بوركتِ أختي أم الحميراء؛ خواطر عطرة .
نسأل الله أن لا يجعلنا من القانطين من رحمة الله ولا من المتسخطين على أقداره جل وعلا.
وأن يزقنا الصبر الجميل فكما جاء في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: " ما أُعْطِيِ أ حدٌ عطاءً خيرٌ وأوسعُ من الصبرِ ".
وإنه ما من مسلم إلا وهو بين أمرٍ يجب عليه امتثالُه وأداؤه؛ ونهيٍ يجب عليه اجتنابه ودرؤُه؛ وقدرٍ يجري عليه؛ ونعمةٍ واجبٌ عليه شُكرُ المُنعِمِ المتفضِّلِ بها عليه.
فإن كانت هذه الأحوال الربع لازمةٌ له لا تفارقه في حال من الأحوال فالصبر لازمٌ للمسلم حتى الممات.
وكلُّ ما يواجهه المسلم في هذه الدنيا يدور تحت أمرين:
*إما أن يوافق هواه ومُبتغاه.
*وإما أن يخالف ذلك.
ووفي كِلْتا الحالتين لا مناصَ له من الصبر؛ فالذي يوافق هواهُ ومبتغاهُ من صحة أوجاه أوملذات، أو... فبدون صبرٍ لن يضبط سلامة عاقبته في ذلك؛ إذ أنه لو اغترَّ بها ورَكَنَ إليها لحملته على البَطَرِ والفرح المذموم الذي ذمه الله عز وجل في كتابه العزيز.
كما أنه لا يجب عليه الانهماك في طلبها والظَفَرِ بها إذ كما يقال: (( الشيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده ))؛ فلو بالغ في الأكل أو الشرب أو الجماع...لحُرِمَ لذته من بعد وهذا واقع مشاهد.
فعلينا أن نصبِر على أداء حقوق الله في ما أنعم علينا به ولا نُضيِّعها فنُسْلَبَها ونُحرم -عياذا بالله من ذلك-.
وأن نصرِفها فيما أحلَّه ربنا جل وعلا؛ وما أكثر ما يفوت المرءَ في هذه الدار من صلاح بسبب تلك النعم من مال أو زوج أو ولد.. فقد جاء في صحيح الجامع من .
حديث يعلى العامري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " الولد مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَة ".
فالصبر على السراء أشد من الصبر على الضراء ولذلك أنه مقرون بالقدرة، فمثلا الجائعُ عند غياب الطعام أصبرُ منه عند حضوره؛ وكذلك الشَّبقُ عند غيابِ المرأة أصبرُ منه عند حضوها وهلُمَّ جرا. فعند إنتفاء الموانع يعِزُّ الصبر ويقِل -نسأل الله السلامة والعافية- فلهذا فاز بظل الله جل وعلا رجلٌ دعته امرأة ذات حسن وجمال أو كما في الحديث المشهور وعلى عكس هذا ما جاء في صحيح مسلم من حديث أي هريرة رضي الله عنه: "ثلاثة لايكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ( قال أبو معاوية :ولا ينظر إليهم ) ولهم عذاب أليم : شيخ زان . وملك كذاب . وعائل مستكبر " فأولئك ارتفعت درجتهم بصبرهم وأولئك انحطت دركاتهم والعياذ بالله.
والحديث عن الصبر يطول نسأل الله أن لا يحرمنا الصبرَ المحمود ويعيذنا من الصبر المذموم.
فالصبر ضياء
وقد قيل في الصبر على أقدار الله المؤلمة:
وكم رُمْتُ أمرًا خِرْتَ لي في انصرافه * * * وما زِلْتَ بي مِنِّي أبَــرَّ وأرحمــا
هذا والله تعالى أعلى وأعلم وأحكم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.