بسم الله الرحمن الرحيم
السلام الله عليكم ورحمة الله وبركاتة
فسوف نبدأ بإذن وضع الأثار الصحيحة عن الصحابة الكرام ونرجوا من شيخنا أن يعلق عليها ويشرح غريبها ومعانيها والجمع بين الأثار إن كان هناك تعارض الى غير ذلك من التنبيهات وإن كان هناك أثر وضعتة في إسنادة ضعف ينبه الى ذلك لكي يحذف . علماً أنه سوف يؤخذ وقت في جمعها ونسأل الله الإعانة والتوفيق أنه سميع قريب ونسأل أن الله أن يجعله خالصا له سبحانه وتعالى - وهذا شرح بعض الأثار لشيخ قديماً ونسأل الله أن يتمم له هذا المشروع المبارك وهو فقه الصحابة
فتح الواحد القهار لما صح من آثار مروية عن الصحابة الأخيار
باب الطهارة
المياه والآنية
باب : الوضوء بالماء الحميم
كان لعمر قمقم يسخن فيه الماء فيتوضأ "
أخرجه عبد الرزاق ( 1 / 175 ) وابن المنذر ( 1 / 251 ) و الدار قطني ( 1/ 37 ) من طرق عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه قال :
الحكم" ( صحيح )
في هذا الباب آثار الصحابة الدالة على جواز الوضوء بالماء الحميم والماء الحميم قال عنه صاحب لسان العرب (12-ــ 154 )
الحميم الماء البارد وقال الأزهري. فالحميم عند بن الأعرابي من الأضداد يكون الماء البارد ويكون الماء الحار قلت والأخير هو المقصود بهذا الباب قال قتبه قي الغريب (2-ــ 319 ) الحميم الماء الحار
قلت : والأصل في هذا الإباحة وهو الوضوء بالماء الذي سخن ويؤيده ما سيأتي من الآثار
المعاني
القمقم قال صاحب النهاية في غريب الحديث : ما يسخن فيه الماء من نحاس وغيره ويكون ضيق الرأس وقي حديث عمر لأَنْ أَشْرَبَ قُمْقُمَاً مِنْ مَاءٍ مُحَمَّى يُحْرِقُ مَا أَحْرَقَ، وَيُبْقِي مَا أَبْقَى أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَشْرَبَ نَبِيذَ الْجَر
فقه الأثر
1- جواز الوضوء بالماء المسخن ولا كراهة في ذلك
2- أن الماء إذا كان باردا جدا لا يمنع الوضوء منه بل يسخن وجوبا حتى يزال عنه الضرر ولا ينتقل إلى التيمم مع القدرة على تسخينه إذا لم يخشى خروج الوقت
3- أن الظاهر من فعل عمر أن الماء لما كان يسخنه لا يسخنه إلى أن يصبح حارا يمنع الإسباغ فإن الإسباغ واجب وهو إتمام الوضوء وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب فيمنع تسخينه إلى درجة تمنع الإسباغ قال صاحب المغنى ( 1-ــ 16 ) ولا يكره الوضوء بالماء المسخن الطاهر إلا أن يكون حار يمنع إسباغ الوضوء لحرارته .
4- تسخين عمر للماء البارد فيه رد على الصوفية الذين يتكلفون المشقة مع العمل مع إمكان فعلها عنه على أن المتصور من ذلك الماء الذي كان يسخنه عمر أنه بارد جدا يحصل مع الضرر وإلا فإذا كان باردا تحصل معه نوع مشقة دون الضرر ففي الصبر عليه أجر لما روى وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «أَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا ، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟» قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «إسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَى إلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ، فَذلِكُمُ الرِّبَاطُ، فَذلِكُمُ الرِّبَاطُ، فَذلِكُمُ الرِّبَاطُ». رواه مالك ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه.
5- فعل عمر رضي الله عنه يدل على رفق أصحاب رسول الله بأنفسهم وتركهم للتنطع في الدين والتعبد بما لا يشرع رب العالمين عملا بوصية معلمهم رسول الله r القائل كما في صحيح مسلم ( 2670 ) من حديث الأحنف بن قيس عن عبد الله قال قال رسول اللهr : ثم هلك المتنطعون قالها ثلاثا
قال النووي المتنطعون أي المتعمقون الغالون المجاوزون الحدود في أقولهم وأفعالهم .
