عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 25-09-2010, 12:55PM
الصورة الرمزية أم العبدين الجزائرية
أم العبدين الجزائرية أم العبدين الجزائرية غير متواجد حالياً
مفرغة صوتيات - وفقها الله -
 
تاريخ التسجيل: Dec 2007
المشاركات: 848
افتراضي

وعلى هذا فلا يصح لنا أن نأخذ من مثل هذه الإطلاقات عند ابن تيمية أنه كان يكفر الرافضة بأعيانهم -كما فهمه بعض من نظر في كلامه - , ومن فهم هذا عن ابن تيمية فقد أخطأ من جهتين :
الأولى :أنه خالف صريح كلامه فيعدم تكفير الرافضة , كما سبق نقله ,
والثانية :أنه خالف مقتضى القاعدة التي طبقها ابن تيمية في عامة كلامه .

والملاحظ : أن من نقل عن ابن تيمية تكفير الرافضة إنما يذكر نصوصا من هذا القبيل , أعني نصوصا يحكم فيها ابن تيمية بالكفر على أفعال الرافضة , أو يحكم على مطلق الرافضة بأنهم كفار , ولم يذكروا نصا صريحا فيه تكفير ابن تيمية لأعيان الرافضة ,

كالنص الذي ذكر فيه ابن تيمية نفسه أنه لا يكفر أعيان الرافضة إلا بتوفر شروط وانتفاء موانع .

فمن أبى إلا أن يفهم من مثل الكلام عن ابن تيمية أنه يكفر الرافضة بأعيانهم فكيف عن قول ابن تيمية نفسه : أن الرافضة فيهم المسلم ظاهرا وباطنا؟! , وكيف يكون موقفه من قول ابن تيمية نفسه من انه لا يكفر الرافضة بأعيانهم إلا مع توفر الشروط وانتفاء الموانع ؟!!.

الثاني :أنه لا يلزم من كون أصل القول قال به يهودي أو نصراني أن يكون كل من قال به كافرا خارجا عن الإسلام ,
لأنه قد يقوله المسلم وهو جاهل بأول من أحدثه , أو يقوله وهو متأول , وإن كان يلزم منه ذم هذا القول وبطلانه , والكلام ليس في حكم القول , إنما في حكم القائل به .

الثالث :أن كون الأصل في الرافضة ألا يكفروا على التعيين , لا يلزم منه ألا يحكم على أحد منهم بالكفر والزندقة والنفاق ,

وذلك : أنا قد نحكم على بعض أفراد الرافضة بالكفر , لأنه قد توفرت فيه الشروط وانتفت الموانع , وكون بعض الرافضة كافر لا يلزم منه أن كل من تسمى باسم الرافضة كذلك,

وكذلك لا يلزم من كون بعض الرافضة ليس كافرا , أن يكون كل رافضي كذلك أيضا ,

وهذا التقرير يحمل عليه كلام ابن تيمية في كون الرافضة فيهم كفر وزندقة , فمعنى كلامه هذا هو : أن الرافضة كثر في أعيانهم ورؤسائهم الكفر والنفاق والزندقة , وحكمه على مثل هؤلاء بهذا الحكم لأجل أنهم قد توفرت فيهم شروط التكفير وانتفيت موانعه , لا لأجل أنهم رافضة فقط ,
والبحث ليس في كون بعض الرافضة هل كفر أم لا ؟ , وإنما في الأصل فيهم هل هم كفار بأعيانهم أم لا ؟ .

الرابع :أنه لا يلزم من الحكم بجواز قتل المعين أن يكون كافرا,
بل قد يقتل المسلم المعين إذا وجد ما يبيح قتله , مع الحكم بإسلامه , وأسباب إباحة دم المسلم مذكورة في كتب الفقه .

والمقصود هنا : بيان انفصال التلازم بين إباحة الدم وبين الحكم بالكفر , وإلا لزم الحكم بكفر القاتل والزاني وغيرهما .

