الموضوع: [متجدد] حكم الاستماع للقصاصين ؟؟
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 24-10-2010, 03:30PM
الصورة الرمزية أم العبدين الجزائرية
أم العبدين الجزائرية أم العبدين الجزائرية غير متواجد حالياً
مفرغة صوتيات - وفقها الله -
 
تاريخ التسجيل: Dec 2007
المشاركات: 848
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله القائل في محكم التنزيل (( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا )) والصلاة والسلام على نبي الهدى وعلى آله وصحبه ما لاح برق في ظلم الدجى ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،

لقد أورد ابن الجوزي -رحمه الله- في كتابه ( تلبيس إبليس ) حال الوعاظ والقصاصين الذين كانوا في زمانه ، وكيف أنهم جانبوا الصواب في دعوتهم للناس فضلوا وأضلوا ، لكن الغريب في الأمر أن قلوب الوعاظ والقصاصين تشابهت في القديم والحديث !! حتى حسبت أن المؤلف -رحمه الله- يصف قصاص هذا الزمان .!!

ومن جملة ما قاله في باب ذكر تلبيسه على الوعاظ والقصاص :

" ..... أن قوماً منهم كانوا يضعون أحاديث الترغيب والترهيب ولَبَّس عليهم إبليس : بأننا نقصد حث الناس على الخير وكفهم عن الشر ، وهذا إفتيات منهم على الشريعة لأنها عندهم على هذا الفعل ناقصة تحتاج إلى تتمة ، ثم نسوا قوله –صلى الله عليه وسلم- : " من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار " (متفق عليه) ومن ذلك أنهم تلمحوا ما يزعج النفوس ويطرب القلوب فنوَّعوا فيه الكلام فتراهم ينشدون الأشعار الرائقة الغزلية في العشق.
ولَبَّس عليهم إبليس : بأننا نقصد الإشارة إلى محبة الله عز وجل ، ومعلوم أن عامة من يحضرهم العوام الذين بواطنهم مشحونة بحب الهوى فيُضل القاص ويَضِل . ومن ذلك من يظهر من التواجد و التخاشع زيادة على ما في قلبه ، وكثرة الجمع توجب زيادة تعمل فتسمح النفس بفضل بكاءٍ وخشوع فمن كان منهم كاذباً فقد خسر الآخرة ، ومن كان صادقاً لم يسلم صدقه من رياءٍ يخالطه.

ومنهم من يتحرك الحركات التي يوقع بها على قراءة الألحان , والألحان التي قد أخرجوها اليوم مشابهة للغناء فهي إلى التحريم أقرب منها إلى الكراهة ، و القارىء يطرب والقاص ينشد الغزل مع تصفيق بيديه وإيقاعٍ برجليه ، فتشبه السكر ويوجب ذلك تحريك الطباع وتهييج وصياح الرجال والنساء وتمزيق الثياب لما في النفوس من دفائن الهوى ، ثم يخرجون فيقولون : كان المجلس طيباً ويشيرون بالطيبة إلى ما لا يجوز.

ومنهم من يجري في مثل تلك الحالة التي شرحناها لكنه ينشد أشعار النوح على الموتى ، ويصف ما يجري لهم من البلاء ويذكر الغربة ، ومن مات غريباً فيبكي بها النساء ويصير المكان كالمأتم ، وإنما ينبغي أن يذكر الصبر على فقد الأحباب لا ما يوجب الجزع ، ومنهم من يتكلم في دقائق الزهد ومحبة الحق سبحانه ، فلَبَّس عليه إبليس : إنك من جملة الموصوفين بذلك لأنك لم تقدر على الوصف حتى عرفت ما تصف وسلكت الطريق ، وكشف هذا التلبيس أن الوصف علم والسلوك غير العلم.

ومنهم من يتكلم بالطامات والشطح (أي التباعد عن الحق) الخارج عن الشرع ويستشهد بأشعار العشق وغرضه أن يكثر في مجلسه الصياح ولو على كلام فاسد.

وكم منهم من يُزوِّقُ عبارة لا معنى تحتها وأكثر كلامهم اليوم في موسى –عليه السلام-والجبل ، و زليخا ويوسف-عليه السلام- ولا يكادون يذكرون الفرائض ولا ينهون عن ذنب ، فمتى يرجع صاحب الزنا ومستعمل الربا ، وتعرف المرأة حق زوجها ، وتحفظ صلاتها هيهات ، هؤلاء تركوا الشرع وراء ظهورهم ولهذا نفقت سلعهم لأن الحق ثقيل والباطل خفيف.

ومنهم من يحث على الزهد وقيام الليل ولا يبين للعامة المقصود ، فربما تاب الرجل منهم وانقطع إلى زاوية أو خرج إلى جبل فبقيت عائلته لا شيء لهم.

ومنهم من يتكلم في الرجاء والطمع من غير أن يمزج ذلك بما يوجب الخوف والحذر ، فيزيد الناس جرأة على المعاصي ، ثم يقوي ما ذكر بميله إلى الدنيا من المراكب الفارهة والملابس الفاخرة فيفسد القلوب بقوله وفعله.

وقد يكون الواعظ صادقاً قاصداً للنصيحة إلا أن منهم من شرب الرئاسة في قلبه مع الزمان ، فيحب أن يُعَظَّم ، وعلامته أنه إذا ظهر واعظ ينوب عنه أو يعينه على الخلق ، كره ذلك ولو صح قصده لم يكره أن يعينه على خلائق الخلق.

ومن القصاص من يخلط في مجلسه الرجال والنساء ، وترى النساء يكثرن الصياح وجداً على زعمهن ، فلا ينكر ذلك عليهم جمعاً للقلوب عليه ، ولقد ظهر في زماننا هذا من القصاص ما لا يدخل في التلبيس لأنه أمر صريح من كونهم جعلوا القصص معاشاً يستمنحون به الأمراء والظلمة ، والأخذ من أصحاب المكوس والتكسب به في البلدان ، وفيهم من يحضر المقابر فيذكر البلى وفراق الأحبة فيبكي النسوة ولا يحث على الصبر.

[ تلبيس إبليس/ 199 -120 ]
__________________
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
رد مع اقتباس