عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 17-02-2010, 02:02PM
أبو حمزة مأمون
عضو غير مشارك
 
المشاركات: n/a
افتراضي صفة صلاة الخوف من زاد المعاد للعلامة ابن القيم.


قال العلامة ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد (512/1):

فَصْلٌ صَلَاةُ الْخَوْفِ

وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ أَنْ أَبَاحَ اللّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَصْرَ أَرْكَانِ الصّلَاةِ وَعَدَدَهَا إذَا اجْتَمَعَ الْخَوْفُ وَالسّفَرُ وَقَصْرُ الْعَدَدِ وَحْدَهُ إذَا كَانَ سَفَرٌ لَا خَوْفَ مَعَهُ وَقَصْرُ الْأَرْكَانِ وَحْدَهَا إذَا كَانَ خَوْفٌ لَا سَفَرَ مَعَهُ وَهَذَا كَانَ مِنْ هَدْيِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَبِهِ تُعْلَمُ الْحِكْمَةُ فِي تَقْيِيدِ الْقَصْرِ فِي الْآيَةِ بِالضّرْبِ فِي الْأَرْضِ وَالْخَوْفِ .



وَكَانَ مِنْ هَدْيِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ إذَا كَانَ الْعَدُوّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ أَنْ يَصُفّ الْمُسْلِمِينَ كُلّهُمْ خَلْفَهُ وَيُكَبّرَ وَيُكَبّرُونَ جَمِيعًا ثُمّ يَرْكَعُ فَيَرْكَعُونَ جَمِيعًا ثُمّ يَرْفَعُ وَيَرْفَعُونَ جَمِيعًا مَعَهُ ثُمّ يَنْحَدِرُ بِالسّجُودِ وَالصّفّ الّذِي يَلِيهِ خَاصّةً وَيَقُومُ الصّفّ الْمُؤَخّرُ مُوَاجِهَ الْعَدُوّ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الرّكْعَةِ الْأُولَى وَنَهَضَ إلَى الثّانِيَةِ سَجَدَ الصّفّ الْمُؤَخّرُ بَعْدَ قِيَامِهِ سَجْدَتَيْنِ ثُمّ قَامُوا فَتَقَدّمُوا إلَى مَكَانِ الصّفّ الْأَوّلِ وَتَأَخّرَ الصّفّ الْأَوّلُ مَكَانَهُمْ لِتَحْصُلَ فَضِيلَةُ الصّفّ الْأَوّلِ لِلطّائِفَتَيْنِ وَلِيُدْرِكَ الصّفّ الثّانِي مَعَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ السّجْدَتَيْنِ فِي الرّكْعَةِ الثّانِيَةِ كَمَا أَدْرَكَ الْأَوّلُ مَعَهُ السّجْدَتَيْنِ فِي الْأُولَى فَتَسْتَوِي الطّائِفَتَانِ فِيمَا أَدْرَكُوا مَعَهُ وَفِيمَا قَضَوْا لِأَنْفُسِهِمْ وَذَلِكَ غَايَةُ الْعَدْلِ فَإِذَا رَكَعَ صَنَعَ الطّائِفَتَانِ كَمَا صَنَعُوا أَوّلَ مَرّةٍ فَإِذَا جَلَسَ لِلتّشَهّدِ سَجَدَ الصّفّ الْمُؤَخّرُ سَجْدَتَيْنِ وَلَحِقُوهُ فِي التّشَهّدِ فَيُسَلّمُ بِهِمْ جَمِيعًا .



كَانَ الْعَدُوّ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ فَإِنّهُ كَانَ تَارَةً يَجْعَلُهُمْ فِرْقَتَيْنِ فِرْقَةً بِإِزَاءِ الْعَدُوّ وَفِرْقَةً تُصَلّي مَعَهُ فَتُصَلّي مَعَهُ إحْدَى الْفِرْقَتَيْنِ رَكْعَةٌ ثُمّ تَنْصَرِفُ فِي صَلَاتِهَا إلَى مَكَانِ الْفِرْقَةِ الْأُخْرَى وَتَجِيءُ الْأُخْرَى إلَى مَكَانِ هَذِهِ فَتُصَلّي مَعَهُ الرّكْعَةَ الثّانِيَةَ ثُمّ تُسَلّمُ وَتَقْضِي كُلّ طَائِفَةٍ رَكْعَةً رَكْعَةً بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ .



