بسم الله الرحمن الرحيم
. قَوْله ( بِالْكَلِمَةِ ) ليس معناه اللفظة الواحدة كتعال واذهب بل الجملة من الكلام المفهوم وقد تكون عدة جمل من الشر والوقيعة عند السلطان بمسلم أو سخرية واستهزاء بالدين فيلقيه من غير تثبت تهاونا بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتثبت قبل النطق بالكلمة
فهي كما قال الحافظ الْكَلَام الْمُشْتَمِل عَلَى مَا يُفْهِم الْخَيْر أَوْ الشَّرّ سَوَاء طَالَ أَمْ قَصُرَ , كَمَا يُقَال كَلِمَة الشَّهَادَة , وَكَمَا يُقَال لِلْقَصِيدَةِ كَلِمَة فُلَان .
قَوْله ( مَا يَتَبَيَّن فِيهَا ) أَيْ لَا يَتَطَلَّب مَعْنَاهَا ,
أَيْ لَا يُثْبِتهَا بِفِكْرِهِ وَلَا يَتَأَمَّلهَا حَتَّى يَتَثَبَّت فِيهَا فَلَا يَقُولهَا إِلَّا إِنْ ظَهَرَتْ الْمَصْلَحَة فِي الْقَوْل .
وعند مُسْلِم " مَا يَتَبَيَّن مَا فِيهَا " وَهَذِهِ أَوْضَح ,
. قَوْله ( يَزِلّ بِهَا ) أَيْ يَسْقُط .
قَوْله ( أَبْعَد مَا بَيْن الْمَشْرِق ) مَا بَيْن الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب " قَوْله " مَا بَيْن الْمَشْرِق " لَفْظ بَيْن يَقْتَضِي دُخُوله عَلَى الْمُتَعَدِّد وَالْمَشْرِق مُتَعَدِّد مَعْنًى
إِذْ مَشْرِق الصَّيْف غَيْر مَشْرِق الشِّتَاء وَبَيْنهمَا بُعْد كَبِير ,
وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون اِكْتَفَى بِأَحَدِ الْمُتَقَابِلَيْنِ عَنْ الْآخَر
مِثْل ( سَرَابِيل تَقِيكُمْ الْحَرّ ) قَالَ : وَقَدْ ثَبَتَ فِي بَعْضهَا بِلَفْظِ " بَيْن الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب "
قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ : الْكَلِمَة الَّتِي يَهْوِي صَاحِبُهَا بِسَبَبِهَا فِي النَّار هِيَ الَّتِي يَقُولهَا عِنْد السُّلْطَان الْجَائِر ,
وَزَادَ اِبْن بَطَّال : بِالْبَغْيِ أَوْ بِالسَّعْيِ عَلَى الْمُسْلِم فَتَكُون سَبَبًا لِهَلَاكِهِ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الْقَائِل ذَلِكَ لَكِنَّهَا رُبَّمَا أَدَّتْ إِلَى ذَلِكَ فَيُكْتَب عَلَى الْقَائِل إِثْمهَا , وَالْكَلِمَة الَّتِي تُرْفَع بِهَا الدَّرَجَات وَيُكْتَب بِهَا الرِّضْوَان هِيَ الَّتِي يَدْفَع بِهَا عَنْ الْمُسْلِم مَظْلِمَةً أَوْ يُفَرِّج بِهَا عَنْهُ كُرْبَةً أَوْ يَنْصُر بِهَا مَظْلُومًا .
وَقَالَ غَيْره فِي الْأُولَى : هِيَ الْكَلِمَة عِنْد ذِي السُّلْطَان يُرْضِيه بِهَا فِيمَا يُسْخِط اللَّه ,
قَالَ اِبْن التِّين : هَذَا هُوَ الْغَالِب , وَرُبَّمَا كَانَتْ عِنْد غَيْر ذِي السُّلْطَان مِمَّنْ يَتَأَتَّى مِنْهُ ذَلِكَ .
وَنُقِلَ عَنْ اِبْن وَهْب أَنَّ الْمُرَاد بِهَا التَّلَفُّظ بِالسُّوءِ وَالْفُحْش مَا لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الْجَحْد لِأَمْرِ اللَّه فِي الدِّين .
وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاض : يَحْتَمِل أَنْ تَكُون تِلْكَ الْكَلِمَة مِنْ الْخَنَى وَالرَّفَث ,
وَأَنْ تَكُون فِي التَّعْرِيض بِالْمُسْلِمِ بِكَبِيرَةٍ أَوْ بِمُجُونٍ , أَوْ اِسْتِخْفَاف بِحَقِّ النُّبُوَّة وَالشَّرِيعَة وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِد ذَلِكَ
. وَقَالَ الشَّيْخ عِزّ الدِّين بْن عَبْد السَّلَام : هِيَ الْكَلِمَة الَّتِي لَا يَعْرِف الْقَائِل حُسْنهَا مِنْ قُبْحهَا , قَالَ : فَيَحْرُم عَلَى الْإِنْسَان أَنْ يَتَكَلَّم بِمَا لَا يَعْرِف حُسْنه مِنْ قُبْحه .
ذكره بن حجر ثم قال
قُلْت : وَهَذَا الَّذِي يَجْرِي عَلَى قَاعِدَة مُقَدَّمَة الْوَاجِب .
وَقَالَ النَّوَوِيّ : فِي هَذَا الْحَدِيث حَثّ عَلَى حِفْظ اللِّسَان , فَيَنْبَغِي لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْطِق أَنْ يَتَدَبَّر مَا يَقُول قَبْل أَنْ يَنْطِق
, فَإِنْ ظَهَرَتْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ تَكَلَّمَ وَإِلَّا أَمْسَكَ . تبيه كل ماذكر يمكن أن يدخل فعلى المسلم التثبت ممايقول
قال تعالى مايلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد
__________________
ماهر بن ظافر القحطاني المشرف العام على مجلة معرفة السنن و الآثار maher.alqahtany@gmail.com
|