السلام عليكنَّ ورحمة الله وبركاته
هذا جزء من كتاب ألَّفه شيخنا الشَّيخ العلَّامة ربيع بن هادي عمير المدخلي، بارك الله لنا في عمره، بعنوان "الحقوق والواجبات على الرجال والنساء في الإسلام"
قالت هذه الكاتبة وهي زينب غاصب: " وبالتالي فإن القوامة أعطت (أي أعطيت) تكريماً للمرأة لمن يفهمها بمعنى مثلاً في حالة السفر وهذا يمكن أن يكون أكثر شيء والذي يتطلب وجود المحرم وهذا الأمر أعطاه الإسلام تكريماً للمرأة نظراً لتكويناتها الجسدية لكي يكون الرجل حامياً لها ومدافعاً عنها وهذا بسبب صعوبة السفر في ذلك الوقت ".
أقول: قولها إن القوامة أعطيت تكريماً لها أي أنه حق من حقوقها على الرجل أعطاه الله تكريماً لها فالرجل إنما يقوم بها خدمة للمرأة وهذا فهم انفردت به هذه المرأة ، أما العلماء فقد فهموا غير هذا الفهم والقرآن والسنة يدلان على خلافه قال تعالى: ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً).
دلت هذه الآية على أمور منها:
أن الله شرع القوامة للرجال على النساء وهي سيادة للرجال عليهن وعلل الله ذلك بتفضيله سبحانه للرجال على النساء وقد بينت هذه الوجوه فيما سلف في هذا البحث.
وعلة أخرى وهي بما أنفقوا من المهور والنفقات الشاقة التي لا يتحملها إلا الرجال وخاصة في هذا العصر الذي تشكل فيه النفقات والمهور على الرجال أعباءاً ثقيلة من القصور والأثاث من السجاد والكنب والمكيفات والهواتف ومطالب للنساء لا تنتهي عند حد من كثير منهن ، الأمور التي أثقلت الرجال بالديون الباهضة ولا شك أن هذا يؤكد حق القوامة للرجل .
ولهذا قال الله بعد هذا (فالصالحات قانتات حافظات للغيب ) فالمرأة الصالحة الواعية تشعر بمكانة الرجل بما فضله الله وبما يعانيه من أعباء النفقات وما يبذله من جهود في هذا السبيل فيحملها هذا الوعي وهذا الشعور النبيل إلى جانب تقواها لله على بذل القنوت وهو الطاعة في أدب وإجلال للرجل الذي تدرك وتشعر من أعماق نفسها بمكانته وبحقه عليها ويحملها هذا الإدراك النبيل على المحافظة على شرفها وعرضها وعرض زوجها وشرفه كما يدفعها دينها وأمانتها إلى حفظ ماله في حضوره وغيبته .
وقد تكون المرأة صالحة نوعاً ما ، لكنها ضعيفة الإدراك والفهم أو غير صالحة فيدفعها هذا أو ذاك إلى النشوز وهو الترفع على الزوج وعصيانه وعدم مراعاتها لمكانته وحقوقه ومنها قوامته عليها .
إذا حصل منها ذلك فقد أعطاه الله الحق في استخدام حق القوامة أولاً بوعظها وبالتخويف بالله وعقابه لها على عصيانها له ، ويذكرها بحقوقه عليها فإن تابت ورجعت إلى الصواب والطاعة لزوجها فذاك وإلا انتقل إلى الهجر في المضجع فإن تمادت في غيها ونشوزها انتقل إلى آخر الدواء وهو الضرب غير المبرح فإن لم ترعو فله أن يطلقها أو تفتدي منه .
كل ذلك من منطلق القوامة التي أعطاها الله الخلاق العليم للرجل على المرأة .
فهذا ما يفيده هذا النص الرباني وهذا ما يفهمه كل مؤمن عاقل عرف لغة القرآن وعرف التشريع الإسلامي .
قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في تفسير هذه الآية :
"يقول تعالى : ( الرجال قوامون على النساء ) أي الرجل قيم على المرأة أي هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت ( بما فضل الله بعضهم على بعض ) أي لأن الرجال أفضل من النساء والرجل خير من المرأة ولهذا كانت النبوة مختصة بالرجال ، وكذلك الملك الأعظم لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم " لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة " رواه البخاري من حديث عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه وكذا منصب القضاء وغير ذلك.
(وبما أنفقوا من أموالهم) أي من المهور والنفقات والكلف التي أوجبها الله عليهم لهن في كتابه وسنة نبيه صلَّى الله عليه وسلَّم فالرجل أفضل من المرأة في نفسه وله الفضل عليها والإفضال فناسب أن يكون قيماً عليها كما قال الله تعالى: (وللرجال عليهن درجة ) الآية .
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: (الرجال قوامون على النساء) يعني أمراء عليهن أي تطيعه فيما أمر الله به من طاعته ، وطاعته أن تكون محسنة إلى أهله حافظة لماله ، وكذا قال مقاتل والسدي والضحاك وساق ابن كثير أحاديث في وجوب طاعة المرأة لزوجها وتحريم معصيته، ومنها قول النبي صلَّى الله عليه وسلَّم : " لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها".