6- ليس هناك خلاف بين الصحابة في جواز الوضوء بالماء المسخن والاغتسال
7- تنبيه : لا ينبغي الإشغال بتسخين الماء البارد إذا خشي خروج الوقت لأنه شرطية الوقت أقوى من شرطية الوضوء مع وجود البدل وهو التيمم ألم ترى أن المحارب جاز أن يترك بعض أركان الصلاة من ركوع وسجود لتحصيل الصلاة في الوقت فقد أخرج البيهقي مرفوعا عُقْبَةَ عن نافع عن ابن عُمَرَ عن النبيِ: «إذَا اخْتَلَطُوا فإنَّمَا هو التكبيرُ والإشارةُ بالرأسِ)) وكان يمكن أن يأمر بتأخير الصلاة حتى تحصل هذا الأركان إلى أن يخرج وقتها وإلى هذا صار شيخ الإسلام بن تيمية رحمة الله تعالى
الأثر الثاني
عن أيوب قال: سألت نافعًا عن الماء المسخّن فقال كان ابن عُمَر يتوضأ بالحميم.
( صحيح )
أخرجه عبد الرازق ( 1 / 175 ) وابن أبي شبية ( 1 / 25 ) وأبو عبيد في الظهور ( 270 ) وابن المنذر ( 1 / 251 ) من طريق أيوب
المعاني
وقد تقدم أن الحميم : الماء الحار
الأثر الثالث
عن بن جريح أخبره عطاء عن بن عباس قال : لابأس أن يتوضأ بالماء الحميم ويتوضأ به
أخرجه ابن المنذر ( 1 / 251 ) من طريق عبد الرازق وهو مصنفة ( 1 / 175 ) ( صحيح )
فقه الأثر
أن العالم له أن يفتي بجواز أمر يتوهم تحريمه لخروجه عن طبيعته كما قال الرسول الله صلى الله عليه وسلم كما في موطأ مالك عن ماء البحر وهو الحل ميتته ولا يكون ذلك من باب الفضول
الأثر الرابع :
عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع أنه كان يسخن له الماء فيتوضأ به في البرد ( صحيح )
أخرجه أبو عبيده ( 271 ) وابن أبي شيبة ( 1 / 25 )
فقه الأثر:
أن البرد ليس منعا من الوضوء لإمكان تسخين الماء البارد إلا إذا خشي الضرر أو لعدم التمكين من التسخين ويدل على ذالك ترخيص النبي لعمرو بن العاص ترك الاغتسال في البرد لما روي أبو داود عن عمرو بن العاص : قال إحتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل فأشفقت أن اغتسلت أن اهلك فتيممت وصليت بأصحابي الصبح فذكروا ذلك للنبي rفقال: يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب فأخبرته بالذي منعي من الاغتسال وقلت سمعت الله يقول ( ولا تلقوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ) فضحك الرسول الله r ولم يقل شيئا.
ثنا محمد بن نصر ثنا محمد بن يحيى ثنا أبو نعيم ثنا راشد بن معبد قال : رأيت الماء يسخن لأنس بن مالك في الشتاء ثم يغتسل يوم الجمعة . رجاله كلهم ثقات غير راشد بن معبد قال عنه أبو داود كما في سؤلات الآجري: لا باس به
أخرجه منذر ( 2 / 251 )
فقه الأثر
فيه حرص الصحابة على اغتسال يوم الجمعة ولو مع نوع مشقة على أن الراجح في غسل الجمعة أنه للاستحباب إلا إذا صدرت رائحة من المسلم فيجب لحديث ( من توضأ يوم الجمعة فيها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل ) وقد أمرهم النبي بالاغتسال لما صدرت من بعضهم يوم الجمعة رائحة كريهة.
