عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-09-2010, 03:11AM
أبو عبد الله بشار أبو عبد الله بشار غير متواجد حالياً
مشرف - وفقه الله -
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
الدولة: السعودية
المشاركات: 557
افتراضي من هم القصّاص ولماذا ذمّهم السلف

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمدا كثيرا والصلاة والسلام على نبينا محمد أما بعد :

فقد ورد عن السلف الشيء الكثير فيما يخصّ القصّاص فمن مادح لهم ومن ذامّ لطريقتهم وهذه بعض ماتيسر نقله من أخبارهم :

القَصُّ : هو مخاطبة العوّام ووعظهم بالاعتماد على القصة .

والقاصّ هو الذي يتبع القصة الماضية بالحكاية عنها والشرح لها
كما قال ابن الجوزي رحمه الله .

ويطلق القاصّ على من يعظ الناس ويذكّرهم ويقصّ
القصص عليم فلهم هذه الأسماء الثلاثة
كما قال ابن الجوزي في كتابه (القصّاص والمذّكرون ) .

وفي القرآن جاء ذكرالقصص والوعظ والتذكير في عدة مواضع منها :
قال تعالى : ( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ) الذاريات (55) .
وقال تعالى : ( وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً ) النساء (63) .
وقال تعالى : ( فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) الأعراف (176) .

وأمّا من السنة كما في حديث العرباض ابن سارية رضي الله عنه عند أحمد في مسنده وعند غيره وقال : وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب ....... الحديث

وكما روى الشيخان عن ابن مسعود وقال فيه ....وإنِّي أَتَخَوَّلُكُم بِالمَوعِظَةِ كَمَا كَانَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَتَخَوَّلُنَا بِهَا مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَينَا .

قال الإمام أحمد : إذا كان القاص صدوقاً فلا أرى بمجالسته بأساً .

وسُئل الأوزاعي عن القوم يجتمعون فيُأمّرون رجلا فيقصّ
عليهم فقال : إذا كان ذلك يوما بعد الأيام فليس به بأس .

وذكر الخلال عن أبي بكر المروذي قال : سمعت أحمد بن حنبل يقول : يعجبني أمر القصاص لأنهم يذكرون الميزان وعذاب القبر ، قلت له : فترى الذهاب إليهم ؟ قال : إي لعمري إذا كان صدوقا .

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يخرج من المسجد ويقول : ما أخرجني إلا القصاص ولولاهم ما خرجت .


وذكر ابن مفلح في الآداب الشرعية عن الإمام أحمد أنه قال : القصاص الذي يذكر الجنة والنار والتخويف وله نية وصدق الحديث ، فأما هؤلاء الذين أحدثوا من وضع الأخبار والأحاديث فلا أراه .

يستفاد مما سبق أنه من سار على نهج النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في باب المواعظ والقصص بتحري الصدق والحق فهذا المطلوب شرعا ،
وأمّا من تقحّم باب الوعظ والتذكير بالكذب والرياء والجهل وعدم تحري الأحاديث الصحيحة والأخبار الصادقة فهذا فعله مأزور عليه غير مأجور ومخالف لهدي السلف
وهذا ما ذمّوه كما سيأتي معنا :
وقد ذكر ابن الجوزي في كتابه القصّاص والمذكرين :
أسباب كراهية السلف للقصص :
_ أنهم إذا رأوا ما لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنكروه .
_ أن القصص لأخبار المتقدمين يندر صحته .
_أنه يشغل عما هو أهم من تدبر القرآن ورواية الحديث والتفقه في الدين .
_أن في القرآن والسنة من العظة ما يغني عن غيرهماممّا لا يُتيقن صحته .
_أن عموم القصاص لا يتحرون الصواب .
_اغترار العوام (وأشباههم من المثقفين والمفكرين والحركيين ) بما يسمعون من القصاص فلا ينكرون ما يقولون ، ويخرجون من عندهم فيقولون : قال العالم فالعالم عند العوام من صعد المنبر .
_أن القصاص يأخذون الحديث شبراً فيجعلونه ذراعاً.

وعن أبي قلابة عبد الله بن زيد قال :
( ما أمات العلم إلا القصاص ، يجالس الرجلُ الرجلَ سنةً فلا يتعلق منه شيء ، و يجلس إلى العالم فلا يقوم حتى يتعلق منه شيء ) . حلية الأولياء

ورى ابن المبارك في الزهد بسند صحيح عن ميمون بن مهران قال :
القاص ينتظر المقت من الله ، والمستمع ينتظر الرحمة . كما قال الألباني

وقال الحافظ العراقي في كتابه :(الباعث على الخلاص من حوادث القصاص ) بقوله :
(فيجب على ولاة أمور المسلمين منع هؤلاء من الكلام مع الناس ).