وفسر بقية الآية مبيناً حقيقة النشوز وحكم الهجر والضرب المشروع ولا يتسع المقام لنقله، [تفسير القرآن العظيم ( 1/503)].
وبهذه المناسبة أقول : لقد قرأ الناس طعن بعض النساء هذه الأيام في حديث أبي بكرة بل في أبي بكرة نفسه وقلق أخريات منه وهذا أمر ينذر بشر .
وقال القرطبي في تفسير هذه الآية المسألة الأولى : (الرجال قوامون على النساء) ابتداء وخبر أي يقومون بالنفقة عليهن والذب عنهن وأيضاً فإن فيهم الحكام والأمراء ومن يغزوا وليس ذلك في النساء ، وساق روايات فيها أن المرأة لا تقتص من زوجها إذا ضربها.
ثم قال الثانية: ودلت هذه الآية على تأديب الرجال نساءهم ، فإذا حفظن حقوق الرجال فلا ينبغي أن يسيء الرجل عشرتها .
"وقوام" فعال للمبالغة من القيام على الشيء والاستبداد بالنظر فيه وحفظه بالاجتهاد، فقيام الرجال على النساء هو على هذا الحد وهو أن يقوم بتدبيرها وتأديبها وإمساكها في بيتها ومنعها من البروز .
وإن عليها طاعته وقبول أمره مالم تكن معصية وتعليل ذلك بالفضيلة والنفقة والعقل والقوة في أمر الجهاد والميراث والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثم واصل في تفسير الآية إلى تمام إحدى عشرة مسألة " الجامع لأحكام القرآن (5/168-169) .
وقال العلامة السعدي في تفسير هذه الآية :
"( الرجال قوامون على النساء ) أي قوامون عليهن بإلزامهن بحقوق الله تعالى من المحافظة على فرائضه وكفهن عن المفاسد والرجال عليهم أن يلزموهن بذلك وقوامون عليهن أيضاً بالإنفاق عليهن والكسوة والمسكن ثم ذكر السبب الموجب لقيام الرجال على النساء فقال: (بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) أي بسبب فضل الرجال على النساء وإفضالهم عليهن فتفضيل الرجال على النساء من وجوه متعددة .
من كون الولايات مختصة بالرجال والنبوة والرسالة واختصاصهم بكثير من العبادات كالجهاد والأعياد والجمع.
وبما خصهم الله به من العقل والرزانة والصبر والجلد الذي ليس للنساء مثله كذلك خصهم بالنفقات على الزوجات، بل وكثير من النفقات يختص بها الرجال ويتميزون عن النساء.
ولعل هذا سر قوله: (بما أنفقوا) وحذف المفعول ليدل على عموم النفقة ، فعلم من هذا كله أن الرجل كالوالي والسيد لامرأته وهي عنده عانية أسيرة خادمة فوظيفته أن يقوم بما استرعاه الله به، ووظيفتها القيام بطاعة ربها وطاعة زوجها، فلهذا قال: (فالصالحات قانتات) أي مطيعات لله تعالى (حافظات للغيب) أي مطيعات لأزواجهن حتى في الغيب تحفظ بعلها بنفسها وماله " تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان (ص177) .
ثم كررت دعواها أن القوامة أعطيت للمرأة تكريماً لها وضربت مثلاً بحالة السفر وقالت : وهذا يمكن أن يكون أكثر شيء .
وكأنها لا ترى القوامة في الحضر ونسيت قول الله تعالى ( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) فالأصل في حياتها القرار في بيتها وقوامة الرجل عليها في الحضر والسفر وهي لا تستغني عن قوامة الرجل، وحمايته في الحضر والسفر فلو احتاجت للخروج للسوق ونحوه فهي بحاجة إلى حماية الرجل من الذئاب البشرية التي إذا رأت هذا الحامي انكسرت وفرت، وإن رأت المرأة وحيدة دفعها الطمع إلى الاقتراب وقد يفترسها بعضهم فإن لم يفترسها حام حولها ليتمتع بالنظرات الآثمة إلى ما يشاء من جسدها، وقل مثل ذلك وأشد في السفر وهي وإن اعترفت بحاجة المرأة إلى حماية الرجل في السفر نظراً لتكويناتها الجسدية أي لضعفها عن حماية نفسها ، ونظراً لصعوبة المواصلات في العصور القديمة لكنها دندنت حول إسقاطها في السفر في هذا العصر لسهولة المواصلات كما تزعم .
وكأنها لا ترى حرجاً أن تسافر المرأة المسلمة إلى أوربا وأمريكا أواليابان بدون محرم لا فرق بينها وبين اليهودية أو النصرانية أو الهندوكية.
