مجلة معرفة السنن والآثار العلمية

مجلة معرفة السنن والآثار العلمية (http://www.al-sunan.org/vb/index.php)
-   الأحاديث الصحيحة فقهها وشرحها (http://www.al-sunan.org/vb/forumdisplay.php?f=25)
-   -   هل الحدود كفارات..؟ (http://www.al-sunan.org/vb/showthread.php?t=4480)

أبو حمزة مأمون 04-07-2009 12:27PM

هل الحدود كفارات..؟
 
جاء في صحيح البخاري : عن عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا وَهُوَ أَحَدُ النُّقَبَاءِ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَحَوْلَهُ عِصَابَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا تَسْرِقُوا وَلَا تَزْنُوا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ وَلَا تَعْصُوا فِي مَعْرُوفٍ فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ سَتَرَهُ اللَّهُ فَهُوَ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ فَبَايَعْنَاهُ عَلَى ذَلِك
قال الحافظ في الفتح :
قوله : ( فعوقب به ) قال ابن التين : يريد به القطع في السرقة والجلد أو الرجم في الزنا . قال : وأما قتل الولد فليس له عقوبة معلومة ، إلا أن يريد قتل النفس فكنى عنه ، قلت : وفي رواية الصنابحي عن عبادة في هذا الحديث ( ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ) ولكن قوله في حديث الباب " فعوقب به " أعم من أن تكون العقوبة حدا أو تعزيرا . قال ابن التين : وحكي عن القاضي إسماعيل وغيره أن قتل القاتل إنما هو رادع لغيره ، وأما في الآخرة فالطلب للمقتول قائم ؛ لأنه لم يصل إليه حق . قلت : بل وصل إليه حق أي حق ، فإن المقتول ظلما تكفر عنه ذنوبه بالقتل ، كما ورد في الخبر الذي صححه ابن حبان وغيره " إن السيف محاء للخطايا " ، وعن ابن مسعود قال " إذا جاء القتل محا كل شيء " رواه الطبراني ، وله عن الحسن بن علي نحوه ، وللبزار عن عائشة مرفوعا " لا يمر القتل بذنب إلا محاه " فلولا القتل ما كفرت ذنوبه ، وأي حق يصل إليه أعظم من هذا ؟ ولو كان حد القتل إنما شرع للردع فقط لم يشرع العفو عن القاتل ، وهل تدخل في العقوبة المذكورة المصائب الدنيوية من الآلام والأسقام وغيرها ؟ فيه نظر . ويدل للمنع قوله " ومن أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله " فإن هذه المصائب لا تنافي الستر ، ولكن بينت الأحاديث الكثيرة أن المصائب تكفر الذنوب ، فيحتمل أن يراد أنها تكفر ما لا حد فيه . والله أعلم .
ويستفاد من الحديث أن إقامة الحد كفارة للذنب ولو لم يتب المحدود ، وهو قول الجمهور . وقيل لا بد من التوبة ، وبذلك جزم بعض التابعين ، وهو قول للمعتزلة ، ووافقهم ابن حزم ومن المفسرين البغوي وطائفة يسيرة ، واستدلوا باستثناء من تاب في قوله تعالى ( إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم ) والجواب في ذلك أنه في عقوبة الدنيا ، ولذلك قيدت بالقدرة عليه .


Powered by vBulletin®, Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd