عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 24-10-2010, 09:50PM
الصورة الرمزية أم العبدين الجزائرية
أم العبدين الجزائرية أم العبدين الجزائرية غير متواجد حالياً
مفرغة صوتيات - وفقها الله -
 
تاريخ التسجيل: Dec 2007
المشاركات: 848
افتراضي أسباب نصر الله للمؤمنين على أعدائهم للشيخ ابن باز - رحمه الله-

أسباب نصر الله للمؤمنين على أعدائهم
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين .
أما بعد : فإنني أشكر الله عز وجل على ما من به من هذا اللقاء بإخوة في الله في أشرف بقعة من بقاع الدنيا وهي : مكة المكرمة للتواصي بالحق والتعاون على البر والتقوى وبيان أسباب انتصار المسلمين على أعدائهم وبيان ضد ذلك ، وأسأل الله جل وعلا أن يجعله لقاء مباركا ، وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا جميعا ، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته ، وأن يصلح ولاة أمر المسلمين جميعا ، ويمنحهم الفقه في الدين ، وأن يوفقهم لتحكيم شريعته بين عباده ، كما أسأله سبحانه أن يوفق ولاة أمرنا في هذه البلاد لكل خير ، وأن يعينهم على كل ما فيه صلاح العباد والبلاد وأن يصلح لهم البطانة وأن ينصر بهم الحق ويخذل بهم الباطل ويجعلهم من الهداة المهتدين إنه خير مسؤول ، ثم إني أشكر إخواني القائمين على هذا النادي وعلى رأسهم معالي الأخ الدكتور / راشد بن راجح مدير جامعة أم القرى ، ورئيس النادي على دعوتهم لي لهذا اللقاء ، وأسأل الله أن يبارك في الجميع ، وأن يصلح أحوالنا جميعا ويجعلنا من دعاة الهدى وأنصار الحق إنه سميع قريب .
أيها الإخوة في الله ذكر معالي الدكتور : راشد حفظه الله في المقدمة أنني رئيس هيئة كبار العلماء ، وأحب التصحيح فإن الرئاسة للهيئة محصورة في خمسة من كبار السن من الأعضاء تدور بينهم الرئاسة كل واحد في السنة الخامسة يأتيه الدور وأنا واحد منهم ، ولست رئيس الهيئة ولكني واحد من رؤساء الهيئة ، أما ما يتعلق بموضوع المحاضرة وهي ( أسباب نصر الله للمؤمنين ) .
فالله جل وعلا جعل للنصر أسبابا وجعل للخذلان أسبابا ، فالواجب على أهل الإيمان في جهادهم وفي سائر شئونهم أن يأخذوا بأسباب النصر ويستمسكوا بها في كل مكان في المسجد وفي البيت وفي الطريق وفي لقاء الأعداء وفي جميع الأحوال ، فعلى المؤمنين أن يلتزموا بأمر الله ، وأن ينصحوا لله ولعباده ، وأن يحذروا المعاصي التي هي من أسباب الخذلان ، ومن المعاصي التفريط في أسباب النصر الأسباب الحسية التي جعلها الله أسبابا لابد منها ، كما أنه لابد من الأسباب الدينية ، فالتفريط في هذا أو هذا سبب الخذلان والله جل وعلا يقول في كتابه العظيم وهو أصدق القائلين :يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [1] هذه الآية العظيمة خطاب لجميع المؤمنين أوضح فيها سبحانه أنهم إذا نصروا الله نصرهم سبحانه وتعالى .
ونصر الله من المؤمنين هو : اتباع شريعته ونصر دينه والقيام بحقه ، وليس هو سبحانه في حاجة إلى عباده بل هم المحتاجون إليه كما قال عز وجل :يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ[2] فالناس كلهم جنهم وإنسهم ملوكهم وعامتهم كلهم في حاجة إلى ربهم وكلهم فقراء إلى الله والله سبحانه هو الغني الحميد ، فنصره سبحانه هو نصر شريعته وهو نصر دينه هذا هو نصره ، نصر ما بعث به رسوله وأنزل به كتابه الكريم ، فإذا قام المسلمون بنصر دينه والقيام بحقه ونصر أوليائه نصرهم الله على عدوهم ويسر أمورهم وجعل لهم العاقبة الحميدة كما قال تعالى :فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ[3] وقال سبحانه :وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ[4] والصبر والتقوى يكونان : بنصر الله ، والقيام بدينه سبحانه ، والتواصي بذلك في السر والجهر في الشدة والرخاء في حال الجهاد وما قبله وما بعده وفي جميع الأحوال .