لقد تجاهلت ما في هذا العصر من الفساد وانفلات الكثير من الرجال والنساء من الأخلاق، وأن المرأة التي تسافر وحدها قد انفلتت من حماية الإسلام لها حيث حرم عليها السفر بغير محرم ولو في عصر الصحابة ولو كانت المسافرة صحابية ورفقتها من الصحابة.
فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلَّى الله عليه وسلَّم يقول : " لا يخلون رجل بامرأة ولا تسافرن امرأة إلا ومعها محرم ، فقام رجل فقال يا رسول الله اكتتبت في غزوة كذا وكذا وخرجت امرأتي حاجة، قال: اذهب فحج مع امرأتك " متفق عليه .
ففي هذا الحديث الحفاظ على عرض المرأة وعرض أهلها في حضرها وسفرها فلا يخلون بها الرجل ولو كانت صحابية وهو صحابي.
ولا يحل لها السفر إلا مع محرم.
وانظر كيف صرف النبي صلَّى الله عليه وسلَّم هذا الصحابي المجاهد عن الجهاد وأمره أن يحج مع امرأته ، وهي في غاية الأمن وفي رفقتها صحابة في قمة الإيمان والشرف والابتعاد عن محارم الله وهم يؤدون عبادة عظيمة وهي الحج إلى بيت الله الحرام .
ولو كانت هناك ظروف تسقط فيها القوامة ويرخص فيها للمرأة أن تسافر بغير محرم لكانت هذه الظروف التي حجت فيها هذه المرأة الصحابية ففي الحديث وجوب القيام على المرأة في السفر الآمن فضلاً عن غيره .
وقد وردت أحاديث كثيرة في تحريم سفر المرأة بغير محرم منها هذا الحديث الذي سلف ومنها حديث أبي سعيد: "لا تسافر المرأة يومين من الدهر إلا ومعها ذو محرم منها أو زوجها " .
ومنها حديث أبي هريرة: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم " رواه مسلم .
هذه النصوص طبقت في عهد الرسول وصحابته الكرام وخلفائه الراشدين وإلى يومنا هذا .
ولو كانت هناك امرأة تستحق أن يرخص لها أن تسافر سفراً قصيراً فضلاً عن الطويل لكانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها .
فقد روى مسلم عنها أنها قالت : " قلت يا رسول الله أيرجع الناس بأجرين وأرجع بأجر فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن ينطلق بها إلى التنعيم قالت : فأردفني خلفه على جمل له قالت : فجعلت أرفع خماري أحسره عن عنقي فيضرب رجلي بِعِلَّةِ الراحلة قلت له: وهل ترى من أحد قالت: فأهللت بعمرة ثم أقبلنا حتى انتهينا إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو في الحصبة".
فهذه عائشة أم المؤمنين وزوجة أكرم البشر وبنت أبي بكر الصديق وفضلها على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام، لم يسمح لها أن تذهب من مكة إلى التنعيم الذي لا تزيد مسافته على أربعة أميال من مكة إلا مع محرمها، وكان ذهابها مع أخيها ليلاً وهي لابسة خمارها فإذا كشفته ضربها بعلة الراحلة .
قال النووي -رحمه الله- فيضرب رجلي عامداً في صورة من يضرب الراحلة والمعنى أنه يضرب رجلها بسوط أو عصى أو غير ذلك حين تكشف خمارها عن عنقها غيرة عليها ، فتقول له هي : وهل ترى من أحد أي نحن في خلاء ليس هنا أجنبي أستتر منه".
فهذا سفر قصير والأوضاع في غاية الأمن والاستقرار في عهد الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم وفي مجتمع الصحابة خير أمة، وانظر إلى عقلها وحلمها وصبرها وإعذارها لأخيها الذي يضربها غيرة عليها .
فهل للمطالبات بالحقوق أن يقتدين بهذه الصحابية الكبيرة في علمها وكمالها وتطبيقها للإسلام ، ومنها أحكام السفر والحجاب ، وهل لهن أن يقتدين بسائر الصحابيات في سائر شؤون الحياة ، أما والله لو قمن بهذا الواجب لما سمعت الأمة هذه الأصوات ولا رأيت مثل هذه الاجتماعات والمنتديات .
وقولها : "وبالتالي فإن القوامة أعطت (أي أعطيت) تكريماً للمرأة لمن يفهمها بمعنى مثلاً في حالة السفر وهذا يمكن أن يكون أكثر شيء والذي يتطلب وجود المحرم وهذا أمر أعطاه الإسلام تكريماً للمرأة نظراً لتكويناتها الجسدية لكي يكون الرجل حامياً لها ومدافعاً عنها وهذا لسبب صعوبة السفر في ذلك الوقت".
أقول : لقد أعطيت القوامة للرجل تكريماً له وتشريفاً لقوته ونخوته وشجاعته وحفاظاً على المرأة ورحمةً لها لضعفها وإذا كان هذا هو حال المرأة من الضعف وشدة الحاجة إلى الرجل ليحميها ويدافع عنها باعترافك فلماذا تعارضين بشدة في تفضيل الرجل على المرأة وتدعين مالم يقله أحد من أنها ند للرجل في الحقوق والواجبات وتأنفين أن تكون المرأة تابعة للرجل .
