بسم الله الرحمن الرحيم
روى البخاري في صحيحه عن عَائِشَةُ ابْنَ أُخْتِي مَا تَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّجْدَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ عِنْدِي قَطُّ
وهذا معارض بما رواه البخاري في صحيحه عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ
فادعت طائفة الخصوصية لما روى الإمام أحمد من طريق ْ ذَكْوَانَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَصْرَ ثُمَّ دَخَلَ بَيْتِي فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّيْتَ صَلَاةً لَمْ تَكُنْ تُصَلِّيهَا فَقَالَ قَدِمَ عَلَيَّ مَالٌ فَشَغَلَنِي عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ كُنْتُ أَرْكَعُهُمَا بَعْدَ الظُّهْرِ فَصَلَّيْتُهُمَا الْآنَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَنَقْضِيهِمَا إِذَا فَاتَتَا قَالَ لَا
فأخطأ وذلك لأن الاسناد منقطع ذكوان لم يسمع من عائشة
وكان يضرب عليها ابن عباس وعمر لأنهم أخذوا بأصل النهي
وطائفة أجازت كعائشة وابن الزبير فكان يصليهما وهو الحق لأن الله تعالى لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة
والأصل الجمع فيجمع بين كون النبي صلى الله عليه وسلم فعلهما وداوم وبين النهي أنه كان يفعلهما والشمس بيضاء نقية ولم يكن يتحرى اصفرار الشمس
روى أبوداود بسند صحيح عَنْ وَهْبِ بْنِ الْأَجْدَعِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَّا وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ
وفي صحيح البخاري عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ لَا يُصَلِّي مِنْ الضُّحَى إِلَّا فِي يَوْمَيْنِ يَوْمَ يَقْدَمُ بِمَكَّةَ فَإِنَّهُ كَانَ يَقْدَمُهَا ضُحًى فَيَطُوفُ بِالْبَيْتِ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ الْمَقَامِ وَيَوْمَ يَأْتِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ فَإِنَّهُ كَانَ يَأْتِيهِ كُلَّ سَبْتٍ فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ كَرِهَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ حَتَّى يُصَلِّيَ فِيهِ قَالَ وَكَانَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَزُورُهُ رَاكِبًا وَمَاشِيًا قَالَ وَكَانَ يَقُولُ إِنَّمَا أَصْنَعُ كَمَا رَأَيْتُ أَصْحَابِي يَصْنَعُونَ وَلَا أَمْنَعُ أَحَدًا أَنْ يُصَلِّيَ فِي أَيِّ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ
غَيْرَ أَنْ لَا تَتَحَرَّوْا طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا
والمفهوم المخالف أن من لم يتحر فلاحرج
ولأن الأصل التأسي كما قال تعالى لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة حتى يثبت دليل الخصوصية
واما نهي عمر فهو من جنس نهيه معاوية عن الطيب قبل الاحرام وخالفته عائشة وكان معها الحق
فقد خرج البخاري عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ ذَكَرْتُهُ لِعَائِشَةَ فَقَالَتْ يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِمًا يَنْضَخُ طِيبًا
وانما نهى وضرب هو وابن عباس على الصلاة بعد العصر بحسب مايعلم من النهي العام عن الصلاة بعد العصر والصحيح أنه مقيد باصفرار الشمس كما تقد م جمعا بين الأحاديث والجمع الأصل
وكانت عائشة كما قيل وابن الزبير يصليهما والمثبت مقدم على النافي
والتخصيص بانبي صلى الله عليه وسلم في ركعتي العصر من المعاصرين قول شيخنا العلامة عبدالعزيز بن باز وذكره بن القيم في البدائع ومشروعيتها قول شيخنا العلامة الألباني وهو الأصح لما تقدم
__________________
ماهر بن ظافر القحطاني المشرف العام على مجلة معرفة السنن و الآثار maher.alqahtany@gmail.com
|