[الحلقة الثامنة] من هم الإسماعيلية ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وأصحابه أجمعين أما بعد :
فهذه هي الحلقة الثامنة من هذه السلسلة التي نتكلم فيها عن الإسماعيلية ونواصل الحديث عنها وهي إحدى الفرق الباطنية ( الشيعة ) المنتشرة في أغلب أنحاء العالم ، وأسأل الله أن ينفع بهذه السلسلة.
وسنتكلم إن شاء الله في هذه الحلقة عن بعض المظاهر والعادات والشعائر الدينية للإسماعيلية في بعض مناطق تجمعهم .
*إن المتتبع للأحوال الإجتماعية لهذه الفرقة يجد ثمة اختلافات في ممارسة العبادات وفي الإحتفالات والطقوس والشعائر الدينية بين أتباع هذه الفرقة بشقيها ( البهرة _ الآغاخانية ) ويتضح ذلك من خلال المظاهر الإجتماعية التالية :
1_ عباداتهم :
_فللبهرة أماكن خاصة للعبادة يسمونها (جامع خانة) لأنهم لايرضون بمساجد عامة المسلمين ويوهمون الناس بتمسكهم بفروض الدين من ناحية أداء بعض الشعائر أما عقيدتهم الباطنية فشيء آخر حيث يصلّون كما يصلي المسلمون ولكن يقولون أن صلاتهم تلك للإمام الإسماعيلي المستور من نسل الطيب الآمر ، وهم يعتبرون الكعبة مثلا رمزا على إمامهم .
ويلزمهم الحصول على إذن مسبق من الإمام أو الداعي المطلق متى ما أرادوا ممارسة عباداتهم وشعائرهم الدينية .
* فباعتراف الإسماعيلي المعاصر محمد حسن الأعظمي في كتابه الحقائق الخفية ص 18_19 : أن سلطان البهرة المتوفى والمدعو (طاهر سيف الدين) كان قاسيا في جميع الأعمال الدينية والدنيوية لأن مزاولتها موقوفة على الحصول على إذن رسمي خاص منه أومن نائبه في كل قرية ، وكانت مخاطبة طاهر سيف الدين غير ممكنة شخصيا بل تتم عن طريق الواسطة . والبهرة يشددون في أداء الصلوات ورسوم العبادات وإعداد المساجد حيث كان الواحد منهم يحرص أثناء تواجده في المعهد أو الجامعة على أن يكون لديه سجادة أو منشفة وقلنسوة صلاته وجلباب وقبقاب صلاته فهم يصطحبونها معهم في مكاتبهم وحلهم وترحالهم .
وللبهرة في بومباي مسجدا أقاموه بجانب قبر داعيهم المطلق طاهر سيف الدين وأقاموا عليه قبة فاخرة وكتبوا القرآن كاملا على جوانبها من الداخل بصفائح من ذهب .
والملفت للنظر في مساجدهم عدم فرشها بل يوجد أعداد كبيرة من السجادات الفردية .
_ أما الآغاخانية : فيقول عنهم الأعظمي المعاصر في الحقائق الخفية أنهم لا يهتمون بالأمور التي يهتم بها البهرة ولكن يؤدون عباداتهم في مركز الجماعة الخفي (جماعة خانة ) حيث تجري فيه عقود الزواج والأمور الدينية الخاصة بهم .
ويقومون بأغلب العبادات وما يتقرب به (تقية ) أمام أهل السنة متظاهرين بالدين والورع وو .. .
2_ أعيادهم وإحتفالاتهم الدينية :
** المزارات :فالبقية الباقية من الإسماعيلية الآغاخانية الموجودة في أنحاء العراق يوجدون لغرض التجارة والزيارة حيث يوجد لهم حسينيات يلجأون إليها في بغداد والبصرة وكربلاء والنجف ،ولهم مزارات غربي الهند فبأحمد أباد حيث يوجد قبر داعي الدعاة داود بن عجب شاه وداود بن قطب شاه وهما بجوار بعض .
ويعتبر ضريح آغاخان الثالث محمد سلطان الحسيني مزارا للإسماعيلية الآغاخانية .