باب الماء يخالطه النجاسة
عن بن عمر رضي الله عنهما قال : إذا كان الماء قدر قلتين لم ينجسه شيء حسن
أخرجه بن المنذر ( 1 / 261 ) والبيهقي ( 1 / 262 ) من طريق ليث عن مجاهد عن ابن عمر به وليث هو ابن سليم وهو ضعيف وتابعة أبو إسحاق عن مجاهد عن ( قلت والصواب : عند ) الدار قطني ولم يصرح أبو إسحاق بالسماع
وأخرجه الطبري في تهذيب الآثار ( مسند بن عباس / 1104 ) من طريق عاصم بن المنذر عن رجل عن ابن عمر بن وإسناده ضعيف لإبهام الرجل لكن الأثر بهذه الطرق يصير حسنا
فقه الأثر : قلت لاسيما أن ليث الضعيف ليس من شائخ أبي إسحاق المدلس
المعاني
القلتان : مثني مفرد قلة ولم يأتي ما أعلم حديث صريح صحيح أو أثر يحدد مقدار القلة كيلا أو وزنا أو سعة ولذلك رد بعضهم الحديث الوارد في هذا الباب قال ابن القيم في حاشية سنن أبو داود عند التعليق على الحديث ( إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث ):
الخامس : أن خواص العلماء إلى اليوم لم يستقر لهم قدم على قول واحد في القلتين فمن قائل ألف رطل ومن قائل ستمائة رطل ومن قائل خمسمائة رطل ومن قائل أربعمائة
قلت وأحسن ما رأيت في ذلك ما ذكره أحد رواه حديث القلتين في تعريفهما والراوي أدري بمروية فقال الحافظ روي الدار قطني بسند صحيح عن عاصم بن المنذر أحد رواة الحديث القلال هي الجوابي العظام قال إسحاق بن راهويه الجابية تسع ثلاث قرب وقال:أبو عبيد تفسير عاصم وقال هو أولى
قلت وهو كذلك لان الراوي أدري بمرويه
قلت وأما ما رواه بن عدي في الكمال ( 6 / 359 ) في ترجمة المغيرة بن سقلاب عن بن عمر : ( إذا بلغ الماء قلتين من قلال هجر لم ينجسه شي ) مسنده ضعيف لان المغيرة قال عن الحافظ منكر الحديث قال الحافظ لم تأتي رواية مقيدة بقلال هجر في حديث مرفوع إلا في حديث المغيرة بن سقلاب وهو منكر الحديث ولكن أصحاب الشافعي قالوا أن المراد قلال هجر لكثرة استعمال العرب لها في أشعارهم. قال أبو عبيد وقيدت في الحديث الصحيح. (وإذا نبقها مثل قلال هجر)
قلت. ولا يلزم أن تقيد بهذا فوصف بنقلها في الحجم بهذا الإلزام أن كل قلة تكون هذا القيد والحجم إذا أنه لا تلازم ليطمئن القلب بينهما ثم وجدت ابن القيم يقول لنحو كلامي هذا في تعليقاته على أبي داود فراجعة تحت حديث ( 58 ) في حاشية على السنن . وقدر رجح ابن تيمية في شرح العمدة ( 1-ـ 68 ) أن لقلتان خمسمائة رطل بالعراقي والرطل بالعراقي 90 مثقالا
فقه الأثر
1- أن الماء إذا بلغ قلتين وهي تعادل ست قرب كما مضى تحريره لا يحمل غالبا الخبث لأنه قد بلغ من الكثرة بحيث لا تؤثر فيه النجاسة غالبا فتغيره فقوله لا ينجسه شي أي على الغالب
2- إلا إذا تغير لونه أو طعمه أو رائحته بنجاسة حدثت فيه فإنه ينجس بالاتفاق
3- الذي جعلني أفهم الأثر على هذا النحو أن طاهر منطوقه غير مراد على العموم حيث أنه إذا بلغ قلتين وتغير كان نجسا
4- أنه إذا كان أقل من قلتين وخالطته بنجاسة تغير ولكن يرد هذا قول النبي r عندما سئل عن بئر بصناعة الماء طهور لا ينجسه شي وهذا منطوق عام في قليل والكثير كان قلتين أو أقل وإذا تعارض منطوق ومفهوم قدم المنطوق على المفهوم
تنبيه
ولكن وقفة على بن عمر محل نظر حيث أن أبو داود الطيالسي . (1955 ) قال حديثا حماد بن سلمة عن عاصم بن المنذر قال كنا مع بن عمر في البستان ثم وجد تغير في الماء فتوضأ منه فقلت : أتفعل هذا فقال : حدثني أبي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث فلعل الأصح رفعة للنبي عليه السلام