أيتها المسكينة الضعيفة لا تناطحي النصوص الربانية وجبال العلم من مفسرين ومحدثين وفقهاء في قضايا مسلمة شرعاً وعقلاً وفطرة .
إن المرأة كانت ولا تزال ناقصة عقل ودين وغير مؤهلة للاعتماد على ذاتها ولا سيما في أهم شئونها وفي أشد الحاجة إلى الرجل حضراً وسفراً .
فلو أن بيتاً ممتلأ من النساء وخرجت عليهن فأرة أو عقرباء لملأن الدنيا صراخاً ولاحتجن إلى رجل أو صبي ليدفع عنهن هذا الخطر الكبير في نظرهن فضلاً عن رجل مسلح أو جيش أو أسد مثلاً وهي تحتاج دائماً إلى رعاية وحماية سفراً وحضراً وإلا لأكلتها الذئاب البشرية من الفساق المجرمين .
وهذه الفئة التي تطعنين فيها وهي معظم هذا الشعب وعلى رأسهم العلماء لم يهدروا أهلية المرأة العقلية والقانونية والشرعية بل أعطوها أكثر من حقوقها التي حددها لها الشرع أما القوانين الفاسدة فقد أعطت كلاً من المرأة والرجل ما يتنافى مع العقيدة الإسلامية والأخلاق الإسلامية الرفيعة ومالا يحسن ذكره .
وأما فرض الوصاية وهي القوامة وهو حق شرعه الله وضرورة من ضرورات الحياة لا تقوم الحياة ولا تسعد الأسر إلا به .
وللقوامة هذه شروط وضوابط من تجاوزها سواء كان الرجل أو المرأة يجب أن يوقف عند حده في الدنيا وإلا فالله لابد أن يأخذ للمظلوم حقه فيقتص حتى للشاة الجلحاء من الشاة القرناء هذا في الشريعة الإسلامية أما القوانين فلها شأن آخر.
وقولها : "إننا نريد ولاية تناسب العصر الذي نعيشه ليس أن تأتي بما في العصور القديمة ومالا يوجد الآن في عصرنا يطالبونا به".
أقول : أخبرينا بالولاية التي تناسب العصر فهل ترين أنه من المناسب لهذا العصر أن تكون الولاية للمرأة أو ترين سقوط الولاية عن المسافرة في هذا العصر ؟
وهل ترين هذا العصر أفضل من العصور القديمة ، فلماذا إذن تبنين مطالبك على الآيات القرآنية وعلى ما تزعمين من مطالبات الصحابيات بحقوقهن الشرعية.
وقولها :" فالمرأة ليست ناقصة الأهلية فالإسلام أشرك المرأة في أن تنقل أخطر العلوم نقلاً وهو الفقه وزوجات الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم كن يدرِّسن الصحابة فقد قال الرسول: صلَّى الله عليه وسلَّم"خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء" وإن يذهب البعض إلى أنه حديث ضعيف ليبرروا فقط أقوالهم".
أقول :ماذا تريدين بقولك "فالمرأة ليست ناقصة الأهلية(1) " إن أردت أنها صالحة للخلافة والقضاء وقيادة الجيوش وخوض المعارك لنشر الإسلام والذياد عن الأوطان الإسلامية والقوامة على الرجال والمشاركة في سياسة الأمة من خلال المؤتمرات ومجالس الشورى فهذه الأمور لم يعط الإسلام للمرأة منها شيئاً وليست أهلاً لشيء من ذلك ولو كانت أهلاً لشيء من ذلك لأعطاها بل قال : " إنكن ناقصات عقل ودين وإنكن أكثر أهل النار " وقال : " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " وبنيتهن الجسدية وواقعهن وتاريخهن كله يشهد بذلك وإن قلتِ :
إنها أقدر على الحمل والرضاع وتربية الأطفال من الرجال، فهذا حق ولن يخاصمها الرجل في هذه الخصائص التي خلقها الله لها، وهي تناسب تكوينها الجسدي وفطرتها وعواطفها فالحق يقال إن موضعها في البيت ولذا قال الله: (وقرن في بيوتكن) وقال: (فاسألوهن من وراء حجاب) ولا تقوم حياة للأمة إلا إذا قام بها النساء على أكمل الوجوه فأفضل ما تقوم به المرأة وتبرز فيه على الرجال هي هذه الأمور وذلك أنفع للأمة ، أما إذا تخلت المرأة عن وظائفها الأساسية وذهبت تزاحم الرجل في ميادينه الخاصة به وتشغب عليه باسم حقوق المرأة فإنها تكون قد جنت على نفسها وعلى الأمة وأصبحت أداة هدم لا أداة بناء ، أداة هدم للدين والأخلاق كما هو واقع بعض الأمم الضالة التي تخلت عن دينها من يهود ونصارى وحطمت أخلاقها .