_وطائفة البهرة عندما يزور داعيهم محمد برهان الدين أتباعه في جبال حراز في اليمن فإنه يتمسح بأضرحة موجودة هناك للدعاة ويسجد له وقد يسأله الشفاعة من دون الله .
** الأعياد : فهذه الفرقة تمارس إحتفالات منافية لأبسط تعاليم الإسلام وهي لا تعدو كونها من أعياد أسلافهم استحدثت نتيجة الغلو المفرط في أئمتهم ودعاتهم .
فمن أعيادهم المعاصرة مثلاً يوم الغدير (غدير خم) ومناسبته ما يذكرونه من مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم لعلي يوم غدير خم ويشاركهم في هذا العيد كافة الشيعة على اختلاف فرقهم وأهوائهم .
_ومن الإسماعيلية الآغاخانية جماعة يطلق عليها الهونزا موجودة في شمال باكستان ويحتفلون بعيد ميلاد الإمام آغا خان ويحتفلون بذكرى زيارته للهونزا وهذان العيدان من ثمانية أعياد عندهم على الترتيب : عيد الفطر والأضحى (عيد البقر) وهم لايعيرون هذين العيدين أي إهتمام ، عيد الغدير والنيروز وعيد ميلاد النبي وعيد ميلاد الإمام (ذكرى تولي علي الخلافة ) وعيد ميلاد الإمام (آغاخان) والإسماعيليون في الهونزا يشكلون 95 % من إجمالي السكان واعتنقوا المذهب الإسماعيلي في منتصف القرن الثامن عشر إذ أنهم كانوا على المذهب الإثني عشري .
3_ الشعائر والمراسم الخاصة بالإسماعيلية المعاصرة :
** عادات وتقاليد البهرة : للبهرة طقوس خاصة ولباس خاص بهم يتميزون به عن غيرهم فمثلاً يرتدي الواحد منهم قميصا وسروالا وطاقية مزركشة باللونين الذهبي والأصفر والصلاة عندهم ثلاث مرات ويتوجهون في صلاتهم إلى قبر طاهر سيف الدين والصلاة واجبة عليهم في العشرة الأولى من شهر محرم فقط ، ويدفنون مع موتاهم رقعة تسمى الرسالة كما يأخذون على أنفسهم الميثاق على طاعة داعيهم المطلق عند البلوغ (جريدة المسلمون العدد 237 ،17 محرم 1410هجري ) .
كما لهم عادات وطقوس هندوسية في حفلات الزواج فهم يستعملون معجون الكركم على جسم العريس في تلك الأيام ويقومون بتقاليد وثنية في استقباله وذلك بإيقاد السُرُج وفَرش طريقه بالمال الثمين .
وإذا مات أحدهم يقومون بإقامة الولائم في اليوم الثالث والتاسع والأربعين (لأن إمامهم الحالي كريم خان رقمه 49 ) وبعد تمام السنة ، ولا يقام أي نوع من أنواع الأفراح قبل الأربعين حداداً على الميت وفيهم أوهام الوثنيين الهنادك مثل اعتقاد حلول أحد في جسم أحدهم ويتشاءمون بمرور الجنازة من أمامهم ويستعملون التمائم والتعاويذ خوفا من العين ويستشيرون العرافين والمنجمين في كل أعمالهم عند السفر وعند إرادة الطلاب للإختبارات ليقوموا بالنفث على الطلاب من قبل أحد الدعاة .
** عادات وتقاليد الآغاخانية : فعند الهونزا الآغاخانية مثلاً لايتزوجون من ابنة العم والمرأة لا تمتلك الأرض ولا ترثها والزواج لا يتم إلا في الشتاء بين 10 _ 20 ديسمبر ويسمون موسم الزواج ب(دوموشنج) .....
وقد حرص آغاخان الثالث على متابعة عادات وتقاليد أتباعه وتقديم النصح والإرشاد لهم فيقول لأتباعه في بورما :(وهكذا إقتنعت بأن السياسة الوحيدة العاقلة الصحيحة التي كان يجدر بأتباعي اتباعها هي أن يندمجوا إلى أقصى حد ممكن بالحياة الإجتماعية والسياسية في بورما وأن يتخلوا عن أسمائهم الهندية الإسلامية وعن عاداتهم وتقاليدهم وأن يتخذوا بصورة دائمة وطبيعية أسماء أولئك القوم الذين كانوا يعيشون بينهم وعاداتهم وتقاليدهم والذين كانوا يشاطرونهم مصيرهم ) . مذكرات آغاخان ص 191 .