الخامس :هناك فرق بين ذم الرافضة , وبيان خطرهم على الأمة والمسلمين , وبيان خبثهم , ونحو ذلك من الكلام , وبين الحكم بكفرهم,

فإن الحكم بكفرهم توقيع عن رب العالمين , وبيان لحكم الله فيهم , وهذا يحتاج إلى أدلة من الشرع تثبته , وأما الأحكام الأخرى كالعداء والخبث الخطورة ونحو ذلك , فهي أحكام راجعة تجارب الناس وتعايشهم فيما بينهم , ولا شك أن التجارب أثبتت أن الرافضة من أشد الناس عداءا للمسلمين , وأن خطرهم عظيم جدا , ولكن لا يلزم من هذا أن يحكم بكفرهم , لأن إثبات هذا الأمر له طريق آخر .

فالحكم بكفرالرافضة له طريق , والحكم عليهم بالأحكام الأخرى له طريق أخر , فقتلهم للمسلمين , وبغضهم لهم , وخبث طويتهم , وأفعالهم الشنيعة , لا تصلح أن تكون دليلا على كفرهم ,
وإلا لحكمنا بالكفر على كل من فعل كفعلهم من باقي المسلمين , لأن الدليل يجب طرده , فنحكم على من قتل عددا من المسلمين بأنه كافر , وأن من أبغض طائفة من المسلمين بأنه كافر , وهكذا , وسنخرج عددا كبيرا من المسلمين من دائرة الإسلام بهذه الطريقة , ولا شك في بطلان هذا الحال .

وكذلك لا يلزم من عدم تكفير الرافضة تزكيتهم , ونسيان شنائعهم , وتبرئة تاريخهم المظلم .

والمقصود هنا : أنا لا بد أن نفرق بين طبيعة كل حكم , وطريق إثبات صحته .

وابن تيمية مدرك لهذا الأمر تماما , فإنه وصف الرافضة بما يستحقونه من الأوصاف , حتى ذكر أنهم أخطر على الأمة من اليهود والنصارى , وهذه الأمور إنما عرفها بالتجربة والمعاشرة , ولكنه لما وصل إلى الحكم بالكفر الذي هو تعبير عن مراد الله لم يستعمل طريق التجربة في إطلاق هذا الحكم , بل رجع إلى النصوص لأنها هي الطريق الوحيد في إصدار هذه الأحكام فلم يجد أن الرافضة كفار بأعيانهم . ومن تأمل كلامه يدرك هذا تماما .

والحاصل : أن التحذيرمن الرافضة له طريق , والحكم عليهم بالكفر والخروج من الإسلام له طريق آخر , فلاينبغي الخلط بينهما , بل إن الخلط بينهما يؤدي إلى إشكالات كثيرة .

السادس :أن الشيعة متفاوتون في معتقدهم , فمنهم الغالي ومنهم من ليس كذلك,
فلا يلزم من الحكم على طائفة منهم بالكفر , أن هذا الحكم منطبق على كل طوائف الشيعة , فكون بعض طوائف الشيعة كافر لا يلزم منه أن كل الشيعة كافر , وكذلك العكس , وهذا الكلام سبق له ذكر .


وصلى الله وسلم على نبينا محمد , وعلى آله وصبه أجمعين
الحواشي

([1]) انظر : مجموع الفتاوى (3/356) ومنهاج السنة البنوية ( 7/220 )و(2/46)و(5/160)و(3/377) .

([2]) منهاج السنة (5/154) .

([3]) منهاج السنة (5/160) .

([4]) انظر : مجموع الفتاوى (3/351) .

([5]) انظر : منهاج السنة (3/452)و(5/12,337) وغيرها من المواطن .

([6])انظر : مجموع الفتاوى (3/56) والصارم المسلول (567ـ571)

([7]) مجموع الفتاوى (13/96).

([8]) منهاج السنة (2/452) .

([9]) مجموع الفتاوى (28/500).

([10]) مجموع الفتاوى (35/201).

([11]) مجموع الفتاوى (32/61) .

([12]) مجموع الفتاوى (23/354) .
__________________
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد الله بشار ; 26-09-2010 الساعة 07:30AM
رد مع اقتباس