وقد أدرك ذلك عقلاؤها فندموا ولات ساعة مندم والسعيد من وعظ بغيره .
أما احتجاجك بنقل زوجات النبي صلَّى الله عليه وسلَّم للفقه فنقول : من طاردك من التعلم والتعليم لكن يجب أن تعلمي أن الله قال لهن (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله ) فقمن بهذه الواجبات على أكمل الوجوه ومنها الاستقرار في بيوتهن وقد تأسى بهن الصالحات القانتات في هذه الأمور وكن يحدثن عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من وراء حجاب وماكنَّ يدرِّسن الصحابة الفقه كما تذكرين وإنما كانت كل واحدة منهن تبلغ ما حفظته عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من وراء حجاب وما كنَّ يتخبطن فيما ينقلن كما تخبطتن أنتن.
ولنقل الحديث والعلم شروط أراكنَّ من أبعد الناس عن توفرها فقد رأينا منك العجائب والله من الإخلال بالنقل ومن الاستنباط الباطل ومن كتمان الحق ومن تجهيل الناس ومن الاحتجاج بهذا الحديث الباطل ومن الطعن فيمن يضعفه من العلماء واتهامهم بالمقاصد السيئة .
فهل يطعنون في حديث ثابت عن رسول الله ليبرزوا أقوالهم ؟ وما هي هذه الأقوال التي تخالف الشريعة ولا تمشي إلا بالطعن في حديث رسول الله .
لقد طعن في هذا الحديث ابن القيم ، وقال الحافظ ابن حجر لا أعرف له إسناداً ولا رأيته في شيء من كتب الحديث إلا في النهاية لابن الأثير ذكره في مادة ح م ر.
ولم يذكر من خرجه ورأيته في كتاب الفردوس لكن بغير لفظه وذكره من حديث أنس بغير إسناد أيضاً ولفظه "خذوا ثلث دينكم من بيت الحميراء" وبيض له صاحب الفردوس فلم يخرج له إسناداً وذكر الحافظ عماد الدين ابن كثير أنه سأل الحافظين المزي والذهبي عنه فلم يعرفاه " أنظر المقاصد الحسنة (ص198) برقم 432 " .
فحديث لا يعرفه هؤلاء الأئمة الحفاظ ولا يعرفون له إسناداً تعرفينه أنت حتى تطعني فيمن طعنوا فيه فأخبرينا بصحته، وإلا فاتركي التحدث باسم الإسلام أنت وأمثالك فضلاً عن التصحيح والتضعيف ودقائق المسائل .
وقالت إحدى المشاركات في هذا المنتدى وهي البتول الهاشمية وهي تطالب بحقوق النساء وذكرت أن حقوق النساء قد كفلتها الشريعة ودلت عليها الكثير من النصوص القرآنية والأحاديث الشريفة ومنها على سبيل المثال لا الحصر قصة أم سلمى (تعني أم سلمة) رضي الله عنها حين تساءلت عن فضل الهجرة وهل هناك تخصيص للرجال دون النساء وقالت يا رسول الله لا أسمع الله قد ذكر النساء في الهجرة بشيء فأنزل الله تعالى ( فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثواباً من عند الله والله عنده حسن الثواب ) .
ثم قالت : فنجد أكثر ما تدل عليه الآية الكريمة أولاً حرص النساء في عصر الرسالة الأولى على أن يكون لهن مكان في الشؤون العامة للجماعة المؤمنة وأن يذكرهن النص القرآني وأن يخاطبهن الله عز وجل في آيات محكمات فيصبحن بذلك جزأ مرئيا وظاهرا من حياة المجتمع الإسلامي في جوانبه الدينية والاجتماعية العامة .
كما أنها تعكس حرص النساء على أن يحظين بالمكانة والتقدير المعلن لجهدهن وأن لا يتم إقصاؤهن وتجاهلهن داخل المجتمع ، فهن لم يترددن في طرح التساؤلات والسعي لمعرفة حقوقهن ونيلها داخل الجماعة ولا يخجلن من التعبير عن رأيهن ولا يترددن في أن يطمحن إلى وضع أفضل ولم ينهرهن أحد على ذلك.
وترى ذلك متجلياً في صورة المجادلة ( لعلها تقصد سورة ) حين سمع الله قول التي تجادل واستجاب لها ربها على الفور وأنزل بها آيات بينات بل سورة وإنها لدلالة عظيمة للإنصات لصوت النساء في أي سياق تاريخي وعلى تأسيس لهذا الحق والتعامل معه باحترام .
واعتماداً على ضوء ما ذكرنا إن المرأة السعودية المسلمة عندما تطالب بهذه الحقوق فهي في الواقع تقوم بتجسيد وإكمال أولئك النساء الصحابيات رضي الله عنهن لما بدأن فيه للمطالبة بكامل حقوقهن الشرعية .