ويقول أيضا في نفس المذكرات : ( وفيما يتعلق بطريقة حياتهم فقد حاولت أن أُنَوّع النصيحة التي أسديتها لأتباعي حسب البلد أو الدولة التي يعيشون فيها ففي مستعمرة بشرق آسيا البريطانية تراني أُلح عليهم بأن يجعلوا اللغة الإنكليزية لغتهم الأولى وأن يقيموا حياتهم العائلية والبيتية على الطريقة الإنكليزية وأن يتبنوا عموما العادات البريطانية والأوروبية ) ص 54 .
ولقد بين الشيخ إحسان إلهي ظهير رحمه الله حال آغاخانية اليوم بقوله :(هم ورثة الإسماعيليون القدامى الحقيقيون لايصلّون ولايزكّون ولايصومون ولايحجّون ولايبنون المساجد ولايأتون بأي عمل من أعمال التكليف الشرعي من شريعة محمد عليه الصلاة والسلام وأئمتهم يقامرون ويشربون الخمور ويمرحون ويسرحون ليلا ونهارا وسرا وجهارا ) الإسماعيليون تاريخ وعقائد لإلهي ظهير .
"فلا يمكن بعد ما سبق (وهذا ليس بشيء يذكر أمام الواقع وأمام مالم نذك)ر أن نقبل مزاعمهم على أنهم مسلمون أو على دين الإسلام " .
** المطالبة بتحرير المرأة :لقد حارب آغاخان الثالث الإسلام علانية حيث نادى بتحرير المرأة ومشاركتها للرجال ونادى صراحة بنزع الحجاب حيث يقول في مذكراته ص 51 :(ولقد توخيت دائما أن أشجع تحرير المرأة وتثقيفها ، في أيام جدي وأبي كان الإسماعيليون متقدمون على أتباع أي مذهب إسلامي آخر في مضمار إلغاء الحجاب الصارم حتى في البلدان المتطرفة في التحفظ ، أما أنا فقد ألغيت الحجاب بالكلية فلا تجد أي إمرأة إسماعيلية تستعمل الحجاب ) .
"وقد سأل الإسماعيلي المعاصر مصطفى غالب الآغاخان سؤالاً نصه : لقد أمرتم بتعليم المرأة وتثقيفها فكيف يتلائم هذا مع وضع المرأة الإسماعيلية المحجبة وهل يتفق الحجاب مع العلم ."
_ فأجاب الآغاخان قائلاً : إن الحجاب يتعارض مع العقائد الإسماعيلية وإنني أَهيب بكل إسماعيلية أن تنـزع النقاب وتنـزل إلى معترك الحياة لتساهم مساهمة فعالة في بناء الهيكل الإجتماعي الديني للطائفة الإسماعيلية خاصة وللعالم الإسماعيلي عامة وأن تعمل جنبا إلى جنب مع الرجل في مختلف نواحي الحياة أسوة بجميع النساء الإسماعيليات في العالم وآمل في زيارتي القادمة أن لا أرى أثرا للحجاب بين النساء الإسماعيليات وآمرك أن تبلغ ما سمعت لعموم الإسماعيليات بدون إبطاء . تاريخ الدعوة الإسماعيلية مصطفى غالب ص351
_ ثم سار على نهجه إبنه علي ولي عهده في ذلك الوقت فحارب الإسلام ودعى إلى تحرير المرأة ونزع الحجاب فهو يقول أثناء زيارته لأتباعه في سوريا :(سررت جدا بتقدم المرأة الإسماعيلية وخاصة بعد أن شرعت أغلب نساء الطائفة بنزع الحجاب ونزلت إلى معترك الحياة جنبا إلى جنب مع الرجل ) تاريخ الدعوة الإسماعيلية مصطفى غالب ص 384 .
_ نكتفي بهذا القدر ونسال الله أن يجنبنا سبل الزيغ والضلال وأن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة .
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم