حكم الاستماع للقصاصين ؟؟
إن مما حل علينا في هذا الزمان بعض من الناس يقال لهم علماء أو دعاة أو وعاظ وهم في الحقيقة ليسوا كذلك بل هم من جملة القصَّاصين الذين يرتادون المساجد وأماكن تجمع الناس وقد حذَّرمنهم السلف أشدَّ تحذير لما يعود على الأمة الإسلامية بسببهم من أضرار جسيمة في دينهم وبخاصة كبار السن والنساء وفي هذه الوريقات سنبين من هم القصَّاص الذين حذر منهم السلف الصالح :
معنى القصص :
القصص- بالفتح- الخبر المقصوص ، وضع موضع المصدر حتى صار أغلب عليه ،
وفي الاستعمال : هو فن مخاطبة العامة بالاعتماد على القصِّة.
سؤال قد يطرأ على البعض :
قد يقال إن هؤلاء القصِّاص يذكرون ويعظون الناس حتى يقربونهم إلى الله بالقصص فلماذا ينكر عليهم وهم يفعلون الخير ؟
فنقول : " الموعظة هي مرادفة للفظ التذكير إنما كانت في شرع الله وسنة رسول- صلى الله عليه وسلم- بياناً لأحكام الشريعة وترغيباً فيها وترهيباً من تجاوز حدود الله فيها قال الله تعالى : ( وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)(البقرة: من الآية231) والحكمة هي السنة وقال الله تعالى عن قصص الوحي في القرآن : (وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) (هود:120)وفي قصص الوحي اليقيني ما يغني الداعي إلى الله على منهاج النبوة عن قصص الفكر الظني " من كتاب مهذب تحذير الخواص من أكاذيب القُصاص
أثر القُصاص السئ :
" استطاع هؤلاء القُصَّاص أن يؤثروا على العامة تأثيراً سيئاً ، ويتمثل هذا الأثر في أن حقيقة الإسلام قد شُوِّهت في أذهانهم بسبب ما يسمعون من أولئك القصَّاص ؛ فاعتقدوا البدعة سنة ، والسنة بدعة وأصبحت الأكاذيب عندهم ممزوجة بنصوص الدين الثابتة ، وشاعت بين العامة بسبب القُصَّاص الأحاديث الموضوعة والضعيفة .
ولذلك فإن العوام ودعاة الابتداع كانوا ابتدأً معارضين لكل مصلح صادق من الدعاة والعلماء ، وقد أشاد ابن قتيبة رحمه الله إلى أثرهم السئ فقال : " فإن القُصَّاص يُمِيلُون وجوه العوام إليهم ، ويستدرُّون ما عندهم بالمناكير والغريب والأكاذيب من الأحاديث ومن شأن العوام القعود عند القاص ما كان حديثه عجيباً خارجاً عن فِطَر العقول ، أو كان رقيقاً يحزن القلوب ويستغزر العيون " ومن استعراض الأحاديث الشائعة بين عامة الناس نجد أن معظم الأحاديث الباطلة إنما سمعوها من القصَّاص . ولذلك تراهم رغبة في قبول السامعين لهم يسارعون في ابتغاء مرضاة العامة وسرورهم أكثر من حرصهم على تقويمهم وعلى تعليمهم حتى أضحى القاص كالمُغَنِّي الذي لا هم له إلا إطراب السامعين إن هؤلاء القصاص قوم مهمتهم الكلام ، وغايتهم أن يستحوذوا على إعجاب السامعين.
روى الطبراني عن خبَّاب بن الأرتري الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" إن بني إسرائيل لما هلكوا قصُّوا" قال : فأشار عمر إلى تميم أنه الذبح لما يخشى عليه من الترفع عليهم والإعجاب بنفسه .
يقول الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة "ج/3" وأقول: ومن الممكن أن يقال : إن سبب هلاكهم اهتمام وعَّاظهم بالقصص والحكايات دون الفقه والعلم النافع الذي يعرِّف الناس بدينهم فيحملهم ذلك على العمل الصالح لمَّا فعلوا ذلك هلكوا وهذا شأن كثير من قصَّاص زماننا الذين جل كلامهم في وعظهم الاسرائيليات والرقائق والصوفيات نسأل الله العافية .