وَتَارَةً كَانَ يُصَلّي بِإِحْدَى الطّائِفَتَيْنِ رَكْعَةً ثُمّ يَقُومُ إلَى الثّانِيَةِ وَتَقْضِي هِيَ رَكْعَةً وَهُوَ وَاقِفٌ وَتُسَلّمُ قَبْلَ رُكُوعِهِ وَتَأْتِي الطّائِفَةُ الْأُخْرَى فَتُصَلّي مَعَهُ الرّكْعَةَ الثّانِيَةَ فَإِذَا جَلَسَ فِي التّشَهّدِ قَامَتْ فَقَضَتْ رَكْعَةً وَهُوَ يَنْتَظِرُهَا فِي التّشَهّدِ فَإِذَا تَشَهّدَتْ يُسَلّمُ بِهِمْ .



وَتَارَةً كَانَ يُصَلّي بِإِحْدَى الطّائِفَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فَتُسَلّمُ قَبْلَهُ وَتَأْتِي الطّائِفَةُ الْأُخْرَى فَيُصَلّي بِهِمْ الرّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ وَيُسَلّمُ بِهِمْ فَتَكُونُ لَهُ أَرْبَعًا وَلَهُمْ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ .



كَانَ يُصَلّي بِإِحْدَى الطّائِفَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ وَيُسَلّمُ بِهِمْ وَتَأْتِي الْأُخْرَى فَيُصَلّي بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ وَيُسَلّمُ فَيَكُونُ قَدْ صَلّى بِهِمْ بِكُلّ طَائِفَةٍ صَلَاةً .



وَتَارَةً كَانَ يُصَلّي بِإِحْدَى الطّائِفَتَيْنِ رَكْعَةً فَتَذْهَبُ وَلَا تَقْضِي شَيْئًا وَتَجِيءُ الْأُخْرَى فَيُصَلّي بِهِمْ رَكْعَةً وَلَا تَقْضِي شَيْئًا فَيَكُونُ لَهُ رَكْعَتَانِ وَلَهُمْ رَكْعَةٌ رَكْعَةٌ.

وَهَذِهِ الْأَوْجُهُ كُلّهَا تَجُوزُ الصّلَاة بِهَا .

-قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ كُلّ حَدِيثٍ يُرْوَى فِي أَبْوَابِ صَلَاةِ الْخَوْفِ فَالْعَمَلُ بِهِ جَائِزٌ . وَقَالَ سِتّةُ أَوْجُهٍ أَوْ سَبْعَةٌ تُرْوَى فِيهَا كُلّهَا جَائِزَةٌ

-وَقَالَ الْأَثْرَمُ : قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللّهِ تَقُولُ بِالْأَحَادِيثِ كُلّهَا كُلّ حَدِيثٍ فِي مَوْضِعِهِ أَوْ تَخْتَارُ وَاحِدًا مِنْهَا ؟ قَالَ أَنَا أَقُولُ مَنْ ذَهَبَ إلَيْهَا كُلّهَا فَحَسَنٌ . وَظَاهِرُ هَذَا أَنّهُ جَوّزَ أَنْ تُصَلّيَ كُلّ طَائِفَةٍ مَعَهُ رَكْعَةً رَكْعَةً وَلَا تَقْضِي شَيْئًا وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ عَبّاسٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ وَطَاوُوسٍ وَمُجَاهِدٍ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَالْحَكَمِ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ .

-قَالَ صَاحِبُ " الْمُغْنِي " : وَعُمُومُ كَلَامِ أَحْمَدَ يَقْتَضِي جَوَازَ ذَلِكَ وَأَصْحَابُنَا يُنْكِرُونَهُ .

-وَقَدْ رَوَى عَنْهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ صِفَاتٍ أُخَرَ تَرْجِعُ كُلّهَا إلَى هَذِهِ وَهَذِهِ أُصُولُهَا وَرُبّمَا اخْتَلَفَ بَعْضُ أَلْفَاظِهَا وَقَدْ ذَكَرَهَا بَعْضُهُمْ عَشْرَ صِفَاتٍ وَذَكَرَهَا أَبُو مُحَمّدِ بْنُ حَزْمٍ نَحْوَ خَمْسَ عَشْرَةَ صِفَةً وَالصّحِيحُ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوّلًا وَهَؤُلَاءِ كُلّمَا رَأَوْا اخْتِلَافَ الرّوَاةِ فِي قِصّةٍ جَعَلُوا ذَلِكَ وُجُوهًا مِنْ فِعْلِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَإِنّمَا هُوَ مِنْ اخْتِلَافِ الرّوَاةِ . وَاَللّهُ أَعْلَمُ .

رد مع اقتباس