عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 06-05-2010, 01:00PM
الصورة الرمزية أم العبدين الجزائرية
أم العبدين الجزائرية أم العبدين الجزائرية غير متواجد حالياً
مفرغة صوتيات - وفقها الله -
 
تاريخ التسجيل: Dec 2007
المشاركات: 848
افتراضي

الكثير من طلبة العلم فضلاً عن عوام الناس !
يتساهلون في الاستدلال في مسائلهم بالأحاديث الموضوعة فضلاً عن الضعيفة !
غافلين عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم المتواتر : ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار )* ،
وقوله عليه الصلاة والسلام : ( كفى المرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع )**
وقوله عليه الصلاة والسلام : ( إن الذي يكذب علي يبنى له بيت في النار )***
ولإثراء الموضوع ، لي إضافة من مقدمة كتاب (( تمام المنة في التعليق على فقه السنة ))
الشيخ الألباني رحمه الله تعالى
في مسألة ذِكر الحديث الضعيف والعمل به في فضائل الأعمال
ص32-38
-------------------------------------------------------------------
القاعدة الحادية عشرة : لا يجوز ذكر الحديث الضعيف إلا مع بيان ضعفه.
لقد جرى كثير من المؤلفين ولا سيما في العصر الحاضر على اختلاف مذاهبهم واختصاصاتهم على رواية الأحاديث المنسوبة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم دون أن ينبهوا على الضعيفة منها ، جهلا منهم بالسنة ، أو رغبة أو كسلا منهم عن الرجوع إلى كتب المتخصصين فيها ، وبعض هؤلاء - أعني المتخصصين يتساهلون في ذلك في أحاديث فضائل الأعمال خاصة !
قال أبو شامة ( 1 ) :
" وهذا عند المحققين من أهل الحديث وعند علماء الأصول والفقه خطأ ، بل ينبغي أن يبين أمره إن علم ، وإلا دخل تحت الوعيد في قوله " صلى الله عليه وآله " : " من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين " ، رواه مسلم " .
هذا حكم من سكت عن الأحاديث الضعيفة في الفضائل !
فكيف إذا كانت في الأحكام ونحوها ؟!
واعلم أن من يفعل ذلك فهو أحد رجلين :
1 - إما أن يعرف ضعف تلك الأحاديث ولا ينبه على ضعفها ، فهو غاش للمسلمين ، وداخل حتما في الوعيد المذكور .
قال ابن حئان في كتابه " الضعفاء " ( 1 / 7 - 8 ) :
( في هذا الخبر دليل على أن المحدث إذا روى ما لم يصح عن النبي مما تقول عليه وهو يعلم ذلك يكون كأحد الكاذبين ، على أن ظاهر الخبر ما هو أشد قال " صلى الله عليه وآله " : " من روى عني حديثا وهو يرى أنه كذب . . " - ولم يقل : إنه تيقن أنه كذب - فكل شاك فيما يروي أنه صحيح أوغير صحيح داخل في ظاهر خطاب هذا الخبر " .
ونقله ابن عبد الهادي في " الصارم المنكي " ( ص 165 - 166 ) ، وأقره .
2 - وإما أن لا يعرف ضعفها فهو آثم أيضا لإقدامه على نسبتها إليه صلى الله عليه وآله " دون علم ، وقد قال " صلى الله عليه وآ له " : " كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع " ( 2 ) ، فله حظ من إثم الكاذب على رسول الله " صلى الله عليه وآله " ، لأنه قد أشار " صلى الله عليه وآله " أن من حدث بكل ما سمعه - ومثله من كتبه - أنه واقع في الكذب عليه " صلى الله عليه وآله " محالة ، فكان بسبب ذلك أحد الكاذبين . الأول : الذي افتراه ، والآخر : هذا الذي نشره !
قال ابن حئان أيضا ( 1 / 9 ) :
" في هذا الخبر زجر للمرء أن يحدث بكل ما سمع حتى يعلم علم اليقين صحته "
وقد صرح النووي بأن من لا يعرف ضعف الحديث لا يحل له أن يهجم على الاحتجاج به من غير بحث عليه بالتفتيش عنه إن كان عارفا ، أو بسؤال أهل العلم إن لم يكن عارفا (3) .
وراجع " التمهي[د " في مقدمة الضيفة ( ص 10 - 12 ) .
القاعدة الثانية عشرة : ترك العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال.
اشتهر بين كثير من أهل العلم وطلابه أن الحديث الضعيف يجوز العمل به في فضائل الأعمال .
ويظنون أنه لا خلاف في ذلك .