الأثر الثاني
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إذا كان الماء ذنوبين لم يحمل خبثا ( حسن )
أخرجه بن المنذر ( 1 / 265 ) من طريقة زمعة عن سلمة بن وهدام عن عكرمة عن ابن عباس وزمعة ضعيف كما في التقريب لكن تابعه المثنى عن سلمة
أخرجه ابن أبي شيبة ( 1 / 144 ) والمثنى لا يعرف وأخرجه المزني في حديثه ( محطوط 17 ) من طريقة ابن إسحاق عن مجاهد عن بن عباس بنحوه وأبو إسحاق مدلس وكان قد اختلط بمجموع هذه الطرق يصير الأثر حسناً
المعاني
ذنونين : مثنى مفرده ذنوب . قال بن حجر في الفتح قال الخليل الدلو ملئ ماء وقال بن فارس : الدلو العظيمة وقال : بن السكيت فيها ماء قريب من الملْ ولا يقال لها وهي فارغة ذنوب .انتهى
فقه الأثر
هو كسابقه في المعنى .يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى ( 20 _520 ) فإن قوله إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث
قلت (ومثله قول بن عباس هنا ذنوبين أي دلوين عظيمين من ماء) وفي اللفظ الآخر لم ينجسه شي يدل على أن الموجب لنجاسته كون الخبث محمولا فيه فمتى كان مستهلكا فيه لم يكف محمولا فمنطوق الحديث وتعليله لم يدل على ذلك
ثم قال : وذالك الماء الكثير في العادة فبين أن مثل ذلك لا يكون فيه خبث في العادة بخلاف القليل فإنه قد يحمل الخبث وقد لا يحمله فإن الكثرة تعين على إحالة الخبث إلى طبعة والمفهوم لا يجب فيه العموم فليس إذا كان القلتان لا تحمل الخبث يلزم أن ما دونها يلزمه مطلقًا .....الخ ما قال)
يدل على أن ابن عباس قصد الغالب أي أنه إذا بلغ ذنوبين غالبا لا يتغيرا وانه لا يقصد أن الأقل يتغير مطلق
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الماء لا ينجس ( صحيح )
أخرجه بن أبي شيبة ( 1 / 143 ) حدثنا وكيع عن الأعمش عن أبي عمر البهراني عن ابن عباس
وأبو عمر البهراني هو يحيى بن عبيد وهو حسن الحديث قال عنه أبو زرعة لا باس به ووثقه بن معين ( التهذيب 11 / 154 )
المعني : لا ينجس أي لا يحكم عليه بالنجاسة
فقه الاثر
أن الماء الذي لم يحمل الخبث بل استهلك فيه حتى لم يظهر لونه أو طعمه أو ريحه مثل بئر بضاعة لا يحكم عليه بالنجاسة حتى يحمل الخبث فيظهر عليه أثر هذا الحمل من لون أو طعم أو ريح وهذا مثل قول النبي r فيما رواه أبو داود في سنته ( 60 ) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قيل الرسول الله r أنتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر يطرح فيها الحيض ولحم الكلاب والنتن فقال رسول الله الماء الطهور لا ينجسه شي
( قلت أي إذا لم يحمل الخبث فيظهر عليه أثره من لون أو طعم أو ريح ) وهذا المنطوق من الرسول r وبن عباس يرجح على مفهوم النبي وبن عباس إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث
وحاصل فقه الصحابة لهذا الباب
أن الماء الذي لم يتغير يحكم عليه بالطهورية وتغيره بالنجاسة بظهور لونها أو طعمها أو ريحها يدل على خملانه لها والغالب في الماء إذا بلغ قلتين دفع الخبث عن نفسه فلا ينجس إذا تبددت منه النجاسة واستهلكت فلا يحكم عليه بالنجاسة لعدم وصفة بأنه كاملا لها إذا لم يظهر أثرها
باب الماء المستعمل
عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه كان يأمر أهله أن يتوضئوا بفضل سواكه صحيح