ولما حذر سبحانه من اتخاذ البطانة من دون المؤمنين في قوله جل وعلا : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ[5] بين سبحانه في آخر الآيات أنهم إذا صبروا واتقوا لم يضرهم أعداؤهم فقال : وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ[6] وفي الآية الأخرى يقول جل وعلا : وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ[7] وفي الأخرى : إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ[8] ويقول سبحانه : وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [9]
فنصر الله جل وعلا باتباع شريعته والصبر على ذلك كما قال تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [10] وهذا مثل قوله صلى الله عليه وسلم لابن عباس : ((احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك)) فمن حفظ الله بحفظ دينه والاستقامة عليه والتواصي بحقه والصبر عليه نصره الله وأيده على عدوه وحفظه من مكائده ، وقال عز وجل : وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ[11] والمؤمنون هم الذين استقاموا على دين الله وحافظوا على حقه وابتعدوا عن مناهيه كما قال تعالى : أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ[12] فالمؤمنون هم المتقون وهم أولياء الله ، وهم أنصار دين الله ينصرهم الله ويحميهم من كيد أعدائهم ويجعل لهم العاقبة سبحانه وتعالى ، ويقول سبحانه في كتابه الكريم : وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ[13] هؤلاء هم المنصورون وهم الموعودون بالعاقبة الحميدة ، ثم أوضح سبحانه صفات الناصرين له فقال : الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أي : أقدرناهم أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ يعني : حافظوا على هذه وهذه كما أمر الله ، فأقاموا الصلاة كما أمر الله بأركانها وواجباتها وغير ذلك من شئونها ، وأدوا الزكاة طيبة بها نفوسهم كما شرع الله ، وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ، وهذا يعم جميع الأوامر والنواهي فيدخل في المعروف : الصيام والحج والجهاد وبر الوالدين وغير ذلك مما أمر الله به ورسوله ، ويدخل في المنكر كل ما نهى الله عنه من أنواع الشرك وسائر المعاصي ، فالمؤمنون يوحدون الله ويؤمنون به إيمانا صادقا ، ويلتزمون بتوحيده والإخلاص له وتصديق أخباره وأخبار رسوله عليه الصلاة والسلام وبالقيام بحقه كما أمر ، ومع ذلك يحذرون ما نهى عنه ويبتعدون عما حرمه عليهم رغبة فيما عنده وطلبا لمرضاته جل وعلا وحذرا من عقابه سبحانه وتعالى ، فهؤلاء هم المؤمنون حقا وهم المتقون المذكورون في قوله تعالى في سورة الأنفال : وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ [14]فربنا ينوع العبارات في صفات المؤمنين وترجع إلى شيء واحد كما قال تعالى : وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فيدخل في هذا الصلاة والزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسائر ما أمر الله به ورسوله ، كما يدخل في ذلك من باب أولى توحيد الله والإيمان به والإيمان برسوله عليه الصلاة والسلام ، وتصديق أخبار الله ورسوله كلها داخلة في قوله تعالى : وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا كما أنها داخلة في قوله تعالى : الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ فالصبر والتقوى يشتمل على فعل جميع الأوامر وترك النواهي .
__________________
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

التعديل الأخير تم بواسطة أم العبدين الجزائرية ; 25-10-2010 الساعة 12:11AM سبب آخر: تعديل العنوان.
رد مع اقتباس