كيف لا والنووي رحمه الله نقل الاتفاق عليه في أكثر من كتاب واحد من كتبه ؟ وفيما نقله نظر بين ، لأن الخلاف في ذلك معروف ، فإن بعض العلماء المحققين على أنه لا يعمل به مطلقا ، لا في الأحكام ولا في الفضائل .
قال الشيخ القاسمي رحمه الله في " قواعد التحديث " ( ص 94 ) :
" حكاه ابن سيد الناس في " عيون الأثر " عن يحيى بن معين ، ونسبه في " فتح المغيث " لأبي بكر بن العربي ، والظاهر أن مذهب البخاري ومسلم ذلك أيضا . . . وهو مذهب ابن حزم . . . " .
قلت : وهذا هو الحق الذي لا شك فيه عندي لأمور :
الأول : أن الحديث الضعيف إنما يفيد الظن المرجوح ، ولا يجوز العمل به اتفاقأ ، فمن أخرج من ذلك العمل بالحديث الضعيف في الفضائل لابد أن يأتي بدليل ، وهيهات !
الثاني : أنني أفهم من قولهم : " . . . في فضائل الأعمال " ، أي الأعمال التي ثبتت مشروعيتها بما تقوم الحجة به شرعا ، ويكون معه حديث ضعيف ، يسمى أجرا خاصا لمن عمل به ، ففي مثل هذا يعمل به في فضائل الأعمال ، لأنه ليس فيه تشريع ذلك العمل به ، وإنما فيه بيان فضل خاص يرجى أن يناله العامل به .
وعلى هذا المعنى حمل القول المذكور بعض العلماء كالشيخ علي القاري رحمه الله ، فقال في " المرقاة " ( 2 / 381 ) :
" قوله : إن الحديث الضعيف يعمل به في الفضائل وإن لم يعتضد إجماعا كما قاله النووي ، محله الفضائل الثابتة من كتاب أو سنة " .
وعلى هذا ، فالعمل به جائز إن ثبت مشروعية العمل الذي فيه بغيره مما تقوم به الحجة ، ولكني أعتقد أن جمهور القائلين بهذا القول لا يريدون منه هذا المعنى مع وضوحه ، لاننا نراهم يعملون بأحاديث ضعيفة لم يثبت ما تضمنته من العمل في غيره من الأحاديث الثابتة ، مثل استحباب النووي وتبعه المؤلف إجابة المقيم في كلمتي الإقامة بقوله : " أقامها الله وأدامها " ، مع أن الحديث الوارد في ذلك ضعيف كما سيأتي بيانه ، فهذا قول لم يثبت مشروعيته في غير هذا الحديث الضعيف ، ومع ذلك فقد استحبوا ذلك مع أن الاستحباب حكم من الأحكام الخمسة التي لا بد لإثباتها من دليل تقوم به الحجة ، وكم هناك من أمور عديدة شرعوها للناس واستحبوها لهم إنما شرعوها بأحاديث ضعيفة لا أصل لما تضمنته من العمل في السنة الصحيحة ، ولا يتسع المقام لضرب الأمثلة على ذلك وحسبنا ما ذكرته من هذا المثال ، وفي الكتاب أمثلة كثيرة سيأتي التنبيه عليها في مواطنها إن شاء الله .
على أن المهم ههنا أن يعلم المخالفون أن العمل بالحديث الضعيف في الفضائل ليس على إطلاقه عند القائلين به ، فقد قال الحافظ ابن حجرفي " تبيين العجب " ( ص 3 - 4 ) :
" اشتهر أن أهل العلم يتساهلون في إيراد الأحاديث في الفضائل وإن كان فيها ضعف ما لم تكن موضوعة ، وينبغي مع ذلك اشتراط أن يعتقد العامل كون ذلك الحديث ضعيفا ، وأن لا يشهر ذلك لئلا يعمل المرء بحديث ضيف فيشرع ما ليس بشرع ، أو يراه بعض الجهال فيظن أنه سنة صحيحة ، وقد صرح بمعنى ذلك الأستاذ أبو محمد بن عبد السلام وغيره ، وليحذر المرء من دخوله تحت قوله " صلى الله عليه وآله " : من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين " ، فكيف بمن عمل به ؟ ! ولا فرق في العمل بالحديث في الأحكام أو في الفضائل إذ الكل شرع " .
فهذه شروط ثلاثة مهمة لجواز العمل به : - أن لا يكون موضوعا .
2 - أن يعرف العامل به كونه ضعيفا .
3 - أن لا يشهر العمل به .