وفي النهاية أحب أن أقول وأن أختم إلى هؤلاء جميعاً الذين يتخوفون بأن ذلك قد يعكس رغبة انفصالية من النساء أو تحقيق هيمنة من نوع آخر لكن هذا لن ينشأ إلا عن فئة غير قادرة على فهم وإدراك حقوق الشرع الكامل للطرفين على حد سواء والتي ما زالت هذه الفئة تأخذ باعتبارها أن المرأة ناقصة عقل ودين وأنها غير مؤهلة للاعتماد على ذاتها فيهدرون بذلك أهليتها العقلية والقانونية والشرعية ويجعلونها لا تبلغ سن الرشد أبداً ، فيفرضون الوصاية عليها وإن كان ذلك دون وجه حق ".
أقول : نعم إن حقوق النساء قد كفلتها الشريعة ودلت عليها الكثير من النصوص القرآنية والأحاديث الشريفة ولكن على غير الوجه الذي يريده أهل هذا المنتدى، ولن يجدن في هذه النصوص الكثيرة شيئاً مما يردنه أو يحاولنه مثل المساواة الكاملة بين الرجال والنساء ومثل الحقوق السياسية ...الخ .
ثم إن في كلام هذه المرأة نظراً قوياً في كل ما قالته فنص الآية ليس فيه أي دليل على أي من دعواها التي ذكرتها في تفسيرها للآية .
فالنساء في عصر الرسالة كن يتلقين الآيات القرآنية والأحاديث النبوية بالإيمان الكامل والاستسلام الصادق والثقة المطلقة بالعقائد والأحكام والتشريعات العادلة الحكيمة ، فما كان عندهن أي إحساس بالظلم أو الغبن وما كانت التحسسات بالسلب والهضم إلا عند المنافقين والمنافقات فقالوا : ( لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا ) .
ولم يكن في عصر الرسالة صراع سياسي ولا صراع طبقي بين الرجال والنساء حتى يحرصن على أن يكون لهن مكان في الشئون العامة للجماعة المؤمنة ولا حرصن أن يذكرهن النص القرآني حتى ينزل القرآن استجابة لمطالبتهن بهذا الحق الاجتماعي والسياسي .
إذ لو فعلن ذلك لكان ذلك استنكاراً على الله وشغباً عليه تعالى الله عن ذلك وحاشا المؤمنات في عصر النبوة أن يكون عندهن هذه الأحاسيس والوساوس .
أما ذكر النساء في القرآن فقد ذكرن فيه في السور المكية بدون حرص من النساء ولا استجابة لمطالبهن التي تدعيها الكاتبة وإنما لمقاصد أخرى تتعلق بالإيمان والعبادة والنكاح والطلاق والميراث ، وعامة المخاطبات للرجال يدخل فيها النساء سواء كانت وعداً أو وعيداً أو أمراً أو نهياً أو توجيهات ..الخ .
فلا داعي إذاً لما نسب لأم سلمة رضي الله عنها .
وهذا الواقع القرآني الذي نوهنا عنه يشعر بضعف هذا الحديث بل واقع هذا النص وسياقه يدل على ضعفه فالنص هو : ( إنَّ في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار ربنا إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فأمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار ربنا وءاتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكرٍ أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثواباً من عند الله والله عنده حسن الثواب ) .
ففي هذا النص الثناء على أولي الألباب بذكره لهم في كل أحوالهم قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ، وعلى عظيم تفكرهم في خلق السماوات والأرض ، وتنظيم هذا الكون الهائل ، وتدبيره ، ثم الوصول إلى النتيجة وهي أنه ما خلقه الله باطلاً وعبثاً وإنما خلقه بالحق ولحكم عظيمة هي مقتضى ربوبيته وألوهيته وأسمائه الحسنى .
ثم توسلهم إلى الله بهذا الإيمان الواعي ، وضراعتهم إليه أن يقيهم عذاب النار وأن يقيهم الخزي في تلك الدار ، فاستجاب الرب الكريم لهؤلاء المؤمنين الصادقين المخبتين الذين ليس له مطالب سياسية ولا تطلعات إلى منازل اجتماعية وزادهم ثناء عاطراً ووعداً صادقاً بإدخالهم جنات تجري من تحتها الأنهار .
فهذه دلالة واضحة على ضعف هذا الحديث ، يؤكد هذا ما أسلفناه من ذكر الله للنساء في السور المكية والمدنية قبل نزول هذا النص بسنوات كثيرة .
ويؤكد ذلك مرة أخرى أن هذه الآيات كلها حديث عن الرجال أولي الألباب والضمائر كلها عائدة إليهم فهذه المرأة احتجت بما هو حجة عليها لا لها وإن ذكرت المرأة فيها فكم نصيبها منها .
وقولها : "فيصبحن جزأً مرئياً وظاهراً في حياة المجتمع الإسلامي في جوانبه الدينية والاجتماعية العامة" .
أقول : والله ماكنَّ مدفونات ولا مهضومات لا في تعامل القرآن والرسول صلَّى الله عليه وسلَّم ولا في واقع المجتمع الذي يعشن فيه ، الذي نَجوْنَ فيه من الذل والهوان والقهر والكبت والوأد فلقد والله خرجن من هذه الظلمات بعد ظلمات الكفر والشرك إلى نور الإيمان والعزة والكرامة .
