيد ، وتكون الملاحظات جيدة ، والثغرات مسدودة ، والسلاح محمول عند الحاجة حتى ولو كانوا في الصلاة ، فلا يجوز أن يقول المجاهد أنا مؤمن ويكفي ، بل لابد من الأسباب الحسية المعنوية ، فالرسول صلى الله عليه وسلم وهو أفضل المؤمنين وأكمل المتوكلين ، والصحابة أفضل المؤمنين بعد الأنبياء ، ومع هذا كله أصابهم ما أصابهم يوم أحد لما أخل الرماة بالشيء الذي يجب عليهم وأخلوا بالموقف الذي أمروا بلزومه .فالمعاصي من أسباب الخذلان ، كما أن معصية الرماة سبب الهزيمة يوم أحد ، وهكذا المعاصي كلها في كل وقت من أسباب الخذلان إذا ظهرت ولم تنكر تكون من أسباب الخذلان وتسليط الأعداء ، وحصول الكثير من المصائب ، كما أنها من أسباب قسوة القلب وانتكاسه نعوذ بالله من ذلك قال الله تعال : وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ[30] وقال تعالى : أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ[31] فالمعصية إذا ظهرت ضرت العامة إذا لم تنكر ولم تغير . فالمؤمنون مأمورون بالاستقامة على تقوى الله والجهاد لأعداء الله ، وأن يصبروا على التقوى والعمل الصالح أينما كانوا مع الإيمان بأن الله سبحانه سوف ينصرهم ويمكنهم من عدوهم ، ويجعلهم بعد خوفهم في أمن وعافية وبعد القلق في استقرار وراحة بسبب إيثارهم حقه ونصرهم دينه وتعاونهم على البر والتقوى وصدقهم في ذلك ونصحهم لله ولعباده ، ومتى أخلوا بشيء فليعلموا أنه خطر عليهم ، وأنه متى أصابهم مصيبة بسبب الخلل فمن عند أنفسهم كما قال عز وجل : وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ويقول سبحانه : مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ[32] وهو القائل سبحانه في سورة آل عمران بعد ما ذكر كيد الكفار : وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ[33] وهو القائل سبحانه في سورة النور : وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا[34] الآية ، وفي سورة محمد يقول سبحانه : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ[35] وأعظم العدو الشيطان ، فهو أعظم العدو للإنسان فإنه يجري منه مجرى الدم ، فعليك أن تجاهده بتقوى الله وترك معصيته ، وأن تحذر مكائده ووساوسه ، وأن تكثر من الاستعاذة بالله منه مع الإكثار من الحسنات والحذر من السيئات في جميع الأوقات ، فهذا هو طريق السلامة من شره ومكائده بتوفيق الله وإعانته ، ولابد مع ذلك من جهاد النفس ، والإكثار من ذكر الله ، والاستقامة على دينه ، والحفاظ على حدوده . والحذر من مكايد عدو الله في كل زمان ومكان .
يقول الله سبحانه : وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ[36] ويقول تعالى : وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا[37] ويقول عز وجل : إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ[38] ويقول سبحانه عن زوجة العزيز : وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ[39] ويقول عز وجل في سورة النازعات : وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى[40] فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى فهذه أسباب النصر ، وهذه أسباب النجاة من الأعداء ، وهذه أسباب السلامة من مكائد الأعداء جنهم وإنسهم ، حضرهم وبدوهم ، قريبهم وبعيدهم ، وهي أسباب النصر عليهم ، والسلامة من مكائدهم وهي أن تتقي الله في جميع الأحوال ، وأن تحافظ على دينه ، وأن تحذر معصيته أينما كنت في الجهاد وغيره ، هذه أسباب حفظ الله لك ، وحفظ الله لدينه بك ، ونصر الله لك على عدوك وخذلان عدوك ، ومتى فرط المؤمنون في هذه الأمور فهم في الحقيقة ساعون في تأييد عدوهم في نصره عليهم ، والمعنى أن معاصي الجيش عون لعدوهم عليهم كما جرى يوم أحد فعلى المؤمنين جميعا في أي مكان أن يتقوا الله ، وأن ينصروا دينه ، وأن يحافظوا على شرعه ، وأن يحذروا من كل ما يغضبه في أنفسهم ، وفيمن تحت أيديهم وفي مجتمعهم كل على حسب طاقته كما قال الله سبحانه : فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ[41]
فنسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم وجميع المسلمين لما فيه رضاه ، وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا جميعا ، وأن يجعلنا من الهداة المهتدين ، وأن يعيننا على حفظ أنفسنا من شر جميع أعدائنا ، وأن يعيننا على ذكره ، وشكره ، وحسن عبادته ، وأن يوفق ولاة أمر المسلمين جميعا لما يرضيه ولما يمكنهم من عدوهم ويعينهم عليه ، وأن ينصر بهم الحق ويخذل بهم الباطل ، وأن يجمع كلمتهم على التقوى ، وأن يصلح جميع الشعوب الإسلامية وقادتهم ، كما أسأله سبحانه أن يوفق ولاة أمرنا في هذه البلاد لكل خير ، وأن يعينهم على كل ما فيه رضاه ، وأن ينصر بهم الحق ويخذل بهم الباطل ، وأن يجعلهم من الهداة المهتدين إنه جل وعلا جواد كريم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين .
المصدر
__________________
|