ومن المؤسف أن نرى كثيرا من العلماء فضلا عن العامة متساهلين بهذه الشروط ، فهم يعملون بالحديث دون أن يعرفوا صحته من ضعفه ، وإذا عرفوا ضعفه لم يعرفوا مقداره ، وهل هو يسير أو شديد يمنع العمل به .
ثم هم يشهرون العمل به كما لو كان حديثا صحيحا ! ولذلك كثرت العبادات التي لا تصح بين المسلمين ، وصرفتهم عن العبادات الصحيحة التي وردت بالأسانيد الثابتة .
ثم ان هذه الشروط ترجح ما ذهبنا إليه من أن الجمهور لا يريد المعنى الذي رجحناه آنفا ، لأن هذا لا يشترط فيه شي من هذه الشروط كما لا يخفى .
ويبدو لي أن الحافظ رحمه الله يميل إلى عدم جواز العمل بالضعيف بالمعنى المرجوح لقوله فيما تقدم : " . . . ولا فرق في العمل بالحديث في الأحكام أو في الفضائل ، إذ الكل شرع " .
وهذا حق لأن الحديث الضعيف الذي لا يوجد ما يعضده يحتمل أن يكون كذبا ، بل هو على الغالب كذب موضوع ، وقد جزم بذلك بعض العلماء فهو ممن يشمله قوله " صلى الله عليه وآله " : " . . . يرى أنه كذب " ، أي يظهر أنه كذلك .
ولذلك عقبه الحافظ بقوله : " فكيف بمن عمل به ؟ " ، ويؤيد هذا ما سبق نقله عن ابن حبان في القاعدة الحادية عشرة .
" فكل شاك فيما يروي أنه صحيح أوغير صحيح ، داخل في الخبر " .
فنقول كما قال الحافظ : " فكيف بمن عمل به . . ؟ ! " .
فهذا توضيح مراد الحافظ بقوله المذكور ، وأما حمله على أنه أراد الحديث الموضوع وأنه هو الذي لا فرق في العمل به في الأحكام أو الفضائل كما فعل بعض مشايخ حلب المعاصرين ، فبعيد جداً عن سياق كلام الحافظ ، إذ هو في الحديث الضعيف لا الموضوع كما لا يخفى !
ولا ينافي ما ذكرنا أن الحافظ ذكر الشروط للعمل بالضعيف كما ظن ذلك الشيخ لأننا نقول :
إنما ذكرها الحافظ لأولئك الذين ذكر عنهم أنهم يتسامحون في إيراد الأحاديث في الفضائل ما لم تكن موضوعة فكأنه يقول لهم :
إذا رأيتم ذلك فينبغي أن تتقيدوا بهذه الشروط ، وهذا كما فعلته أنا في هذه القاعدة ، والحافظ لم يصرح بأنه معهم في الجواز بهذه الشروط ، ولاسيما أنه أفاد في آخر كلامه أنه على خلاف ذلك كما بينا .
خلاصة القول :
أن العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال لا يجوز القول به على التفسير المرجوح ، إذ هو خلاف الأصل ولا دليل عليه ، ولا بد لمن يقول به أن يلاحظ بعين الاعتبار الشروط المذكورة وأن يلتزمها في عمله ، والله الموفق .
ثم إن من مفاسد القول المخالف لما رجحناه :
أنه يجر المخالفين إلى تعدي دائرة الفضائل إلى القول به في الأحكام الشرعية ، بل والعقائد أيضا ، وعندي أمثلة كثيرة على ذلك ، لكني أكتفي منها بمثال واحد .
فهناك حديث يأمر بأن يخطّ المصلي ببن يديه خطاً إذا لم يجد سترة ، ومع أن البيهقي والنووي هما من الذين صرحوا بضعفه فقد أجازا العمل به خلافا لإمامهما الشافعي ، وسيأتي مناقشة قولهما في ذلك عند الكلام على الحديث المذكور .
ومن شاء زيادة بيان وتفصيل في هذا البحث الهام فليراجع مقدمة " صحيح الترغيب " ( 1 / 16 - 36 ) .
______________________________________________
* متواتر ، إصلاح المساجد ، الألباني .
** إسناده صحيح ، الباعث الصحيح ، الألباني .
*** إسناده صحيح على شرط الشيخين ، السلسلة الصحيحة .
( 1 ) في " الباعث على إنكار البدع والحوادث " ( ص 54 )
( 2) رواه مسلم ( رقم : 5 ) في مقدمة " صحيحه " ، وهو مخرج في " الصحيحة " ( 205 ) .
( 3) راجع " قواعد التحديث "

__________________
__________________
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

التعديل الأخير تم بواسطة أم العبدين الجزائرية ; 06-05-2010 الساعة 01:04PM
رد مع اقتباس