فما كان يخطر ببالهن شيء مما تقولينه .
وقولها : "كما أنها تعكس حرص النساء على أن يحظين بالمكانة والتقدير المعلن لجهدهن وأن لا يتم إقصاؤهن وتجاهلهن داخل المجتمع ، فهن لم يترددن في طرح التساؤلات والسعي لمعرفة حقوقهن ونيلها داخل الجماعة" .
أقول : ليس في الآية أي دليل أو إشارة إلى ما ذكرت هذه المرأة ولم يلجئهن الإسلام إلى السعي لمعرفة حقوقهن ، فقد أعطاهن مالا يخطر على بالهن ، ثم إن كلامها الجائر يشعر أن المرأة كانت تعاني ظلماً وهضماً وإقصاء وتجاهلاً في ذلك المجتمع الطاهر الذي لا نظير له في التاريخ البشري سمواً ونبلاً وعدلاً وجهاداً لإعلاء كلمة الله ، واحتراماً للمرأة والصبي والمسكين واليتيم وحتى الحيوانات العجماء .
فالآية والواقع لهذه الجماعة والقرآن والسنة كلها لا علاقة لها بهذه التخيلات التي سطرتها هذه المرأة .
وقولها : " ولا يخجلن ولا يترددن في أن يطمحن إلى وضع أفضل " .
أقول : إن الآية لا تدل على شيء من ذلك أبداً وحتى الحديث على فرض صحته لا يدل على شيء منه ولا كذلك واقع المرأة المسلمة ولا واقع المجتمع الذي تعيش فيه .
وكن في وضع يحسدن عليه ولا أفضل منه فكيف يسعين إلى وضع أفضل ، إن كلامك هذا يدل على أنك ترين أنهن كن في وضع سيء وفي وضع لم يعطها حقوقها كاملة فهي تسعى بطموح إلى تجاوز هذا الوضع دون خجل أو تردد ونعوذ بالله من هذه التصورات والخيالات .
أما سورة المجادلة فقد نزل صدرها لا كلها في شأن خويلة بنت ثعلبة الأنصارية وزوجها أوس بن الصامت وكان قد ظاهر منها فأزعجها هذا الظهار وهاكم قصتها .
"قال الإمام أحمد -رحمه الله- حدثنا سعد بن إبراهيم ويعقوب قالا حدثنا أبي حدثنا محمد بن إسحاق حدثني معمر بن عبد الله بن حنظلة عن يوسف بن عبدالله بن سلام عن خويلة بنت ثعلبة قالت : فيَّ والله وفي أوس بن الصامت أنزل الله صدر سورة المجادلة ، قالت كنت عنده وكان شيخاً كبيراً قد ساء خلقه قالت فدخل عليَّ يوماً فراجعته بشيء فغضب فقال: أنت عليَّ كظهر أمي .
قالت : ثم خرج فجلس في نادي قومه ساعة ثم دخل عليَّ فإذا هو يريدني عن نفسي قالت : قلت كلا والذي نفس خويلة بيده لا تخلص إليَّ وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه قالت فواثبني فامتنعت منه فغلبته بما تغلب به المرأة الشيخ الضعيف فألقيته عني قالت ثم خرجت إلى بعض جاراتي فاستعرت منها ثياباً ثم خرجت حتى جئت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فجلست بين يديه فذكرت له ما لقيت منه وجعلت أشكوا إليه ما ألقى من سوء خلقه قالت فجعل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول "يا خويلة ابن عمك شيخ كبير فاتق الله فيه " قالت فوالله ما برحت حتى نزل فيَّ قرآن ، فتغشى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ما كان يتغشاه ثم سرِّيَ عنه فقال لي : "يا خويلة قد أنزل الله فيك وفي صاحبك قرآناً – ثم قرأ عليَّ – ( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير – إلى قوله تعالى – (وللكافرين عذاب أليم ) قالت : فقال لي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : " مريه فليعتق رقبة قالت : فقلت يا رسول الله ما عنده ما يعتق قال فليصم شهرين متتابعين قالت: فقلت: والله إنه لشيخ كبير ماله من صيام قال " فليطعم ستين مسكيناً وسقاً من تمر" قالت: فقلت: يا رسول الله ما ذاك عنده قالت فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم:" فإنا سنعينه بفَرَق من تمر" قالت فقلت يا رسول الله وأنا سأعينه بفرق آخر قال قد أصبت وأحسنت فاذهبي فتصدقي عنه ثم استوصي بابن عمك خيراً قالت ففعلت " تفسير القرآن العظيم ( 4/341-342) وحسنه الحافظ ابن حجر في الفتح ( 9/433) أخرجه أحمد (6/410) وأبو داود في الظهار حديث (2214) وابن الجارود (746) وابن حبان (10/107) .