أخرجه الدار قطني ( 1 / 139 ) وعبد الرزاق ( 1 / 184 ) والبيهقي ( 1 / 255 ) من طريق سفيان عن إسماعيل أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله به قاله الدار قطني عقبة : هذا إسناد صحيح
في رواية عن قيس قال : كان جرير بن عبد الله يستاك ويغمس سواكه في الماء ثم يقول : توضؤا بفضله لا يرى به بأسا
المعاني
بفضله : الماء الذي بقي من وضوءه
سواكه : العود الذي يستاك به من أراك ونحو وغالب ما كانوا يستعملون الأراك
فقه الأثر
1- أن سؤر المؤمن طاهر وأما حديث ( ريق المؤمن شفاء ) فلا أصل له ( أنظر كشف الخفاء للعجلوني )
2- قلت في باب الوضوء بالماء المستعمل والذي يعنونه بالماء المستعمل، المستعمل في الطهارة كرفع الحدث الأصغر والراجح أنه طاهر ولكن تنازعوا هل يرفع الحدث و الأحوط تركه لما ذكره شيخ الإسلام في شرح العمدة أنهم كانوا يتركونه يعني مع قلة الماء فلو كان مجزأ لكفى الإناء الواحد الفئام من الناس وهذا الترك لعله المبين لعموم قوله تعالى ( فإن لم تجدوا ماء فتيمموا ) فإن كل نص مجمل يطلب فيه عمل النبي r وأصحابه المبين لذلك المجمل فمن لم يفعل صار من القصار في العلم ذكر ذلك بن القيم حاشية سنن أبي داود وتحت شرح حديث عمره في رمضان
باب : الوضوء ولاغتسال من ماء زمزم
عن ابن عباس أن رجلا من بني مخزوم من آل المغيرة أغتسل في زمزم فوجد ابن عباس وجدا شديد وقال: لا أحلها المغتسل وهي لشارب ومتوضئ حل وبل.
المعاني
حل وبل : قال محمد بن إسحاق الفاكهي ( 2- 64 ) دار خضر حدثنا حسين بن حسن ومحمد بن يحيي قالا .حدثنا سفيان عن عمرو أنه سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقول فهي ( حل وبل ) يعني زمزم قال حسن في حديثه قال بعض أهل العربية حل وبل : ( حل محلل )
والبل : البئر ومنه قول الشاعر
إذا ابــــل داء يـــخـال بــــأنــه نـــجــا
وبه الــــداء الــــذي هو قـــاـتلــه
فقه الأثر
1- جواز الوضوء عند بن عباس من ماء زمزم وقد جاء في الحديث ما يدل على ذلك
2- نهى عن اغتسال في زمزم وهو محتمل أن يكون نهي عن الاغتسال مطلقا سواء داخل البئر لعلة التعذر أو أن يأخذ ما يغتسل به منه لأنه ماء محترم لا ينفق في ذلك وظاهره أنه نهي عن لاغتسال عموما لأنه قال المغتسل ولم يفصل إلا من حاجة كالحمى فقد روى لأمام أحمد بسند صحيح حدثنا عفان، حدثنا همام، أخبرنا أبو جمرة، قال كنت أدفع الناس عن ابن عباس، فاحتبست أياما فقال ما حبسك قلت الحمى قال إن رسول الله قال الحمى من فيح جهنم فأبردوها بماء زمزم.
باب الوضوء من آنية الخشب
عن بن عمر رضي الله عنهما : أنه كان يتوضأ في أدم أو في قدح خشب
( صحيح )
أخرجه بن أبي شيبة ( 651 ) ثنا وكيع عن جرير بن حازم عن نافع عن ابن عمربه
المعاني
آدم الجلد الذي يتخذ على صورة يحتوي بها الماء وهو هنا القربة
فقه الأثر
1- أن التغير اليسير بالطاهرات كبقايا الخشب والقرب لا يسلب الماء طهوريته إلا إذا فحش وسلب إسم الماء المطلق كما ذكر النووي في فتاويه لقوله تعالى : فلم تجدوا ماء فتيمموا
وماء نكرة في سياق نفي فتدل على العموم واللفظ العام هو اللفظ المستغرق لجميع أفراده فمن أفراد الماء هنا في الآية الماء المختلط بطاهر والذي لم ينسلب اسمه فيتحول إلى اسم غير الماء كعصير ونحوه فيتبين من الآية دخول هذا الفرد تحت عموم الماء فلا يحل أن يترك مثله فينتقل للتيمم