بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقبن والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعالمين :
فهنيئا لهذه المرأة في هذا العصر البعيد عن عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم تَشبّهها بعمل الفرقة الناجية الطائفة المنصورة أهل الحديث الغرباء في عملها بالحديث بعدما سمعته وهو مارواه البخاري في صحيحه من طريق عمران أَبِي بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ أَلَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قُلْتُ بَلَى قَالَ هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إِنِّي أُصْرَعُ وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي قَالَ إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّة وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ فَقَالَتْ أَصْبِرُ فَقَالَتْ إِنِّي أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِي أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ فَدَعَا لَهَا وعَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قال أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّهُ رَأَى أُمَّ زُفَرَ تِلْكَ امْرَأَةً طَوِيلَةً سَوْدَاءَ عَلَى سِتْرِ الْكَعْبَةِ
ففي الحديث كما قال ابن حجر فَضْل مَنْ يُصْرَع أقول سواءً بالسحر أو المس
, وَأَنَّ الصَّبْر عَلَى بَلَايَا الدُّنْيَا يُورِث الْجَنَّة , وَأَنَّ الْأَخْذ بِالشِّدَّةِ أَفْضَل مِنْ الْأَخْذ بِالرُّخْصَةِ لِمَنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسه الطَّاقَة وَلَمْ يَضْعُف عَنْ اِلْتِزَام الشِّدَّة , وَفِيهِ دَلِيل عَلَى جَوَاز تَرْك التَّدَاوِي , وَفِيهِ أَنَّ عِلَاج الْأَمْرَاض كُلّهَا بِالدُّعَاءِ وَالِالْتِجَاء إِلَى اللَّه أَنْجَع وَأَنْفَع مِنْ الْعِلَاج بِالْعَقَاقِيرِ , وَأَنَّ تَأْثِير ذَلِكَ وَانْفِعَال الْبَدَن عَنْهُ أَعْظَم مِنْ تَأْثِير الْأَدْوِيَة الْبَدَنِيَّة , وَلَكِنْ إِنَّمَا يَنْجَع بِأَمْرَيْنِ : أَحَدهمَا مِنْ جِهَة الْعَلِيل وَهُوَ صِدْق الْقَصْد , وَالْآخَر مِنْ جِهَة الْمُدَاوِي وَهُوَ قُوَّة تَوَجُّهه وَقُوَّة قَلْبه بِالتَّقْوَى وَالتَّوَكُّل , وَاَللَّه أَعْلَم .
وكذا نهنأها لعملها بما رواه مسلم في صحيحه عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ لَا رُقْيَةَ إِلَّا مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ فَذَكَرْتُهُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَقَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُرِضَتْ عَلَيَّ الْأُمَمُ فَجَعَلَ النَّبِيُّ وَالنَّبِيَّانِ يَمُرُّونَ مَعَهُمْ الرَّهْطُ وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ حَتَّى رُفِعَ لِي سَوَادٌ عَظِيمٌ قُلْتُ مَا هَذَا أُمَّتِي هَذِهِ قِيلَ بَلْ هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ قِيلَ انْظُرْ إِلَى الْأُفُقِ فَإِذَا سَوَادٌ يَمْلَأُ الْأُفُقَ ثُمَّ قِيلَ لِي انْظُرْ هَا هُنَا وَهَا هُنَا فِي آفَاقِ السَّمَاءِ فَإِذَا سَوَادٌ قَدْ مَلَأَ الْأُفُقَ قِيلَ هَذِهِ أُمَّتُكَ
وَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ هَؤُلَاءِ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ
ثُمَّ دَخَلَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ فَأَفَاضَ الْقَوْمُ وَقَالُوا نَحْنُ الَّذِينَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاتَّبَعْنَا رَسُولَهُ فَنَحْنُ هُمْ أَوْ أَوْلَادُنَا الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الْإِسْلَامِ فَإِنَّا وُلِدْنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ
فَقَالَ هُمْ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ
وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وَلَا يَكْتَوُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ
فَقَالَ عُكَاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ أَمِنْهُمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ أَمِنْهُمْ أَنَا قَالَ سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ
فإذا صبرت وتركت الرقية بهذه النية ولم تكن ممن يتطير ولا يكتوي وكانت من أهل التوحيد لرب العبيد فنرجو لها دخول الجنة بغير حساب إذا أخلصت وتوكلت على رب الأرباب
فترك طلب الرقية لها خير لها فإن فكوا هم السحر عنها فالأثم عليهم بعد الانكار عليهم وكراهية فعلهم وعدم الرضا به وانذارهم بل وتخويفهم بالهجر إن فعلوا إن كان ينفع معهم ذلك التخويف
فإذا ارتقت هي بنفسها ولم تطلب الرقية فلايخرجها ذلك من السبعين ألف فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما سحر بذل السبب فكان يدعو ويدعو حتى نزل طبه والدعاء أفضل من الرقية وكذا لو رقاها انسان من غير طلبها كما كانت عائشة ترقي النبي صلى الله عليه وسلم وتنفث في يده وتمسح بها رجاء بركتها
وأنا أدلها على دواء نافع وأسأل الله أن يشفيها عليه وأن يجعلنا وإيّاها من اهل الفردوس الأعلى
وقد جاء هذا العلاج في كتب وهب بن منبه وذكره ابن حجر وأخذ به ابن القيم وأقرّه شيخنا عبدالعزيز بن باز وهو من باب الرقية والطب وهما يخضعان للتجربة لاتدخل في الطب البدع فليس الطب بعبادة محضة تدخلها البدع وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعرضوا علي رقاكم لابأس بالرقى مالم تكن شركا خرجه مسلم
تأخذ سبع ورقات من سدر تدقهن بين حجرين تخلطهن بماء في وعاء تقرأ عليهن آية الكرسي والقواقل قل هو الله أحد والمعوذتين ثلاثا وتنفث وتشرب وتغتسل ثلاثا أو تكرر ذلك حتى يذوب السحر توكلا على الله واستعانة به بعد بذل هذا السبب المجرب النافع والحمد لله رب العالمين
__________________
ماهر بن ظافر القحطاني المشرف العام على مجلة معرفة السنن و الآثار maher.alqahtany@gmail.com
التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد الله بشار ; 26-09-2010 الساعة 04:39AM
|