ففي هذا الحديث فوائد مهمة على النساء أن يستفدن منها :
1- في الحديث أن خويلة استعارت ثياباً لتذهب إلى رسول الله فهذا يفيد أنها تعيش في أسمال بالية من الثياب لا تصلح للخروج والثياب التي استعارتها لا تمشي اليوم عند نساء عصرنا .
2- إن في النص القرآني (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله ) فجدالها في زوجها كان دافعه الحرص الشديد على بقائها في عصمة زوجها الشيخ الكبير الفقير الذي شكت في قصتها خلقه معها ولم تجادل في قوامته عليها فهل عند صواحب المنتدى استعداد لأن يشابهن هذه الصحابية ويتأسين بها .
3- في النص القرآني أنها تشتكي إلى الله وهذا يدل على مكانة عقيدتها إذ هي تحاور الرسول أفضل الرسل وفي أثناء هذا الحوار ترفع شكواها إلى الله مما تلقى من خلق زوجها ورسول الله يسمع هذه الشكوى فما هو موقفه من تعامل هذا الرجل مع زوجته .
هل أقام الدنيا وأقعدها كما يفعل اليوم دعاة تحرير المرأة وجيرانها وجاراتها من الصحابة الكرام هل عقدوا المؤتمرات للمنادات بحقوق المرأة لا سيما وكثير من الصحابة كانوا يضربون نساءهم .
أما الرسول فما كان يزيد على قوله : "يا خويلة ابن عمك شيخ كبير فاتق الله فيه " .
فهل نساء اليوم يقبلن هذا ويحتملنه وهل يرغبن في الاستفادة من واقع هذا المجتمع الطاهر الذي لا نظير له في تاريخ البشرية السابق واللاحق .
أيها المنادون بتحرير المرأة والمطالبون بحقوقها هل أنتم أعدل من مجتمع الصحابة الذي يأتي على رأسه رسول الله الشاهد على الأمة وفي هذا المجتمع الخلفاء الراشدون والمهاجرون والأنصار، ووالله إن وضع المرأة فيه لأحسن وضع عرفته البشرية إذ كانت المرأة قبله توأد صغيرة وتورث كما يورث المتاع وتمتهن أشد الامتهان فأكرمهن الله بالإسلام ووضعهن في الموضع اللائق بكرامة الإنسان من غير زيادة ولا نقصان فلما أنزل الله حكمه في القضية وهذا الحكم في صالح المسلم والمسلمة إذ الظهار كان في الجاهلية طلاقاً والإسلام اعتبره منكراً من القول وزوراً وشرع فيه الكفارة قبل المسيس .
قال لها رسول الله " مريه فليعتق رقبة " فما موقفها لقد تحولت بعد شكواها من زوجها إلى زوجة رحيمة تعتذر له بصدق فقالت: يا رسول الله ما عنده .
قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم "فليصم شهرين متتابعين" فقالت والله إنه لشيخ كبير ما له من صيام .
قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم " فليطعم ستين مسكيناً وسقاً من تمر " قالت يا رسول الله ما ذاك عنده قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فإنا سنعينه بفَرَق من تمر قالت يا رسول الله وأنا سأعينه بفرق آخر قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم "قد أصبت وأحسنت فاذهبي فتصدقي عنه ثم استوصي بابن عمك خيراً" قالت ففعلت أي إنها نفذت وصية رسول الله في مساعدة زوجها وفي الاستيصاء به خيراً .
يا صواحب المنتديات لقد ناديتن بالرجوع إلى سيرة الصحابيات فإن كنتن صادقات فهذه سيرة واحدة منهن تحت إشراف الرسول ومجتمعه الطاهر فاستفدن من ذلك وأفدن منه مجتمعكن وقفن وقوف المؤمنات في وجه المفسدين دعاة التحرير ودعاة حقوق النساء كذباً وزوراً.
وقولها :"وفي النهاية أحب أن أقول وأن أختم إلى هؤلاء جميعاً الذين يتخوفون بأن ذلك قد يعكس رغبة انفصالية من النساء أو تحقيق هيمنة من نوع آخر إن هذا لن ينشأ إلا عن فئة غير قادرة على فهم وإدراك حقوق الشرع الكامل للطرفين على حد سواء ...الخ".
أقول : إن معظم الشعب السعودي رجالاً ونساءً ملتزمون بالإسلام ويدركون حقوق الرجال والنساء .
والمرأة في السعودية محترمة إلى درجة لا يوجد لها نظير في الدنيا ويغبطها عليها نساء الدنيا ومعظم النساء في هذا البلد الذي قام على الإسلام الصحيح الواعي لا يؤيد هذه الصرخات المفتعلة والاتهامات المتطاولة على حملة الشريعة الإسلامية .
________________________
(1) لا شك أنها ناقصة الأهلية إلا في بعض الأمور وقد أعطاها الشارع الحكيم ذلك كتبليغ العلم وحق التملك والتبرع وقد مر ذكر ما أعطاها الإسلام .
كتبه
ربيع بن هادي عمير المدخلي
5 ذي الحجة 1424هـ