وفي تاريخ ابن جرير في حوادث سنة 279 : نودي في بغداد :
ألاّ يقعد على الطريق ولا في المسجد الجامع
ينهى الناس عن الاجتماع إلى قاص ويُمنع القصاص من القعود ) اهـ .

وروي عن يحيى بن يحيى في الآداب الشرعية
سمعت مالكاً يكره القَصص فقيل له :
يا أبا عبد الله فإن تكره مثل هذا فعلام كان يجتمع من مضى ؟
قال : (على الفقه ).

وقال الامام أحمد :
أكذب الناس السؤّال والقصّاص وما أحوج الناس الى قاص صدوق .

وقد سئل مالك رحمه الله تعالى عن الجلوس إلى القُصّاص ،
فقال : (ما أرى ان يجلس إليهم وإن القَصص لبدعة ) .

وأخرج أحمد في (الزهد) عن أبي المليح قال ذكر ميمون القُصّاص فقال :
(لا يخطئ القاصّ ثلاثاً : إما أن يسمن قوله بما يهزل دينه ، وإما أن يُعجب بنفسه ، وإما أن يأمر بما لا يفعل ).

وأخرج ابن أبي شيبة عن جرير بن حازم عن محمد بن سيرين قوله :
(القصص أمر محدث أحدثه هذا الخلق من الخوارج ).

وروى الطبراني عن عمر بن زرارة قال : وقف علىّ عبد الله بن مسعود وأنا أقص فقال :
(يا عمرو ، لقد ابتدعت بدعة ضلالة ، أو أنك أهدى من محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه )،
قال عمرو : فلقد رأيتهم تفرقوا عني حتى رأيت مكاني ما فيه أحد .

وروى الطبراني عن خباب بن الأرت رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(( إن بني إسرائيل لمّا هلكوا قصّوا )).
قال الألباني - رحمه الله - :
قال في " النهاية " : ( لما هلكوا قصوا ) : أي : اتكلوا على القول وتركوا العمل ، فكان ذلك سبب هلاكهم ، أو بالعكس : لما هلكوا بترك العمل أخلدوا إلى القصص .
وقال الألباني من الممكن أن يقال :
إن سبب هلاكهم اهتمام وعاظهم بالقصص والحكايات دون الفقه والعلم النافع
الذي يعرف الناس بدينهم ، فيحملهم ذلك على العمل الصالح ؛ لما فعلوا ذلك هلكوا .
" السلسلة الصحيحة " .

وروى ابن ماجة بسند حسن عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال :
(لم يكن القصص في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا زمن أبي بكر ولا زمن عمر )،
ورواه أحمد والطبراني عن السائب بن يزيد بنحوه ،

وفي رواية عن ابن عمر : (إنما كان القصص حيث كانت الفتنة )

وروى الطبراني بسند جيد عن عمرو بن دينارأن تميماً الدّاريّ
استأذن عمر في القصص فأبى أن يأذن له (مرتين )،
وفي الثالثة قال له (إن شئت ) وأشار أنه الذبح .

وسئل سفيان الثوري : نستقبل القصاص بوجوهنا ؟ فقال : ولوا البدع ظهوركم .
"الآداب الشرعية"

وقال ابن الجوزي : "معظم البلاء في وضع الحديث إنما يجري من القصاص .

وقال أيضا : " والقُصَّاصُ لا يُذَمون من حيث هذا الاسم ، وإنما ذُم القُصَّاصُ لأن الغالب منهم الاتساع بذكر القَصَصِ دون ذكر العلم المفيد ، ثم غالبُهم يُخَلِّط فيما يورده ، وربما اعتمد على ما أكثره محال " انتهى .

والمحصلة أنهم ذمّوا ليس ذات القَصص وإنما لما يتبعها من إعراض
عن الكتاب والسنّة وأقوال أهل العلم ، واتباع للهوى والبدع وأهواء العوام .

نسأل الله السلامة ونسأله سبحانه أن يعلّمنا ما ينفعنا وأن نعمل بما تعلمنا وأن نصبر على الأذى

والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد
__________________
قال حامل لـواء الجرح والتعديل حفظه الله :
والإجمال والإطلاق: هو سلاح أهل الأهواء ومنهجهم.
والبيان والتفصيل والتصريح:هو سبيل أهل السنة والحق

التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد الله بشار ; 05-09-2010 الساعة 03:45AM
رد مع اقتباس
[ أبو عبد الله بشار ] إنَّ عُضْواً يشْكُرُكَ : [ جَزَاك اللهُ خَيْرًا عَلَى هَذِهِ الُمشَارَكَةِ الُممَيَّزَة ].
أم البراء (05-09-2010)